جريدة أمريكية.. الأسد يشتري النفط والغاز من "الدولة"

نشرت جريدة "دايلي بيست" الأميركية، السبت، مقالاً للمحلل في شؤون الطاقة ماثيو ريد، بعنوان: "الأسد يشتري النفط من داعش".

وحسب ترجمة وعرض نشرته جريدة "المدن" الالكترونية، جاء في المقال: "إذا كنت تصدق روسيا، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يقف على قمة مخطط لتهريب 200 ألف برميل نفط يومياً من الدولة الإسلامية، بما يساوي مليارات الدولارات، ويساهم في توزيعه وتصديره إلى الأسواق العالمية". حتى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصف حجم عمليات التهريب بـ"الصناعي". وقال بوتين إن "اسقاط تركيا لطائرة روسية، جاء ليحمي نفط داعش، وطرق تهريبها للنفط إلى الموانئ" حيث يتم شحنها في ناقلات النفط.

لكن المقالة، تفند المزاعم الروسية، وتحلل طرق "داعش" في إنتاج النفط وبيعه. فالغالبية من النفط الذي تنتجه "داعش" يتم شراؤه من قبل تجار محليين في مناطق سيطرتها. و"داعش" لا تُسيّر صهاريج نقل للنفط خاصة بها، فذلك يعتبر إهداراً للمصادر والقوة البشرية. بدلاً من ذلك، تعتمد "داعش" على مئات الوسطاء الذين يجلبون صهاريجهم الخاصة، ويشترون النفط نقداً من الحقول التي تسيطر "داعش" عليها. الكاتب يقول: لو كانت "الدولة الإسلامية" بلداً عادياً، كنا سنسمي هؤلاء الوسطاء رجال أعمال أحرار، وفي الصناعة نسميهم بالوسطاء "مزودي الخدمات"، ممن يعملون لحسابهم الخاص.
ولا يذهب نفط "داعش" ليباع بعيداً، بحسب المحلل، ففي الحقيقة، من الأرخص والأسهل للوسطاء أن يبيعوه إلى من يملك محطات تكرير قريبة من السكان المحليين.

إدعاءات روسيا، بأن "داعش" تنتج 200 ألف برميل، هو محض افتراء أيضاً، فبحسب التقديرات الأميركية، لم يسجل انتاج النفط "الداعشي" أكثر من 55 ألف برميل/يومياً مطلع العام 2015، وهبط مع نهاية العام إلى 40 ألف برميل. فالتنظيم لا يملك القدرة والمعدات اللازمة لانتاج النفط بغزارة أكبر. وإذا اقتطعت حاجات السوق المحلية في مناطق "داعش" والتي يقطنها 5 ملايين إنسان، وحاجات التنظيم لدعم آلته العسكرية، فيبدو الانتاج الراهن غير كافٍ لتلبية كافة الإحتياجات.

المحلل، يشير إلى أن لـ"داعش" ترتيبات سرية مع دول الجوار، وبالتأكيد تركيا ليست من ضمنها. فالنظام السوري  فتح علاقات "بزنس" مع "داعش" منذ اللحظة الأولى، كما فعل مع "جبهة النصرة" وفصائل المعارضة التي سيطرت على أصول الطاقة في الحرب. الكاتب يؤكد أن الرئيس بشار الأسد عيّن رجلاً للتعامل مع "داعش": جورج حسواني، الذي وضع على قوائم العقوبات الأوروبية منذ آذار/مارس 2015، وعقوبات وزارة الخزينة الأميركية في تشرين ثاني/نوفمبر.

وزارة الخزينة الأميركية، لحظت شركة الحسواني "HESCO" للهندسة والبناء، نتيجة تنفيذها لنشاطات هندسية في حقول نفط لـ"داعش". وبتتبع موجة الغارات الأخيرة، التي نفذتها الولايات المتحدة، ضد أهداف نفطية للتنظيم، فقد اعترف المسؤولون الأميركيون بأن تلك الشبكة كانت أكثر مرونة وتمويهاً مما كان متوقعاً.

وزارة الخزينة الأميركية، في نهاية أيلول/سبتمبر، ألمحت إلى أن انتاج النفط في مناطق "داعش" قد ارتفع هذا العام، ما يرجح قيام هذا القطاع الانتاجي بمساعدة الحسواني رجل الأسد.

الكاتب يؤكد أنه من غير المعروف كيف توصل "داعش" النفط للأسد، ولكن لا شكّ أن الأسد يحتاج النفط. فانتاج النظام من النفط في النصف الأول من العام 2015، لم يتجاوز 10 آلاف برميل/يومياً. كان ذلك قبل انسحاب القوات الموالية للأسد من مناطق غنية بالنفط. و"مع كل تلك العيون في السماء، لا يمكن كشف كميات النفط الداعشي التي تصل عبر الأنابيب إلى مصافي النفط في مناطق سيطرة النظام". وهناك ثغرات حرجة، في البيانات الرسمية السورية. في نيسان/إبريل، قال وزير النفط السوري، إن 106 ألاف برميل يتم تكريرها يومياً. ولكن الصحافة التجارية يمكنها فقط تبيان مصدر 85 ألف برميل، والبقية لا يمكن تتبعها.

بالإضافة إلى النفط، فإن "داعش" أوصلت الغاز الطبيعي إلى النظام. وهذه الصفقات أكثر واقعية، لأن "داعش" لا تستطيع استخدام الغاز، ولا بيعه لأحد آخر: إذ يجب التقاط الغاز من المصدر وضخه في الأنابيب. المستخدمون الحصريون الموصولون إلى حقول الغاز، هم محطات الطاقة، وحدات المعالجة والتكرير، والمعامل. وبدلاً من الغاز، النظام يقوم بتزويد مناطق "داعش" بالكهرباء، ويقوم التنظيم بجباية الضرائب عنها.

وفي حقول الغاز الطبيعية، كما في تلك المحيطة بتدمر، يتم انتاج سائل "هيدروكربوني" خفيف، بالإضافة إلى الغاز، وهو ما تأخذه "داعش" وتقوم بتحويله إلى وقود، بينما يجد الغاز طريقه عبر الأنابيب إلى مناطق سيطرة النظام غرباً.

ترك تعليق

التعليق