الخمس المهلكات بين إيران والنظام السوري


 تحاول وسائل إعلام النظام الابتعاد عن الدخول في تفاصيل الاتفاقيات الخمس التي وقّعها رئيس وزارء النظام عماد خميس مع طهران، وتكتفي بالقول أنها في مجال النفط والغاز والزراعة والفوسفات والنقل والاتصالات.

 وكان الحدث الأبرز في هذه الاتفاقيات والذي سلطت وسائل الإعلام الأضواء عليه، هو حصول إيران على رخصة المشغل الثالث للخليوي في سوريا، بينما لم تشر بالتفصيل إلى طبيعة الاتفاقيات الأخرى والتي لا تقل خطورة عن المشغل الثالث، بحسب ما أشار محللون موالون للمعارضة.

 وامتلأت خلال اليومين الماضيين، صفحات الناشطين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من التعليقات على هذه الاتفاقيات والتي رأوا فيها استباقاً إيرانياً لتثيت وضعها على الأرض السورية قبل بلورة أي اتفاق بين النظام والمعارضة، في المفاوضات المزمع إجراؤها الأسبوع القادم في الأستانة، وتدعمها روسيا وتركيا.

 وأشار الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي، عدنان عبد الرزاق، إلى أن هذه الاتفاقيات هي لتسديد ديون الأسد على إيران التي تجاوزت الـ 7 مليارات دولار بعد الاتفاق الجديد على منح النظام قرضاً بقيمة 3.5 مليار دولار بالإضافة إلى 4 مليارات دولار سابقاً.

 وأوضح عبد الرزاق في ريبورتاج له في صحيفة العربي الجديد، نقلاً عن محللين، أن الاتفاقيات جاءت لأكثر القطاعات ربحية، وذات عوائد مالية مرتفعة، إذ ركزت على قطاع الطاقة والاتصالات، لتأتي الاتفاقيات الأخرى من قبيل الترضية لإيران، سواء المتعلقة بالقطاع الزراعي أو الثروة الحيوانية.

 بينما رأى آخرون بأنها اتفاقيات سياسية أكثر منها اقتصادية، نظراً لصعوبة تطبيقها على الأرض في ظل الظروف الحالية للبلد، والهدف منها الضغط على المعارضة والدول الداعمة لها وبالذات دول الخليج العربي التي تستشعر أكثر من غيرها الخطر الإيراني في الملف السوري.

ومن أبرز ما تم التصريح به عن هذه الاتفاقيات بالإضافة إلى حصول إيران على المشغل الثالث، هو الاتفاق على إنشاء ميناء نفطي في اللاذقية تديره إيران، الأمر الذي اعتبره محللون تحدياً للوجود الروسي في المنطقة الساحلية، ويمنح إيران المزيد من السيطرة على قرار النظام في المنطقة الأكثر ولاءاً له.

 بدوره، رأى الدكتور عماد الدين المصبح، المحلل والأكاديمي الاقتصادي، أن هذه الاتفاقيات هي عملية تقنين احتلال سوريا من قبل ايران وتمليكها بكل بساطة.

 وأضاف المصبح في تصريح خاص لـ "اقتصاد" أنه يجب مواجهة هذه الاتفاقيات بأي شكل وإلغائها في المستقبل مشيراً إلى أن هناك حق قانوني لأي دولة بالمصادرة فيما لو تسلمت المعارضة زمام الأمور في البلد.

 وأشار المصبح، المُدرّس في الجامعات السعودية، أن هذا يمكن التعويل عليه من قبل الحكومات ما بعد مرحلة الحكم الانتقالي، إذ يجب أن يكون ذلك بنداً في البرامج الانتخابية لأي حزب أو تيار سياسي، لافتاً إلى أنه إذا تفاعل الناس مع هذا المطلب يمكن منعه مستقبلاً.

 وعن أهمية هذه الاتفاقيات ومدى القدرة على تطبيقها على الأرض، أوضح المصبح أن إيران الآن تحاول أن تحصل على حصتها قانوناً، نكاية بروسيا، لكن مدى إمكانية تحقيق ذلك يبقى في عهدة الغيب، مضيفاً أنها تبقى اتفاقيات قابلة للتنفيذ ويمكن الاحتجاج بها من حيث المبدأ القانوني وتستطيع إيران أن تُلقيها على الطاولة في أي وقت.

 بينما على الطرف المقابل، أرادت إيران والنظام السوري، أن يوصلوا رسالة من هذه الاتفاقيات، بأنها تشير إلى أن النظام باقٍ، وهو المسيطر، وبأن إيران سوف تستمر بدعمه وتحافظ على مصالحها معه والمحمية بهذه الاتفاقيات، وهو ما كشفت عنه تصريحات نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري.

ترك تعليق

التعليق