الإعلان عن ولادة الاتحاد العام للمنظمات المدنية في الداخل السوري


في إطار الخطوات التي تتخذها فعاليات المجتمع المدني، لتنظيم عملها وتحقيق أهدافها في المناطق السورية المحررة من سلطة نظام الأسد، شهدت محافظة درعا انعقاد المؤتمر التأسيسي لتشكيل اتحاد منظمات المجتمع المدني في الداخل السوري، والذي ضم المنظمات المدنية في محافظات ريف دمشق ودرعا والسويداء والقنيطرة، كنواة أولى للاتحاد العام، يتبعها خطوات لاحقة تنضم إليه جميع المنظمات المدنية في المحافظات السورية.

وأكد معتز الجباوي، رئيس الاتحاد، أهمية هذه الخطوة في تأطير العمل المؤسساتي للمنظمات المدنية العاملة في  سوريا، وتفعيل أنشطتها في المجالات المختلفة، لافتاً إلى أن الاتحاد يضم أكثر من ثمانين منظمة خيرية وإغاثية وتعليمية في المناطق المحررة في المحافظات الجنوبية الأربع، كخطوة أولى. وسيكون المقر المؤقت في محافظة درعا ينتقل بعدها إلى العاصمة دمشق بعد تحريرها من سلطة النظام.
 
وأشار الجباوي في حديث لـ "اقتصاد" إلى "أن فكرة تأسيس الاتحاد بدأت مع انتشار منظمات المجتمع المدني، ومنذ انطلاق الثورة السورية في العام 2011، لكن النظام كان يحارب ذلك ويمنع تشكيل هذه المنظمات في المجتمع السوري، لا بل ويعتقل كل من كان يفكر بتشكيل مثل هذه المنظمات"، لافتاً إلى أن تشكيل هذه المنظمات بدأ بشكل طوعي، بهدف إلى تقديم الخدمات للأهالي والمواطنين النازحين من بيوتهم بفعل عمليات التهجير القسري، هرباً من عمليات القصف والقتل والتدمير التي قامت بها قوات نظام الأسد في معظم المناطق السورية.

وأضاف أنه وأمام هذه الأوضاع المأساوية التي يعاني منها المجتمع السوري، وخاصة الأطفال والنساء، نتيجة الأعمال القمعية، الممنهجة لقوات النظام، فكان لابد من إيجاد آلية لتنظيم عمل هذه المنظمات في تشكيل واحد، يكون قادراً على ضبط عملها وتأهيل كوادرها، وتحسين أدائها، ورفع مستوى خبراتها، فجاءت فكرة تشكيل الاتحاد العام لمنظمات المجتمع المدني، ليكون موجهاً ومساعداً لكل هذه المنظمات، للقيام بدورها ومسؤولياتها في تقديم الخدمات للسوريين بعيداً عن أية تحيزات مذهبية أو طائفية أو مناطقية أو دينية، واعتبار الناس في سوريا سواسية، انطلاقاً من القيم الإنسانية، دون الالتفات إلى أي ممارسات من شأنها أن تعيق هذا العمل الإنساني.
 
وقال الجباوي "إن من أهم التحديات والصعوبات التي يواجهها الاتحاد، هو ضعف التمويل المالي للاتحاد، حيث لم تقدم أي جهة  حتى الآن للاتحاد أية مساعدات، سواء مالية أو عينية"، مضيفاً أن الأعضاء يتكفلون بهذه النفقات من أموالهم الخاصة، ومشيراً إلى أن الاتحاد الذي يمارس أنشطته في أربع محافظات، يحتاج إلى مساعدات مالية كبرى لتحقيق أهم أهدافه، والمتمثلة "بدمج المجتمع المحلي بشكل كامل".

 واستطرد الجباوي بأن التحدي الآخر الذي يواجه عمل الاتحاد، هو رفض بعض الأشخاص لهذا الاتحاد  بسبب أفكارهم المسبقة، حيال مفهوم  "المدنية", لافتاً إلى أن الاتحاد يسعى إلى احتواء هؤلاء، وتعديل وجهات نظرهم حول ذلك، من خلال دورات تدريبية، وبرامج توعوية بهذا الخصوص.

وحول تأخر تشكيل الاتحاد رغم مرور هذه السنوات من عمر الثورة، قال الجباوي "إن التأخر في الإعلان عن تشكيل الاتحاد حتى هذه الفترة يعود إلى حالة الخوف من بطش النظام، واستهدافه لمقرات هذه المنظمات ومكاتبها في المحافظات، وعدم وجود كوادر متطوعة مؤهلة قادرة على العمل، إضافة لعدم وجود التمويل المادي الكافي لإطلاق عمل الاتحاد"، لافتاً إلى أن الاتحاد لا يرتبط بأي جهة أو منظمة أو دولة، وأن عمله يتركز في هذه المرحلة على تأهيل الكوادر العاملة في منظمات المجتمع المدني، من خلال إقامة دورات لهم في مجالات حقوق الإنسان وإدارة المشاريع والحوكمة والدعم النفسي للطفل والمرأة والسلامة العامة، إضافة إلى المجال الطبي التطوعي، وتمكين الشباب, وتمكين المرأة وحقوق الإنسان في القانون الدولي، وغيرها من المجالات.

الدكتور يعقوب العمار، رئيس مجلس محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، أكد "أن مجلس المحافظة يبارك مثل هذه الخطوة في توحيد منظمات المجتمع المدني تحت إطار كبير وعام"، لافتاً إلى أن مجلس المحافظة يسعى بالتعاون مع إدارة الاتحاد إلى تنظيم عمل هذه المنظمات، والتعاون معها، وتنظيم عملية منح التراخيص لها.

وأشار إلى أن مجلس المحافظة شارك في المؤتمر التأسيسي للاتحاد، وقام بالتعاون مع الاتحاد بوضع الصياغة القانونية لبعض النقاط المتعلقة به.
 
من جهته، أكد الدكتور عبد الكريم الحريري، رئيس المنظمة السورية للدراسات والخدمات، أهمية تشكيل الاتحاد العام لمنظمات المجتمع المدني ليكون مظلة للعمل المدني, لافتاً إلى أن إنشاء الاتحاد يعتبر خطوة إيجابية نحو العمل المدني المنظم والمستمر، والذي ينصب في مصلحة المجتمع السوري.

 وأشار الحريري إلى أنه وبسبب ظهور الكثير من منظمات المجتمع المدني في مناطق الجنوب السوري، وهيمنة بعض الجهات عليها وتفردها بأنشطتها، أدى ذلك إلى تشتيت الجهود والأهداف، ما تطلب البحث عن جسم يكون مظلة للعمل المدني، لتثمر جهود الشباب التطوعية، وبعد عمل مضنٍ، عن تأسيس الاتحاد العام لمنظمات المجتمع المدني في الداخل، حيث تم خلال مؤتمره التأسيسي، إقرار النظام الداخلي لعمل الاتحاد، الذي يعتبر في مرحلة تأسيسية تستمر ستة أشهر، يتم بعدها الدعوة لمؤتمر عام، يتم خلاله انتخاب مجلس إدارة جديد ومكاتبه التنفيذية.
 
وأشار الحريري إلى أن عمل المنظمات المدنية في المناطق المحررة يعاني من مشكلات كبيرة، وتواجهه صعوبات جمة، من أبرزها قلة التمويل المادي، وعدم وجود خبرات وكوادر مؤهلة للقيام بأعمال المجتمع المدني، وصعوبة التواصل بين المناطق المحررة، والعجز الكبير عن تلبية الاحتياجات المتنامية للمجتمع، بسبب قيام قوات النظام بتدمير معظم مشاريع البنية التحتية، إضافة إلى  تدمير منازل السوريين وممتلكاتهم الخاصة.

من جهته، أكد ناجح الزوباني ممثل منظمة أمل الغد التعليمية، أن منظمات المجتمع المدني، لا تتمتع بالشفافية الكافية، وكوادرها الحالية لا تتمتع بالخبرة المطلوبة لتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية، لافتاً إلى أن منظمات المجتمع المدني سيكون لها دور كبير إذا ما أُوكلت أمور إدارتها ومهامها إلى كوادر كفوءة، وقدمت مشاريعها حسب الأولويات والاحتياجات.
 
وأضاف أن ولادة اتحاد عام للمنظمات المدنية في سوريا ضرورة ملحة لتنظيم عمل هذه المنظمات، و"نحن نعول عليه كثيراً في دراسة مشاريع المنظمات وتبويبها حسب أهميتها، وفي حل المشكلات التي تعترض عمل المنظمات، ويسعى إلى توحيد الأهداف والكلمة", لافتاً إلى أن منظمة "أمل الغد" هي عبارة عن منظمة تعليمية, تعمل على تقوية الطلاب من خلال إقامة الدورات لكل المراحل التعليمية بما فيها الجامعية، والعاملون فيها هم من المدرسين الأكفاء، الذين فقدوا وظائفهم بسبب مواقفهم المؤيدة للثورة، وهم يعملون بشكل تطوعي، وبلا أي مقابل سوى السعي إلى الحفاظ على العملية التعليمية، واستمراريتها والحفاظ على الجيل من الضياع.

ترك تعليق

التعليق