عبد الرحمن علاف لـ"اقتصاد": منظمات المجتمع المدني ستقود بناء سوريا الجديدة

رد رئيس مجلس إدارة الاتحاد السوري العام للجمعيات الخيرية والهيئات الإغاثية السورية، الدكتور عبد الرحمن علاف، ضعف عمل الجمعيات والمنظمات الإغاثية في الداخل السوري، إلى غياب التنظيم وقلة الخبرات، مشيراً في حديثه لـ"اقتصاد" إلى سعي الاتحاد لتدريب الكوادر العاملة في هذه المنظمات حتى تؤدي الدور المناط بها بالجودة الأمثل.

 وخلال اللقاء، اعتبر علاف أن منظمات المجتمع المدني هي بمثابة الشريان الرئيسي للحياة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

 وبينما حذّر من خطورة اعتماد الأمم المتحدة لمنظمة الهلال الأحمر كجهة وحيدة مسؤولة عن تلقي الدعم الطبي، شدد "لن نسمح بهذه الخطوة، وسنضغط نحن كمنظمات مجتمع مدني لمنع ذلك".

 وفيما يلي نص الحوار:

  بعد خمس سنوات من عمر الثورة السورية، ما هو تقيمكم لعمل الجمعيات الإغاثية السورية، هل أدت ما عليها؟

مع بداية الفراغ الحكومي في المناطق التي تمكنت المعارضة من فرض سيطرتها عليها، نشأت منظمات المجتمع المدني، هذا العمل بدأ بشكل غير منظم، وخصوصاً أن المجتمع السوري كان يعيش تصحراً مدنياً، نتيجة قمع النظام للجمعيات والعمل المدني.

مع بداية الثورة قمنا كنشطاء بتشكيل منظمات المجتمع المدني، دون تنظيم ودون الحصول على تراخيص، وبدون خبرات، ولذلك ورداً على سؤالك لا زال هناك قصور في عمل هذه الجمعيات على كثرتها.

- لازال هناك قصور بعد كل هذه المدة؟

العمل المدني تراكمي، ولا يأتي في مدة سنة، الآن صار لدينا خبرات، وهناك أشخاص بحاجة إلى تدريب، وعملنا الآن في الاتحاد منصب على تدريب الكوادر، لرفع الكفاءة.

 على سبيل المثال حتى أوضح، عندما بدأ العمل بمجلس محافظة حلب أو ادلب، كانت البداية بتنظيم أشبه ما يكون إلى جمعية صغيرة، لكن بمرور الوقت صارت هذه المجالس مؤسسات، وبالتالي تم انشاء سجل في هذه المجالس للجمعيات الإغاثية، ولمنظمات المجتمع المدني، وهنا بدأ العمل على تنظيم ومأسسة هذه الجمعيات.

- بعيداً عن الشق التنظيمي، ما يهمنا الآن المواطن العادي القاطن في المناطق المحررة، هل أدت هذه الجمعيات الدور الواجب عليها تجاه هذا المواطن؟

 نستطيع القول أن الجمعيات الإغاثية هي الأكثر فعالية على الأرض، أي حتى المجالس المحلية تتلقى دعمها الرئيسي من منظمات المجتمع المدني الوطنية، والأجنبية، وبالتالي فإن هذه الجمعيات تعمل على عدة اتجاهات تهم هذا المواطن، سواء المخابز، والمراكز الصحية، والإغاثة، والمشاريع الصغيرة، والمحاكم، ودعم المجتمع، أي لنجمل بجملة "المناطق المحررة مستمرة في حياتها من خلال دعم وعمل منظمات المجتمع المدني".

- البعض من سكان المناطق المحررة يتهم بعض هذه المنظمات بالفساد، ما تعليقكم على ذلك؟

حديثي السابق لا يعني أن الفساد غير موجود، لكن بالمقابل هنالك عمل واضح.

- تحدثنا عن الذي تقدمه هذه الجمعيات، بالمقابل ما هي العوائق التي تحول دون تقديم الخدمات بالجودة المطلوبة؟

الهم كبير جداً، اليوم لا يمكن لمنظمات المجتمع المدني بمبادرات فردية بسيطة، أن تغطي حاجة المجتمع السوري الذي يعاني من الفقر ومن الحرب.

ونتيجة لما سبق نحن نجهز أنفسنا، لنشكل قوة لهذه المنظمات حتى تقدم كل ما يمكن تقديمه للمجتمع، وحتماً ستكون المرحلة التي تعقب سقوط النظام، مرحلة تقودها منظمات المجتمع المدني، والدليل على ذلك أن المبعوث الأممي "ستيفان دي ميستورا" لجأ إلى مسؤولين من منظمات المجتمع المدني كمستشارين، وذلك لأن عليهم سيلقى الدور الأكبر في بناء سوريا الجديدة.

 - من أين تتلقى هذه المنظمات دعمها، وهل هذا الدعم مشروط؟

 نتلقى الدعم من جهات عدة، منها جهات خيرية متبرعة، ومن منظمات عالمية غربية، ومن جهات عربية مثل بيت الزكاة الكويتي، ومؤسسة عيد الخيرية القطرية، والحملة السعودية، وحتى نتلقى دعمنا من منظمات أوروبية، وأود أن أشير هنا إلى أن أغلب هذه الجمعيات الأخيرة هي جمعيات أسسها سوريون مغتربون.

 وجواباً على الشق الثاني من سؤالك، قد تكون هناك جهات داعمة لها أجندات، لكن عموماً هذه الجهات الداعمة ليس لها أجندات.

 - ماهي علاقتكم بالاتحاد مع الفصائل العسكرية الموجودة على الأرض؟

لا توجد لدينا مشاكل مع الفصائل بالمطلق، ونحن نتواجد في كل المناطق السورية التي تتواجد بها هذه الفصائل، من ريف دمشق و درعا إلى حماة وحلب وادلب.

- وماذا عن مناطق سيطرة تنظيم الدولة، الأهالي هناك يشتكون من غياب عمل الجمعيات الإغاثية، بالتالي السؤال هنا ما هو ذنب الأهالي هناك حتى يحرمون من تقديم الخدمات أسوة ببقية المناطق السورية؟

 وجود شبهة بين أي جهة عاملة في مناطق سيطرة التنظيم ومنظمة ما، يعني هذا جريمة بالنسبة للتنظيم، على سبيل المثال كان لدينا مجموعة من الاطباء مقيمين في مناطق التنظيم، وهم أعضاء في جمعية خيرية لعلاج مرضى السرطان، قدموا طلباً للتنظيم يبين أنهم يتلقون الدعم الطبي من منظمة موجودة في تركيا، وكان الرد من التنظيم بأنه يجب عليهم أن يقطعوا صلاتهم فوراً مع هذه الجهة، وإلا سيتعرضون للحساب، جراء تعاملهم مع جهات غربية كافرة.

ومثال آخر "جمعية اليمان" كانت جمعية نشطة في مدينة جرابلس، ولولا المضايقات التي تعرضت لها من التنظيم، لكانت إلى الآن مستمرة في عملها.

 - بالانتقال إلى الجمعيات العاملة في مناطق سيطرة النظام، هل الدعم الذي يقدم لكم يعادل الدعم المقدم لتلك الجمعيات؟

بالتأكيد لا، الجمعيات والمنظمات تتلقى دعماً أكبر، لكن العناصر المسلحة تقوم بسرقة هذا الدعم، ولاحظ الجميع ذلك، الكثير من المواد الإغاثية يتم توزيعها على أفراد الجيش والمجموعات التي تقاتل إلى جانب النظام، بينما يحرم المدني من هذه المواد، وتم توضيح هذا بأكثر من صورة تثبت ذلك.

في موضوع آخر، اليوم النظام يحاول السيطرة على الدعم الطبي من خلال منظمة "الهلال الأحمر"، النظام طلب من الأمم المتحدة أن يحصر التعامل الطبي مع الهلال الأحمر.

 - الأمم المتحدة تضغط باتجاه اعتماد منظمة الهلال الأحمر كجهة وحيدة للتعامل الطبي مع الحالة السورية، كيف ستتعاملون مع هذا؟

 نحاول أن نضغط كمنظمات مجتمع مدني لمنع هذا، إن اعتماد الهلال الأحمر هو خطوة من خطوات إعادة تأهيل النظام السوري، لن نسمح بالتأكيد بأن يكون الهلال الأحمر هو المسؤول الوحيد.

- الهلال الأحمر يقول أنه غير معني بالخلافات السياسية والصراع العسكري، بالمقابل أنتم لا تخفون موقفكم المعلن كمعارضة؟
 
الدور المناط بالهلال الأحمر هو الدور الحيادي لكن هذا لم نراه في عمل الهلال، لا شك بأن هناك أناس جيدين ضمن الهلال لكن التوجه العام للهلال هو توجه منحاز لصف النظام، جميع منظمات المجتمع المدني العاملة في مناطق النظام، هي جمعيات مسيسة.

- ختاماً كيف تقيمون علاقتكم بالحكومة المؤقتة؟

 علاقتنا جيدة، لكن ليس هناك عمل مشترك.

في سطور..

 عبد الرحمن علاف، محام سابق حاصل على شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة تورونتو انترناشيونال في كندا، عمل مستشاراً قانونياً في مديرية الأوقاف في مدينة حلب سابقاً، يعمل حالياً كرئيس مجلس إدارة للاتحاد السوري العام للجمعيات الخيرية والهيئات الإغاثية السورية، الذي يتألف من أكثر 120 جمعية وهيئة اغاثية، ناشطة في الداخل السوري.

ترك تعليق

التعليق