الأسعار ترتفع عشرة أضعاف في الغوطة الشرقية بعد إغلاق معبر مخيم الوافدين

تزداد الحياة قساوة على أهالي غوطة دمشق الشرقية، المحاصرة منذ حوالي سنتين، لاسيما بعد أن أغلقت قوات النظام السوري مؤخراً معبر مخيم الوافدين بشكل نهائي، حيث كان هذا المعبر يعتبر الطريق الوحيد الذي يصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والمناطق الخاضعة للنظام بريف دمشق، وكانت الحواجز النظامية تسمح بتمرير بعض البضائع والمواد الغذائية إلى داخل الغوطة عبر هذا المعبر، بل وكان المعبر مصدر “رزق” للضباط والعناصر القائمين على تلك الحواجز وفق نشطاء المنطقة.

أزمة إنسانية

لعل هذا الإغلاق كان له وقع كارثي على أهالي مدن وبلدات الغوطة الشرقية، حيث زادت معاناتهم اليومية، وباتوا مهددين أكثر من السابق بكارثة إنسانية حقيقية، على اعتبار أن جزءاً كبيراً من المواد الغذائية غابت عن أسواقهم، في حين أن جزءاً آخر ارتفعت أسعاره بطريقة جنونية.
لفتت سيدة من مدينة دوما، أن أهالي المنطقة اليوم مهددين “بمجاعة”، فالأسعار قفزت بطريقة غير مقبولة، مشيرة إلى أنّ سعر كيلو الرز وصل اليوم إلى 1800 ل.س (حوالي 10 دولار)، في حين أنَّ ربطة المعكرونة تباع بين الـ 1700 إلى 1900 ل.س، أما كيلو السكر فيباع بـ 2500 ل.س، ولم يكن سعره يتجاوز قبل حوالي شهر 250 ل.س.
وتابعت المصدر بأن هذا الغلاء شمل أيضاً البرغل الذي وصل ثمنه إلى 1900 ل.س، في حين أن أنواعاً غذائية أخرى باتت مفقودة تماماً من الأسواق كالبطاطا وحليب الأطفال على سبيل المثال.

واقع النقاط الطبية

ومن جانبه بيَّن أحد الناشطين الإغاثيين في المدينة، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، بأنَّ الوضع في غوطة دمشق يزداد تأزماً، لاسيما أنَّ شح المواد الغذائية وغلائها، إنما يتزامن مع قصف متواصل تشنه قوات النظام على بلدات الغوطة ومدنها لاسيما مدينة دوما، حيث يستهدف مدارسها وأبنيتها السكنية، وهو ما يودي يومياً بحياة عشرات المدنيين، مبيناً صعوبة إسعاف المصابين جراء القصف وبالتلي باتت مهمة إنقاذه حياتهم صعبة جداً، بسبب الظروف السيئة في المشافي الميدانية التي تعاني بدورها من نقص في الأدوات والمستلزمات الطبية، حتى البسيطة منها، كالقطن والشاش وإبرالاتهاب والمسكنات، بالإضافة إلى شح الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية.

ولطالما عانت النقاط الطبية في الغوطة من صعوبات في تأمين مستلزماتها، كما بيّن المصدر، إلا أن إغلاق المعبر جعل من هذه المعاناة تتضاعف فلاسبيل اليوم لدعم المشافي الميدانية بأية طريقة.

النظام ليس المتهم الوحيد..
ما يزيد الطين بلة في الغوطة اليوم أن أصابع الاتهام في الكارثة الإنسانية لاتتوجه إلى قوات النظام فحسب، إنما إلى تجار الغوطة، ومن يتغاضى عن أفعالهم من قيادي فصائل المعارضة المسيطرة على المنطقة، وفي هذا الإطار، اشتكى أحد السكان من ظاهرة احتكار المواد الغذائية التي باتت منتشرة في بلداتهم وقراهم، حيث أفرغ التجار البضائع من الأسواق، وعملوا على تخزينها، ومن ثم طرحها تدريجياً في الأسواق بأسعار مرتفعة “جداً” مقارنة بأسعارها الحقيقية.
وهو ما أكده ناشط إعلامي معارض من مدينة دوما، حيث اتهم بدوره التجار بأنهم ساهموا بمعاناة سكان المنطقة، من خلال فرض حالة الاحتكار دون محاسبة أو مسائلة من قبل الفصائل المعارضة أو القضاء الموحد.

أهالي دوما يتظاهرون.. والأسعار ترتفع 10 أضعاف

ولعل ما يجري في الغوطة اليوم، كما تابع المصدر، أدى إلى خروج أهالي مدينة دوما مؤخراً بعدة مظاهرات طالبوا خلالها قادة فصائل المعارضة والقضاء بمحاسبة التجار الفاسدين، واصفين إياهم “بتجار الدم”، مشيراً إلى أن مطالب الأهالي لم تلقى آذاناً صاغيةً حتى الآن، وهو ما جعل من السكان يستمرون بالخروج بمظاهراتهم السلمية.

ولم يخف الناشط الإعلامي، أن البضائع في الغوطة كانت تكفي سكانها لعدة أشهر وذلك وفق تصريحات القيادات والفصائل العسكرية المعارضة، إلا أن التفاف الجميع على مصلحة المدنيين، واختفاء السلع من الأسواق بهذه الطريقة، إنما جعل الأسعار في الغوطة ترتفع منذ حوالي الشهرين حتى اليوم عشرة أضعاف أسعارها السابقة.. أي قبل أغلاق المعبر بشكل نهائي.

وأوضح المصدر أن معبر الوافدين لطالما كان مغلقاً خلال حصار قوات النظام لمدنهم في محاولة من الأخير إرضاخ السكان من خلال تجويعهم، إلا أن الحواجز العسكرية النظامية، كانت تسمح بمرور المواد الغذائية بين الفترة والأخرى بالتعاون مع تجار من داخل الغوطة، وذلك لقاء مبالغ طائلة مستغلة حاجة السكان إلى إطعام أبنائهم، حيث كانت آخر الشحنات التي دخلت إلى المنطقة خلال أيام عيد الأضحى الماضي، ليتم بعدها إغلاق المعبر بشكل نهائي وعدم السماح بإدخال المساعدات نهائياً.

ولم يخف المصدر أن هذا الحصار القاسي إنما يترافق مع حملة عسكرية “شرسة” تشنها طائرات الجيش النظامي ومدافعه مستهدفة الأحياء السكنية والمدارس، وهو ما يذهب ضحيته يومياً أطفال ونساء وشيوخ، وهو ما يترافق مع محاولات متكررة من قبل قوات النظام لاقتحام غوطة دمشق.

يذكر أنه يقطن في مدن وبلدات الغوطة الشرقية وحسب إحصائيات ناشطين معارضين، حوالي 750 ألف نسمة محاصرين ولا يستطيعون الخروج من المنطقة منذ حوالي سنتين.

ترك تعليق

التعليق