قراءة مختص في الاتفاق الأوروبي التركي لإعادة اللاجئين


بدأت يوم الاثنين أولى عمليات ترحيل اللاجئين من اليونان باتجاه تركيا بناء على بنود الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي وتركيا بهدف وضع حد لتدفق اللاجئين من تركيا نحو بلدان الاتحاد الأوروبي, وسط تنديد العديد من المنظمات والجمعيات والشخصيات الحقوقية، ومن بينهم المحامي السوري غزوان قرنفل، رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، والمدير التنفيذي لمركز الكواكبي لحقوق الإنسان في تركيا.

 ويرى قرنفل أن الاتفاق هو انتهاك صارخ لأبسط قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان التي أعطت لكل إنسان الحق في طلب اللجوء والحماية.

"اقتصاد" أجرى حواراً مع المحامي غزوان قرنفل للحديث عن مضمون هذا الاتفاق ومشروعيته وآثاره وانعكاساته المختلفة على منظومة وقضية اللجوء بشكل عام، وأثره على اللاجئين السوريين في تركيا وعلى شبكات وعصابات تهريب البشر.

الاتفاق هو عملية مقايضة بين تركيا والاتحاد الأوروبي

يرى قرنفل أن تركيا هي الرابح الأكبر في هذا الاتفاق الذي هو عبارة عن عملية مقايضة بين تركيا والاتحاد الأوروبي بموجبها تعيد اليونان اللاجئين الذين وصلوا إلى الجزر اليونانية انطلاقاً من السواحل التركية بعد تاريخ 20/3/2016.

وبالمقابل تقوم تركيا بإرسال لاجئ شرعي إلى دول الاتحاد الأوروبي مقابل كل لاجئ غير شرعي معاد إليها.

 إضافة لحصول تركيا على مساعدات مالية تقدر بـ 3 مليار يورو تضاف إلى 3 مليار يورو حصلت عليها سابقاً لتحسين أوضاع اللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي التركية.

 بالإضافة إلى إعفاء المواطنين الأتراك من فيزا "الشنغن" (تأشيرة الدخول) إلى دول الاتحاد الأوربي، وفتح الملفات المتعلقة بعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.
 
الاتفاق مخالف للقانون الدولي واتفاقية حقوق اللاجئين

وعن مشروعية الاتفاق وفق القانون الدولي، قال المحامي قرنفل أن هذا الاتفاق مشوب بعدم المشروعية لجهة مخالفته للقانون الدولي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق اللاجئين وخاصة المواد 31, 33, من الاتفاقية، لأنه لا يجوز إبعاد شخص التمس الحماية أو طلب اللجوء في دولة وصل إليها، ولا يجوز حتى مساءلته عن عدم شرعية دخوله إلى تلك الدولة لأنه جاء طالباً للحماية واللجوء، ويتعين على السلطات في الدولة التي وصل إليها النظر في طلبه باللجوء والفصل فيه وإتاحة الطعن أمام القضاء المختص بالقرار في حال رفض  طلبه، إضافة إلى أن من تتم إعادته هو بالدرجة الأولى إنسان، وله حقوق ومن واجب دول الاتحاد الأوروبي النظر في طلب لجوئه.

 واستطرد قرنفل أن إعادة اللاجئين إلى تركيا تحديداً يعد انتهاكاً آخر لقواعد القانون الدولي ويجعل اتفاقية حقوق اللاجئين ذاتها محل شك، لأن تركيا بلد له تحفظات على اتفاقية حقوق اللاجئين، وبالتالي، هؤلاء المعادين لن يحصلوا على صفة لاجئ في تركيا.

 ما هو أثر الاتفاق وانعكاساته على اللاجئين السوريين في تركيا؟

رغم مخالفة الاتفاق لقواعد القانون الدولي واتفاقية اللجوء، إلا أنه في حال تطبيق بنوده بوجه صحيح من ناحية إرسال لاجئ سوري مقابل كل لاجئ تتم إعادته، يعتقد المحامي قرنفل أن ذلك سيكون إيجابياً للاجئين السوريين في تركيا الذين ستكون لهم فرصة إعادة التوطين في دول الاتحاد الأوروبي بشكل شرعي بعيداً عن مخاطر الهجرة غير الشرعية.

هل يوجد آلية محددة بموجب الاتفاق لاختيار اللاجئين السوريين ممن سيعاد توطينهم إلى دول الاتحاد الأوروبي؟

يجيب قرنفل، "هنا تكمن المشكلة الحقيقية، أن لا أحد يعلم أين يسجل نفسه كطالب إعادة توطين، فإلى الآن لا توجد جهة محددة مكلفة بهذا الأمر غير الحكومة التركية، ويكاد يكون دور مفوضية اللاجئين التي يفترض أنها المرجع المختص بقضايا إعادة التوطين، محدود".

ويضيف قرنفل: "بحسب رأيي لو أرادت الدول الأوربية إتباع سبل صحيحة لإعادة توطين اللاجئين السوريين في تركيا بإمكانها ذلك من خلال فتح مواقع الكترونية لتسجيل طالبي اللجوء وهي بعد ذلك تختار من تراه مناسباً، لكن إناطة الاختيار بالسلطات التركية يبدو أنه يعود لأسباب ودواعٍ أمنية، منها خوف دول الاتحاد من وصول أشخاص قد يهددون أمنها".

أثر الاتفاق على شبكات وعصابات تهريب البشر

يرى المحامي قرنفل أنه لن يكون لهذا الاتفاق تأثير كبير على نشاط عصابات وشبكات تهريب البشر، لأن مثل هذه الشبكات هي مافيات دولية قوية سرعان ما ستجد وسائل وطرق بديلة للهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي، بعد إيقاف خط الهجرة عبر تركيا، الأمر الذي أدى لعودة نشاط تلك الشبكات مجدداً لتهريب البشر من ليبيا إلى البر الايطالي، وهو ما دفع ليبيا إلى حث الاتحاد الأوروبي على عقد اتفاق معها على غرار الاتفاق مع تركيا، لإيقاف تلك الهجرة مقابل الحصول على مكاسب مالية واقتصادية.

ترك تعليق

التعليق