الصحفي بشير عياش يكشف لـ"اقتصاد" خفايا مزوّر جوازات سوري في تركيا

كشف إعلامي سوري عن وجود نحو 500 ألف شخص يحملون جوازات سفر سورية مزوّرة، تكلفة كل جواز منها 1300 دولار على الأقل، وقد تصل لنحو 4 آلاف دولار للمهاجر، وأن المردود المادي من وراء هذه الجوازات المزورة يصل إلى رقم خيالي وهو 650 مليون دولار أمريكي كحد أدنى، أي ما يعادل 52 مليار ليرة سورية.

هذه المعلومات والأرقام توصل إليها الإعلامي "بشير عياش" رئيس تحرير موقع "سوريا بوست" بعد لقائه السري بمزور يبلغ من العمر27 عاماً، ويدعى "أبو العمر" ادعى أنه "لبّى رغبة السوريين، وقرر العمل في تزوير الجوازات والشهادات القانونية ورخص القيادة، بهدف تسهيل تحرّكات أبناء وطنه ومعاملاتهم القانونية حول العالم"، معتبراً أن ما يقوم به بالتعاون مع شبكات التزوير الأخرى، "لا يعتبر عملية نصب واحتيال، بل خدمة للسوريين المضطرين، أو الذين يحاولون زيارة أقاربهم في دول الخليج وتعرقلهم مشكلة جواز السفر".

وقال المزور المذكور إنه "منذ نهاية عام 2011 وحتى شهر تشرين الأول- أكتوبر 2014 الماضي، زوّر بالتعاون مع شبكة مزوّرين في لبنان والأردن وتركيا ما يقارب 200 ألف جواز سفر، تكلفة الجواز الواحد لا تقل أبداً عن 1300 دولار أمريكي، دون أن يقيد بسجلّات النظام السوري.

حول ظروف لقائه بالمزور الشاب "أبو العمر" يقول الصحفي بشير عياش لـ"اقتصاد":

تعرفت على المزور "أبو العمر" منذ عام تقريباً من خلال منشوراته التي كان ينشرها على "فيسبوك" وخدماته التي أعلن عنها في إصدار وتجديد جوازات السفر للسوريين.

وعرضت عليه فكرة اللقاء الصحفي فاستجاب دون صعوبة تُذكر"، ويضيف عياش: "جرى اللقاء في مكتب خاص به عبارة عن منزل مستأجر في إحدى المدن التركية بشرط عدم التصوير، ويؤكد عياش أن "المكتب المذكور كان يحتوي على أدوات التزوير التي لم يكن صاحب المنزل التركي يعلم بها، وهي طابعة كبيرة، ومقص أوراق، وآلاف الأوراق، وكمبيوتر للتصميم، وأختام بالعشرات لشهادات التعليم والجوازات والتمديد وعقود الزواج .. إلخ، فلكل شهادة -كما يقول عياش- ختم معين إلى جانب عشرات اللصاقات المخصصة لتمديد الجوازات، والجوازات الفارغة، وأجهزة ليزر لكشف الجوازات المزورة".

وأشار عياش إلى أن "المزوّر كان يأتي بالجوازات من أفرع الهجرة والجوازات النظامية في سوريا"، وأنه مع كثافة الأوراق والطابعات الموجودة والمصمم، شكّك بالأمر، ليتضح فيما بعد أن "أبو العمر" مرتبط بشبكة تزوير.

وأضاف عياش قائلاً:"هناك شبان عاطلون عن العمل، ينشرون أنهم يعملون في التزوير، وعندما يأتيهم الزبون يزوّرون الجواز عند هذا الرجل وتكون لهم نسبة، وهو المزوّر الرئيسي لهؤلاء، ولشركائه في سوريا داخل النظام".

وتابع: "أنا زرته باسم شبكة "سوريا بوست" وتأكدت أنه كان يخفي عني كثيراً من المعلومات عن شبكته خشيةً على نفسه أو مصدره المالي، ولكن كان يبدو عليه الثراء الفاحش من جرّاء هذا العمل غير الشرعي".

وعند سؤاله عن كيفية حصول المزور "أبو العمر" على جوازات فارغة أجاب عياش: "إن الحصول على جوازات فارغة من داخل النظام أمر في منتهى السهولة، فهناك موظفون في النظام لا زالوا يسكنون في المناطق المحررة، ويمررّون هذه الأوراق أو الجوازات للمزورين بأسعار عالية".

ويشرح الصحفي عياش –حسب أبو العمر- أن "هناك مستويات عدة للتزوير فـ "الجواز النظامي 100% أي الصادر عن النظام لكنه غير مقيّد تصل تكلفته لـ2500 دولار للسوري، والجواز المزوّر 70% يكون الجواز فارغا من عند النظام وتتم تعبئته من عند المزور، أما الجواز المزور 100% فهو الذي يصنع في مكتبه بالكامل من الأوراق للمعلومات، وتبلغ تكلفته عادة 1000 دولار.

ويردف:"إن هذا الأمر يشكّل خطورة على سوريا، وخصوصاً أن نسبة كبيرة من المستفيدين من هذه الجوازات المزورة غير سوريين".

وفيما إذا اكتشف"موهبة" التزوير لدى أبو العمر مباشرة قال عياش:"لم أشاهده يزور أي جواز أمامي، لأن زيارتي له كانت أقل من ساعة، ولكنني علمت منه أنه بدأ هذا النشاط نهاية عام 2011 ولم تكن لديه خبرة قبل الثورة –حسب كلامه- وأنه يمتلك اليوم خبرة بعدم كشف الجواز من أكثر من ناحية، وأباح لي أن "70% ممن حملوا تلك الجوازات، استطاعوا أن يسافروا فيها عبر المطارات الدولية، و30% كٌشف أمرهم واستردوا أموالهم من المزوّر الذي زوّر لهم الجواز أو سعى في تمديده عبر لصاقة التجديد".

وأكد الصحفي عياش لـ"اقتصاد" أن "المزور أبو العمر حاول قدر الإمكان الابتعاد عن التفاصيل فيما يتعلق بآلية عمله وأنه –أي المزور- أخفى أموراً عن عمله لو كشف عنها فستضره، مثل طريقة التزوير، ونوع الورق، وهل معه متعاونون أتراك وما شابه ذلك".

ومن جانب آخر كشف الصحفي "بشير عياش" أن المزور المذكور "مارس عمله ولا يزال بشكل سري وهو دائم التنقل كي لا يُكشف، وإذا سئل عن عمله يقول إنه مكتب إعلامي، إذ إنه مرتبط فعلاً بشبكة أخبار سورية محلية معروفة على "فيسبوك" والسلطات التركية تسمح لهذه المكاتب بالعمل داخل أراضيها".

ولدى سؤاله إن كان هناك أشخاص كثيرون غير المزور "أبو العمر" يقومون بنفس النشاط في تركيا قال عياش:"بالتأكيد هناك غيره، لكن في المنطقة التي هو فيها أعتقد أنهم كلهم يرجعون إليه، لأن إمكانياته كبيرة، ومواده ثمنها آلاف الدولارات وأعتقد أنه معتمد لدى عشرات الأشخاص الذين يزورون الجوازات بأدواته ويكون لهم نسبة منها".

ترك تعليق

التعليق