حينما يتم تسليم رواتب الموظفين بـ "الشوالات".. هل اقتربت هذه المرحلة؟

كان لافتاً التقرير الذي أعده موقع "روسيا اليوم" عن وضع الليرة السورية، في أعقاب الانهيارات المتسارعة التي تعرضت لها، وأدت إلى انخفاضها إلى مستويات قياسية أمام الدولار، تجاوزت الـ 500 ليرة..

  حيث أشار التقرير إلى أن مصرف النظام المركزي بات يفتقد إلى السيولة اللازمة من الدولار لضخها في الأسواق، وهو ما أدى إلى كل هذا الانهيار لليرة..

وعلى الجانب الآخر، فإن مصرف النظام المركزي، وبدل أن يعلن عجزه ويقود مرحلة مختلفة في إدارة وضع الليرة السورية، أخذ يوزع الاتهامات شرقاً وغرباً، محملاً المسؤولية تارة لما أسماهم بـتجار الأزمات، وتارة أخرى للصفحات الإعلامية التي تتاجر بأسعار الصرف بشكل وهمي، حسب وصفه.

أما الخطوة التي اتخذها المركزي، بواجهة حكومية، في أعقاب عملية توزيع الاتهامات، فكانت  الإيعاز للأجهزة الأمنية والقضائية بملاحقة تجار العملة في السوق السوداء في محاولة لإقناع الجمهور، بصحة هذه الاتهامات، حيث أعلنت الأجهزة القضائية عن إلقاء القبض على أكثر من 70 متعاملاً بالدولار، وألقت عليهم تهماً اقتصادية بالتسبب بانهيار العملة السورية.. لكن المفاجئة في الموضوع أن سعر صرف الليرة ظل محافظاً على مستويات مرتفعة..

تذكرنا هذه المعالجة لأزمة انخفاض الليرة السورية، بالحل الأمني الذي اتبعه النظام في مواجهة الثورة السورية، وهو ما أدى إلى اشتعالها أكثر بدل أن يعالجها.. فهل نشهد سيناريو مشابهاً بالنسبة لليرة السورية..؟

قد ينجح المركزي، باستخدام البطش، في تخفيض سعر صرف الليرة، واحتكار بيع الدولار بالسعر الذي يحدده، ولكن هذا النجاح لن يكون إلا مؤقتاً، لأن العوامل التي تتحكم بسعر صرف الليرة، اقتصادية، وتخضع لعملية العرض والطلب، والاستيراد على حساب التصدير.. وهو السبب الحقيقي الذي أدى إلى استنزاف موارد المركزي من الدولار في الأشهر الأخيرة.
 
اليوم يتطلع الكثير من الاقتصاديين والمراقبين، بفزع، إلى وضع الليرة السورية، إذ أعلن الدكتور نضال الشعار، وزير الاقتصاد الأسبق، أننا يجب أن لا نتفاجئ إذا وصلت الليرة إلى الآلاف في المرحلة القادمة، عازياً السبب بالدرجة الأولى إلى العقوبات الاقتصادية التي طالت السوريين، قبل النظام، حسب قوله.

وأضاف الشعار على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، أن انهيار العملة بشكل متسارع بات وشيكاً، بعد خمس سنوات من الحصار والحرب والدمار، لذلك ليس بمستبعد أن يصل الدولار إلى 5 آلاف ليرة سورية.

أمام هذا الواقع، الكثير يتساءلون، عن هوية المرحلة القادمة في حال انهيار العملة بشكل كامل، وهل سيؤدي ذلك إلى انهيار النظام..؟

قد تكون الإجابة على هذا السؤال مفجعة للكثيرين، بأن النظام ليس هو من سيدفع نتائج هذا الانهيار، وإنما الموظف والناس العاديين.. سوف يقوم النظام بكل بساطة بإصدار عملة محلية بلا رصيد، كما فعلت العديد من الدول التي مرت بأزمات مشابهة.. وعندها قد لا نستغرب إذا وصل سعر كيلو السكر إلى 100 ألف ليرة بالعملة المحلية الجديدة، وكيلو الخبر إلى 50 ألف.. بينما سيتم تسليم رواتب الموظفين بـ "الشوالات"..

في هذه المرحلة سوف يزداد الضغط على حياة الناس المعاشية، وسوف تتلاشى أغلب المواد، ذات المصدر الخارجي، من الأسواق، وتنشط سوق موازية وتجار أزمات جدد من أركان النظام بالدرجة الأولى..

وما يؤكد الخوف من الوصول إلى هذه المرحلة، هو الدعوات التي بدأ يتبناها اقتصاديون، بين ظهراني النظام، من أنه لا بد من الاهتمام بزيادة الإنتاج الزراعي على وجه الخصوص، تخوفاً من المجاعة، فيما لو انهارت سبل العيش الاقتصادي..

غير أن المركزي، وحكومة النظام، لا يزالان يصران على معالجة أسباب انخفاض الليرة، بالطرق التعسفية تارة، وبالتصريحات الإعلامية تارة أخرى.. وهي مرحلة لا بد منتهية، وبعدها سوف ينكشف الاقتصاد على سيول من الأزمات التي لن تنفع معها فيما بعد كلمة "ياريت"..

ترك تعليق

التعليق