إسدال الستارة على قضية أبناء حوض اليرموك العالقين في بلدة تسيل


بعد خمسة أيام متواصلة، قضاها أكثر من ألفي مواطن من أبناء حوض اليرموك في العراء، بالقرب من الحواجز المنتشرة بين بلدتي تسيل وعين ذكر، في حوض اليرموك، في ريف درعا الغربي، أُسدل الستار أخيراً على هذه القضية، وسمح أصحاب القرار لهؤلاء المواطنين، بالعودة إلى ديارهم، بعد مناشدات عدة أطلقتها فعاليات شرعية ومحلية.

وأشار مضر، 25 عاماً، إلى أن "الحواجز التابعة لبعض فصائل الثوار، سمحت له بالعودة إلى داره بعد أكثر من خمسة أيام قضاها مع مئات المواطنين، بين بلدة تسيل التي تخضع لسيطرة فصائل الجيش الحر، وبين بلدة عين ذكر، التي تقع تحت سيطرة جيش خالد بن الوليد المتهم بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك في ظروف مناخية صعبة".

وأضاف أنه أحد سكان منطقة حوض اليرموك، التي تخضع لحصار خانق، تفرضه بعض القوى الثورية، بهدف التضييق على جيش خالد بن الوليد وقطع الإمداد عنه، لافتاً إلى أن الحواجز أحياناً تسمح لبعض الأفراد من المنطقة بالمرور، سيراً على الأقدام، للتزود ببعض المواد الأساسية من بلدة تسيل والعودة إلى منطقة الحوض. لكن بحجة الأعمال العسكرية، ولأسباب مجهولة، مُنع المرور والعودة وبقي هؤلاء الأشخاص عالقين بين البلدتين.

ولفت عطا لله المحمد، 48 عاماً، وهو من سكان المنطقة، إلى أن "الوضع كان سيئاً جداً على الحواجز"، لافتاً إلى أن رحلة العودة كانت تبدأ يومياً منذ السابعة صباحا وحتى الثامنة مساءاً، وعلى مدار الأيام الخمسة التي قضاها الأهالي عالقين، حيث كانوا يعودون أدراجهم من حيث أتوا بسبب منعهم من قبل حواجز الجيش الحر من العبور إلى مناطقهم.

وأضاف أنها "رحلة مشقة كبيرة للحصول على لقمة الخبز وبعض المواد لأفواه أطفالنا، الذين بدأوا يعانون من سوء التغذية بسبب فقدان كل مقومات الحياة في منطقة حوض اليرموك نتيجة الحصار المفروض عليها"، مشيراً إلى أن المواطنين الذين علقوا بين البلدتين، تكبدوا خسائر مادية كبيرة نتيجة فساد المواد الغذائية التي كانت بحوزتهم كاللحوم والخضار والفواكه، والتي اضطروا إلى التخلص منها قبل أن تصل إلى أفواه أطفالهم المحرومين منها منذ أكثر من شهرين.

أبو جاسر، 55 عاماً، قال إن "كميات كبيرة من المواد الاستهلاكية المحملة بالسيارات لاتزال مشدرة، وتقف  في بلدة تسيل وأمام الحواجز منذ عدة أيام بانتظار السماح لها بالعبور"، لافتاً إلى أن هذه المواد أصبحت عرضة للخراب، وأنها ستشكل خسائر اقتصادية كبيرة لأصحابها.

ودعا أصحاب الضمائر الحية في درعا وفي كل مكان، إلى وضع حد لهذه المعاناة الإنسانية التي يعيشها نحو 50 ألف مواطن في منطقة حوض اليرموك، لاعلاقة لهم بمجريات الأحداث والنزاع العسكري بين الأطراف المتصارعة على أرض المنطقة.

فيما أكد أبو قاسم، 45 عاماً، أن "التنقل بين بلدتي عين ذكر وتسيل محفوف بالمخاطر"، وأن الإنسان عرضة للموت أو الإصابة في أي لحظة، نتيجة الاشتباكات بين الأطراف المتحاربة، لافتاً إلى أن خسائر بشرية كبيرة تكبدها المدنيون على الحواجز، في سعيهم لتأمين لقمة خبز أو بعض الطعام.

ولفت إلى أن لقمة العيش وتأمين الاحتياجات تدفع الناس إلى المغامرة بحياتهم، رغم معرفتهم بالأخطار التي تنتظرهم، لأنه لا حلول أخرى أمامهم، مشيراً إلى أنه منذ ثلاثة أيام ليس لدية لقمة خبز، أو حفنة طحين، لأفواه أطفاله.

العائدون إلى مناطقهم توجهوا بالشكر الجزيل لأهالي بلدة تسيل، والمناطق المحررة الأخرى، لوقوفهم إلى جانبهم في محنتهم، واستقبالهم لهم في بيوتهم، لافتين إلى أن ما قام به الأهالي يُعبّر عن القيم العربية، والإنسانية الأصيلة. 

الوضع في منطقة حوض اليرموك أصبح مقلقاً ومخيفاً للغاية، ويُنذر بأخطار إنسانية كبيرة، مع تواصل عمليات قطع الطرق، ومنع دخول المواد الأساسية والأدوية، والأمر الذي فاقم الأوضاع أكثر، الاستهداف المباشر للقرى والبلدات بالقذائف، ما دفع بالعديد من الفعاليات والهيئات الشرعية والمجالس المحلية في محافظتي درعا والقنيطرة إلى رفع الصوت عالياً، والمطالبة بوقف التضييق على سكان منطقة حوض اليرموك، وإنهاء معاناة الأهالي هناك، وتحريم قصف المناطق الآهلة بالسكان، وتحييدهم عن تجاذبات الصراع المسلح.

وقال هو أحد الوجهاء، إن الفعاليات المختلفة توجهت بنداء عاجل لأصحاب القرار بضرورة وقف حصار منطقة حوض اليرموك والسماح بإدخال المواد الأساسية، مشيراً إلى أن بوادر هذا النداء تجلت بالسماح بمرور العالقين في بلدة تسيل إلى مناطقهم في منطقة حوض اليرموك.

وعبّر عن أمله في أن تلقى هذه النداءات استجابات سريعة، وتضع حلولاً دائمة لأهلنا في أقصى الريف الغربي، حسب وصفه. 

لكن وعلى الرغم من المناشدات والأصوات التي ارتفعت، تنادي بوقف حصار منطقة حوض اليرموك، إلا أن الوضع مازال على حاله وفق شهادات أهل المنطقة، الذين أفادوا بأن الأوضاع الإنسانية أصبحت صعبة للغاية في ظل استهلاك كل المؤن وعدم توفر القمح والطحين والخبز وغياب كل المشتقات النفطية ومصادر الطاقة، وترافق ذلك مع موجة برد شديدة.

ودعا الأهالي إلى ترجمة هذه المناشدات إلى عمل فعلي على أرض الواقع، وإيجاد حلول فاعلة تنهي الحصار المفروض على المنطقة.

ترك تعليق

التعليق