هوامش على سعر البندورة في الحسكة.. الذي وصل إلى ألفي ليرة للكيلو

المتابع لأسعار الخضار والفواكه وباقي المواد الغذائية في محافظة الحسكة، يكتشف أن المأساة ليست بوصول سعر كيلو البندورة إلى ألفي ليرة سورية.. فهي مادة يمكن التغاضي عن تناولها، بل إن أسعار باقي المواد الغذائية كلها شهدت ارتفاعات جنونية مع ندرتها واحتكارها من قبل التجار..

النظام من جهته برر هذه الارتفاعات في الأسعار، بسبب الحصار الطبيعي الذي تشهده المحافظة الهادئة، مقارنة مع باقي المناطق.. وهو حصار لا علاقة للمحافظة به لا من قريب ولا من بعيد، لكن المشكلة كلها وبحسب النظام أن الاشتباكات والمعارك في المناطق البعيدة أغلقت خطوط الإمداد عن المحافظة والتي كانت تستقبل الخضار والفواكه وباقي المواد الغذائية من حلب واللاذقية وغيرها..

ونحن من جهتنا نرى أن تجويع محافظة الحسكة ليس وليد هذه الاشتباكات، فهي فكرة قديمة، من أيام حافظ أسد الذي كان يتعامل معها كبقرة حلوب، يأخذ خيراتها ولكن دون أن يطعمها إلا بالشكل الذي يبقيها على قيد الحياة..

عندما جاء بشار إلى السلطة، استمر على نفس سياسة والده، والشيء الجديد الذي استخدمه هو مصطلح تنمية المنطقة الشرقية، في الخطابات والإعلام فقط..
 
وهو مصطلح غريب، أخذ المسؤولون يرددونه من خلف بشار كلما زار أحدهم محافظة الحسكة، دون أن يشرح ما هو المقصود بتنمية المنطقة الشرقية أو ما هي أدوات هذه التنمية..

في العام 2008، ذهبت برفقة وزير الاقتصاد الأسبق عامر حسني لطفي إلى الحسكة، من أجل افتتاح المنطقة الحرة في اليعربية مع الحدود العراقية التركية، وكان معنا عدد كبير من الصحفيين.. يومها طبل الإعلام وزمر كثيراً لهذه المنطقة، بأنها مفتاح لتنمية المحافظة بالكامل.. لكن عندما وصلنا إلى هناك لم نجد سوى أراض شاسعة خصبة تم الاستيلاء عليها من قبل النظام من أجل أن تكون منطقة حرة، في مكان لا يصلح أن تعيش وتعمل به حتى الوحوش..

أبناء المنطقة البسطاء، تراكضوا خلف سياراتنا، كما لو أنها المرة الأولى التي يقصدهم فيها مسؤول.. لقد شعروا بغرابة أشكالنا.. لدرجة ظن كثير منهم أننا لسنا سوريين، أو لربما هم من كان يشعرون بأنهم غير سوريين..!!

ظل الجفاء سيد الموقف خلال زيارتنا التي استغرقت أكثر من ثلاث ساعات.. تجمهر حولنا الناس من بعيد، عندما تم إحضار مناسف الطعام لنا وعددنا لم يكن يتجاوز الـ 20 مسؤولاً..!!، بينما كان الطعام يكفي لأكثر من ألف شخص بلا مبالغة.. كان صديقي الصحفي، مصطفى السيد، يرقب بعينين حزينتين المشهد.. قال لي بصوته العميق.. عوجة.. تفضل أستاذ على الأكل..

ترك تعليق

التعليق