إدلب.. المجلس المحلي المُنتخب، هل يسيطر العسكر على قراراته؟


 يعوّل أهالي مدينة إدلب على المجلس المحلي المنتخب حديثاً؛ في حل المشاكل التي تعاني منها المدينة، وسط غياب للكهرباء، وشح في المياه، وارتفاع في سعر رغيف الخبز، وغير ذلك من أمور خدمية يحتاجها المواطن الإدلبي، بينما يتخوّف آخرون من سيطرة قيادة جيش الفتح على قرارات الإدارة المنتخبة حديثاً.

 ورحبَّ عددٌ كبيرٌ من أهالي المدينة خلال حديثهم لـ"اقتصاد" بالخطوة، معتبرين إياها خطوة على الطريق الصحيح، في الاستفادة من الخبرات الإدارية التي يمتلكها أبناء المدينة، إضافة لنفي صفة سيطرة جيش الفتح على القرارات الإدارية في المدينة.

ويقول المدّرس "أسامة أبو محمد" لـ"اقتصاد" إنّ خطوة انتخاب مجلس محلي للمدينة ممتازة، مع أمنياتي في أن تُسهم في تخفيف الضغط على أهالي المدينة، الّذين يُعانون من غياب التيار الكهربائي، وندرة في وصول المياه إلى منازلهم، إضافة إلى تذبذب أسعار ربطة الخبز في السوق.

 ويدفع أهالي مدينة إدلب 2300 ليرة سورية شهرياً، عن كل أمبير كهرباء، ينير منازلهم فقط لثلاث ساعات، فيما لا تصل المياه إلى منازلهم سوى مرة في كل أسبوعين، ويتراوح سعر ربطة الخبز ما بين 125 وحتّى 200 ليرة سورية.

 وأشار "أبو محمد" إلى معاناة أهالي مدينة إدلب أيضاً، من انتشار ظاهرة السرقة وغياب الأمن، إضافة إلى الحالة المزرية للطرق، والتي تفاقمت مع قدوم فصل الشتاء- بحسب المدّرس القاطن في حي الثلاثين من مدينة إدلب-.

 كما تمّنى الناشط في المدينة "محمد دليل" خلال حديثه لـ"اقتصاد" أن يُسهم انتخاب المجلس المحلي، في حل المشاكل الخدمية التي تعاني منها المدينة، معبراً عن فرحته بالتجربة الانتخابية التي عاشتها المدينة خلال اليومين الماضيين.

ووصف رئيس مجلس إدارة البيت الإدلبي، عبد اللطيف الرحابي، خلال حديثه لـ"اقتصاد" العملية الانتخابية بـ"الشفافة"، مشيراً إلى أنّها جرت بالتعاون والتنسيق ما بين الفعاليات المدنية في إدلب، وجيش الفتح في المدينة.

ونوّه "الرحابي" الفائز في انتخابات محلي إدلب، إلى أنّ الفعاليات المنظمّة لانتخابات المجلس المحلي، اتفقت مع "جيش الفتح" على تسليمها، كافة المفاصل الخدمية في المدينة، قبل البدء بالعملية الانتخابية.

 واعتبر "الرحابي" المشاركة في الانتخابات "مقبولة" في ظل الظروف التي تعيشها المدينة، من غارات لطيران النظام عليها، وترّدي الأوضاع الأمنية فيها، منوهاً بقصف طيران النظام يوم الأربعاء للمركز الانتخابي، دون وقوع أضرار تذكر.

وشارك في انتخابات المجلس المحلي 1429 من أهالي المدينة، ممن انطبقت عليهم الشروط التي وضعتها اللجنة التحضيرية للهيئة الناخبة، وهي: أن "يملك سند إقامة في المدينة، يعرف القراءة والكتابة، وأن يكون عمره فوق 20"، حيث ترشح لعضوية المجلس 85 مرشحاً، فاز منهم 25 مرشحاً.

وبحسب مصادر "اقتصاد" فإنّ الفائزين في الانتخابات، والبالغ عددهم 25 شخصاً، سينتخبون 6 أعضاء مجلس محلي، وهم: "الرئيس، أمين السر، مدير المكتب المالي، مدير مكتب الدراسات، مكتب علاقات عامة، ومكتب الرقابة".

 من جهته، رأى محافظ إدلب السابق، عبد الرؤوف اعبيد، خلال حديثه لـ"اقتصاد"، أنّ الدافع لتخلي جيش الفتح عن إدارة المدينة، لصالح مجلس منتخب، هو امتناع معظم المنظمات عن دخول مدينة إدلب؛ كون إدارته تابعة لجيش الفتح، لذلك كان القرار في إدارة مدينة إدلب، ومجلس الشورى فيه، على تسليم الإدارة لأهل إدلب، ليتمكّنوا من تشكيل مجلس منتخب، رغبة من جيش الفتح في ألاّ يكون عائقاً في استقطاب أي دعم لأهالي المدينة.

وفي سياق العلاقة بين جيش الفتح، والمجلس المنتخب، أوضح "اعبيد"، قائلاً: "في الأمور المتداخلة مع جيش الفتح كإدارات معممة تسري كافة القرارات الإدارية الصادرة عن جيش الفتح، على كل الإدارات ومنها إدلب، فمثلاً في موضوع الصحة هي مفصل معمم على كامل المحافظة فقرارنا على الصحة كجيش الفتح إدارياً، وليس فنياً، ساري وينطبق كذلك على التربية، أما بالنسبة للأمور الأخرى، فلا رابط بين الجيش والمجلس سوى الأدبيات".

 وأرجع "اعبيد" فشل الإدارة المدنية لجيش الفتح في حل المشاكل التي تُعاني منها إدلب، إلى أمرين، وهما: "عدم تقبّل الشارع الإدلبي لإدارة من خارج المدينة، إضافة إلى امتناع المنظمات عن التعامل مع إدارة جيش الفتح".

 بدوره، تخوّف "عمر أبو محمود"، وهو من أهالي مدينة إدلب، خلال حديثه لـ"اقتصاد" من سيطرة العسكر على قرار مجلس الإدارة المنتخبة، وأن تكون التغيرات شكلية لا أكثر ولا أقل.

الأمر الذي ردّ عليه "اعبيد"، بالقول: "لن نقف عائقاً في وجه تطوّر المدينة، وجيش الفتح تخلى عن إدارة إدلب في كل مفاصلها، وسيسلمها للمجلس المُنتخب دون قيد أوشرط".

ورأى مسؤول سابق في الإدارة المدنية لجيش الفتح، فضّل عدم نشر اسمه، خلال حديثه لـ"اقتصاد" أنّ الخطوة إيجابية جداً، معيباً عليها التأخير، مثنياً على وصول "جيش الفتح" إلى القناعة بقدرة أهالي مدينة إدلب على إدارة مدينتهم، متمنياً أن تُسهم هذه الخطوة في التكفير عن الكوارث التي تسببت بها الحالة الفصائلية للجيش في إدارة المدينة.

وأشار إلى أنّ الأمر الجوهري في التغير الحاصل في إدارة إدلب، هو الولاء للأهالي من قبل المجلس المنتخب، على عكس ما كانت عليه الأمور في ظل إدارة جيش الفتح، وهي الولاء للفصيل، وتحقيق مكاسب فصائلية على حساب أهالي المدينة.

 وتفاءل المسؤول السابق في الإدارة المدنية لجيش الفتح بالمجلس المنتخب، مشيراً إلى أنّ نتائج أعماله خلال الأشهر الست القادمة، ستنعكس على الحالة الخدمية للمدينة نحو الأفضل، لما يملكه من كفاءات وخبرات في مجالات متنوّعة، رابطاً الأمر بمدى وفاء الفصائل بالتزاماتها، ودرجة صدقيتها في الوعود التي قطعتها للقائمين على المجلس المُنتخب.

وسيطر جيش الفتح المكّون من ائتلاف عدة فصائل من أبرزها "فتح الشام، أحرار الشّام، وفيلق الشّام"، على مدينة إدلب، في 29 آذار/ مارس من عام 2015، وأخضع المدينة لإدارته خدمية، من خلال تشكيل إدارة مدنية، تعتمد نظام المداورة بين الفصائل في مكاتبها، وسمى لها محافظاً، يتم تغييره كل 6 أشهر، بالتناوب ما بين الفصائل المكونة للجيش.

(أسماء الفائزين في انتخابات المجلس المحلي في إدلب)

ترك تعليق

التعليق