"الرمثا".. مدينة أردنية تفتقر أسواقها للبضائع السورية مع اقتراب "رمضان"


تعيش مدينة الرمثا التابعة لمحافظة إربد الأردنية (أقصى شمال) وأسواقها التجارية، حالةً غير مسبوقة من تراجع في القوة الشرائية، على خلفية استمرار الأزمة السورية التي دخلت عامها السادس، وألقت بظلالها اقتصاديًا على المدينة.

أسواق "الرمثا" كانت مركزاً رئيساً للمواد التموينية والغذائية القادمة من الجارة سوريا، ويقصدها المواطنون من شتى أنحاء المملكة، لتأمين احتياجاتهم الأساسية لشهر رمضان الكريم من كل عام.

ومنذ 15 مارس/ آذار 2011 تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام اعتمد الخيار العسكري لوقف ما يسميها بـ"الأزمة"، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين قوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم، خلفت أكثر من 300 ألف قتيل، و10 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها.

وتحولت "الرمثا" إلى منطقة "منكوبة" اقتصادياً، وباتت مرارة العيش تعصف بساكنيها يومًا تلو الآخر، نتيجة انقطاع البضائع السورية التي كانت تُنعش أسواقهم وتفتح بيوتهم، بعد سيطرة قوى معارضة وفصائل سورية على معبري بلادهما مع الأردن، بمحافظة "درعا" جنوبي سورية، وهما "الجمرك القديم" الذي يقابله معبر "الرمثا" بالجانب الأردني (أكتوبر/تشرين أول 2013)، و"نصيب" الذي يقابله معبر "جابر" (إبريل/نيسان 2015).

وبحسب وجهاء وأصحاب محال ولاجئين، فإن متاجر المدينة هذا العام تخلو من أي منتج سوري، بالتزامن مع اقتراب شهر رمضان، الذي كان يشكل ذروة عمل الأسواق الأردنية لأهالي "الرمثا" وتجارها قبل الأزمة السورية.

يقول غازي أبو عاقولة، أحد وجهاء المدينة للأناضول، "شهر رمضان بالنسبة لنا شهر فرح وعبادة وتراحم، وكان له بالرمثا طعم آخر، وكان يمنحنا فرصة لمشاهدة كل أطياف الشعب الأردني ممن يقصدون المدينة لتأمين المواد الغذائية والتموينية السورية، فالمنتجات السورية تتمتع عامة بالجودة والسعر المنخفض".

ويمضي أبو عاقولة، بالقول "مرت علينا خمسة مواسم لرمضان خلال الأزمة السورية التي ما زالت مستمرة، والرمثا خاوية على عروشها، بينما كانت تكتظ شوارعها في السابق بالمواطنين في نفس الفترة من كل عام،.. وكنا نخرج ليلاً لمشاهدة المنظر اللافت والجميل للشوارع المزدحمة".

ويضيف "البضاعة السورية انقطعت والركود الاقتصادي عمّ المدينة، والقوة الشرائية تراجعت وأصبح التجار في ضائقة مالية مؤسفة نتيجة التزامهم بمبالغ مالية للبنوك، وكانوا قبل الأزمة السورية يؤجلون دفع المبالغ المترتبة عليهم لشهر رمضان، لأن حركته التجارية تغنيهم عن السنة بأكملها".

بدوره يقول، محمود أسعد حسن، (46 عاماً)، صاحب أحد المحال التجارية وسط سوق "الرمثا" للأناضول، "كما ترى لا يوجد في المحل أي منتج سوري.. تحولنا إلى المنتجات المحلية والمستوردة، وهي ذات أسعار مرتفعة، وأرباحها قليلة لا تقارن بما كنا نحققه من البضائع السورية".

في ذات السياق قال اللاجئ السوري خالد المحاميد، (35 عاماً) من مدينة درعا، "أنا أعمل في هذا المحل مع شريك أردني، واعتقدت في البداية أني سأتمكن من تلبية احتياجات عائلتي واستقطب زبائن الرمثا، لكن ما أنتجه هي مواد ثانوية وليست رئيسة خلال رمضان، واستهلاكها لا يقارن بالمنتجات الأخرى التي كانت تأتي من سوريا".

واختار "المحاميد" بعد ثلاثة أعوام على إقامته في المدينة الأردنية، أن يعيد العمل في صنعته المتمثلة بإعداد المخللات، معتقدًا أنه سيحقق مردوداً وعائداً مالياً يعينه على إعالة أسرته، لكنه وجد الواقع عكس ذلك، على حد قوله.

وتشير إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن أن "إربد"، تأتي في المركز الثاني بعد العاصمة عمّان، بين محافظات المملكة الأردنية استيعاباً للاجئين السوريين المسجلين لديها، بعدد وصل لنحو 138 ألفاً و460.

وبحسب بيانات الإحصاء الأردني نهاية 2015، بلغ عدد اللاجئين السورريين في المملكة 1.25 مليون لاجيء موزعين على بعض المحافظات الأردنية والمخيمات شمالي البلاد.

وكان النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الأردن "غسان خرفان"، قدّر في تصريحات سابقة للأناضول، خسائر بلاده من إغلاق الحدود مع سوريا والعراق بنحو ملياري دولار سنوياً.

كما قال "ينال البرماوي" المتحدث الرسمي في وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية للأناضول، في وقت سابق، إن "حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا تراجع بشكل كبير، جرّاء الحرب المشتعلة في الجارة الشمالية".

وأضاف، "بلغت صادراتنا إلى سوريا العام الماضي، 84.8 مليون دينار (119.568 مليون دولار) مقابل 181.4 مليون دينار (255.774 مليون دولار) لعام 2011، فيما بلغت واردتنا من سوريا 70.4 مليون دينار (99.264 مليون دولار) في 2015، مقابل 267 مليون دينار (376.47 مليون دولار) لعام 2011".

أما عن نوعية المواد التي كان يستوردها الأردن من سوريا ويصدرها إليها، أكد البرماوي أنها "الواردات كانت تتضمن السلع الأساسية من المواد الغذائية بالإضافة إلى الملابس والأحذية والجلود وغيرها، أما الصادرات فكانت المواد الغذائية والأدوية ".

وتابع "لم يقتصر أثر إغلاق الحدود على المبادلات التجارية بين البلدين، وإنما فقد الأردن خط الترانزيت البري الوحيد الذي كان يمر عبر الأراضي السورية، وبالتالي تراجعت صادرات الأردن الى بعض الأسواق مثل روسيا ولبنان".

ويعاني الأردن ظروفًا اقتصادية صعبة؛ نتيجة الأزمات التي تحيط به؛ فمن الحدود الشمالية الأزمة السورية، وفي الشرق، العراق الذي يعاني مشاكل أمنية صعبة جراء سيطرة "داعش" على مناطق واسعة من أراضيه، ما أدى إلى اتخاذ الحكومة العراقية قراراً بإغلاق معبر "طريبيل" الحدودي مع الأردن في يوليو/تموز 2015.

ترك تعليق

التعليق