الـ"بوابيري".. مهنة مندثرة تعود للحياة في عفرين السورية

ألقت الأزمة السورية المستمرة منذ أربع سنوات بظلالها على كافة مناحي الحياة، إذ عادت الكثير من الحرف اليدوية القديمة التي كانت بحكم المندثرة إلى الظهور مجددا، وفي مقدمتها حرفة "البوابيري" أو مصلح مواقد الكاز (البابور)، التي باتت منتشرة في أسواق مقاطعة عفرين (شمال غربي سوريا).

حسن علاوي، بوابيري، يقول لمراسل الأناضول "نتيجة الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي، وغلاء سعر أسطوانة الغاز المنزلي الذي ارتفع من 250 إلى 5 آلاف ليرة (من 1 إلى 20 دولار)، اضطر الأهالي للبحث عن أدوات بديلة لتلبية متطلباتهم الحياتية اليومية".

ويتابع "من الأدوات البديلة التي عادت الكثير من العائلات لاستخدامها البابور، الذي يستخدم في الطهي وتسخين المياه وغيرها، سواء في المدينة أو الريف، بحيث تكاد لا ترى منزلا يخلو من البابور".

"اللوكس (مصباح الكاز) أيضاً عاد للظهور، وهو يشبه الفانوس لكنه أكبر حجما وضوءه أكثر إنارة، وانتشاره يتركز في الريف نظرا للانقطاع الدائم في التيار الكهربائي، أما في المدينة فاستخدامه قليل نتيجة اعتماد الأهالي على مولدات الكهرباء"، يضيف البوابيري السوري.

نوري علي بوابيري آخر في الخمسين من عمره يشير إلى أنه "حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي كانت حرفة البوابيري منتشرة، لكن بسبب تطور الحياة وانتشار استخدام الأجهزة الكهربائية الحديثة تضاءل انتشار الحرفة لتغدو فقط مظهرا فلكلوريا".

ويستدرك "في السابق، أي قبيل الحرب قلما كان يأتينا من يريد تصليح بابور، حيث كان يأتينا زبون أو اثنان كل شهر، أما الآن فنقوم بتصليح 4 – 5 بوابير يوميا، وأحيانا يصل العدد لعشرة، وبالإضافة لتصليح البوابير القديمة نقوم بتصنيع بوابير جديدة، لكن شكلها يختلف عن تلك القديمة والتي تتميز بقاعدتها النحاسية الصفراء، فالجديدة شكلها كموقد الغاز المنزلي العادي، لكننا نضيف إلى جانبها أسطوانة صغيرة للكاز، ورأس نحاسي في المنتصف".

وعن أسعار بضاعته يوضح عليّ "البابور الجديد ثمنه يبلغ حوالي 4 آلاف ليرة (16 دولار) وهذا أقل من ثمن القديم المستعمل الذي يصل سعره حتى 10 آلاف (40 دولار)، أما أجرة تصليح البابور فتتراوح بين 200 – 3500 ليرة (1- 12.5 دولار) حسب العطل، فالكثير من المواد التي تستخدم في التصليح والتي كنا نشتريها سابقا من مدينة حلب أصبحنا نشتريها الآن من بلاد أخرى، مثل تركيا والهند، وهذا يرفع من كلفة التصليح".

 المواطن السوري محمد جميل يلفت بدوره إلى أن "من كان يحتفظ ببابور قديم مركون في سقيفة المنزل أو المستودع أعاد إخراجه واستعماله، ومن لا يمتلك يشتري واحدا جديدا، فبسبب ظروف الحرب اضطررنا للعودة لنمط المعيشة الذي كان موجودا قبل ثلاثة عقود".

ويردف "بالرغم من أن سعر الكاز مرتفع مقارنة بالسابق لكنه يبقى أرخص من الغاز، كما أن الحرارة التي يعطيها البابور أعلى من موقد الغاز ومن السخان الكهربائي".

ومقاطعة عفرين، ذات الغالبية الكردية، هي واحدة من مقاطعات الإدارة الذاتية الثلاث، التي أعلن عنها مطلع العام الماضي (المناطق الكردية شمال وشمال شرق سوريا) من قبل مجموعة من الأحزاب والمنظمات الكردية والعربية والسريانية، ويتبع لها 366 قرية.

وارتفع عدد سكان عفرين من حوالي 650 ألف نسمة قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد في مارس/ آذار 2011، إلى أكثر من مليون نسمة، بحسب مصادر كردية، بعدما توجه نازحون من مناطق سورية أخرى إليها كونها لا تتعرض عادة لقصف من قوات النظام السوري.

ترك تعليق

التعليق