مجد سليمان.. "صبي" المخابرات، والمليونير "الأهبل"


يصفه المقربون منه بأنه نصف أهبل وبأنه شخص موتور، لكن النظام السوري قرر أن يمد في رزقه وأعماله حتى وصلت إلى الدول العربية الشقيقة والأجنبية، الصديقة والإمبريالية العدوة.. فما هي قصة مجد سليمان، ابن العميد بهجت سليمان، رجل المخابرات المعروف وابن خالة حافظ أسد..؟!، وكيف تسنى لشاب لم يتجاوز من العمر الـ 25 سنة، أن يقود أعمالاً تجارية ضخمة وأن يبني شركات في عدد من دول العالم، بينما كما ذكرنا، كل من احتك به وتعامل معه، قال عنه أنه مجنون، وهي حالة وراثية في عائلة العميد بهجت سليمان، إذ أن لديه ولد آخر يعاني من إعاقة عقلية..؟!

شركات خاسرة..!!

إنها قصة من أغرب وأوسخ عمليات غسل الأموال التي قام بها النظام السوري في فترة متأخرة من حكم حافظ الأسد.. لكنها أخذت شكلاً عالمياً في عهد بشار الأسد، إذ لم يقتصر نشاط مجد سليمان على سوريا فقط بل انتقل إلى أغلب الدول العربية والى أفريقيا ودول شرق آسيا وصولاً إلى أوروبا وأمريكا.. والأمر المثير للاستغراب أن المجال الذي تخصص به مجد سليمان، وهو الإعلام والإعلان والنشر، هو مجال خاسر، أو أنه لا يدر أرباحاً كبيرة ويبني ثروات طائلة، وهو ما وقعنا عليه خلال تتبعنا لقصته ومن أكثر من مصدر، وبالذات ممن عملوا معه سابقاً في سوريا.. إذ أكدوا جميعهم أن شركاته الإعلامية والإعلانية كانت خاسرة في مجملها، إلا أنه كانت تدخل على حساب الشركة تحويلات مالية كبيرة من بنوك بريطانية تحديداً، بحجة أنها أرباح من أعمال خارجية، وهو ما دفعنا للمزيد من البحث حول هذه النقطة ومن مصادر أخرى..
 
البحث عن بشار كيوان
 
لا يكاد يذكر اسم مجد سليمان إلا ويذكر بجانبه اسم بشار كيوان، وحتى أنه لا معنى للحديث عن مجد سليمان بدون التطرق إلى اسم بشار كيوان، الذي يعتبر المؤسس والأب الروحي لكل أعمال مجد سليمان وشريكه اللصيق في كل خطوة يقوم بها.. فمن هو هذا الرجل؟، وكيف اختارته المخابرات السورية ليكون العصا السحرية الطويلة التي يتحرك بها مجد سليمان في كل دول العالم، على الرغم من سمعة والده الأمنية المشبوهة..؟

بشار كيوان هو مولود في الكويت لعائلة سورية من دمشق، "سُنّي"، درس في جنوب فرنسا ومتزوج من فرنسية، ولا يزال مقيماً في الكويت.. أسس في عام 1992، جريدة "الوسيط" الإعلانية في عدد من الدول العربية باستثناء سوريا في تلك الفترة، والتي استطاعت أن تكتسح السوق الإعلانية العربية، وجنى من خلالها أرباحاً طائلة..

دخل إلى السوق الإعلانية السورية البكر، واستطاع أن يكتسحها ويحقق أرباحاً كبيرة مطلع التسعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي لفت انتباه أجهزة المخابرات التي بدأت بوضع العراقيل في طريقه، إلى أن تلقى عرضاً مباشراً منها، بأنه إذا أراد أن يعمل ويستمر، عليه أن يشارك العميد بهجت سليمان ممثلاً بابنه مجد، الشاب الصغير الذي لم يتجاوز العشرين عاماً في تلك الفترة..

راقت الفكرة لبشار كيوان، وخصوصاً أن شريكه الأكبر في مشروعه، جريدة "الوسيط"، هو أحد أفراد العائلة المالكة في الكويت، صباج جابر المبارك الصباح، ومن خلال شراكة "أبو المجد - بهجت سليمان"، فإن ذلك سوف يفتح له آفاقاً كبيرة ويؤهله للقيام بأدوار أكبر بكثير من دور رجل الأعمال، وبالذات بعد أن عرف أن هدف بهجت سليمان "أبو المجد"، من الشراكة معه، ليس الحصول على المزيد من الأموال، إذ أن لدى بهجت سليمان، والد مجد، الكثير منها، لكنه لا يعرف كيف يغسلها ويوظفها من جديد في الأسواق.. إضافة إلى أن بهجت كان يريد أن يبعد ابنه البكر مجد عن مهنة المخابرات، ويتعلم التجارة والاستثمار كي يضمن مستقبله ومستقبل أخوته..!!

(بهجت سليمان)

وبالفعل بدأت الشراكة الفعلية بين بشار كيوان ومجد سليمان في العام 1998 من خلال إطلاق المجموعة المتحدة للإعلان والنشر، والتي تخصصت بإصدار عدد من الصحف والمجلات الفنية والإعلانية في سوريا، وعدد من الدول العربية، مثل جريد "ليالينا"، و"بلدنا"، و"توب غير"، و"ماري كلير"، و"فورتشن"، و"الوسيلة الإعلانية"، و"كونكورد ميديا للإعلانات الطرقية"، وصحيفة "البلد" في لبنان والكويت، هذا بالإضافة لجريدة الوسيط الإعلانية التي كانت العمود الفقري للمجموعة.. وجميع هذه المطبوعات نالت رخصاً للإصدار في عدد من الدول العربية والأفريقية، كما أن بعضها كان يتم التأسيس والترخيص له في أوروبا وأمريكا.

(صورة تجمع بهجت سليمان، على يمين الصورة، وبشار كيوان، على اليسار)

في منتصف العام 2011 تقدم يوسف النصار، مدير تحرير جريدة البلد الكويتية السابق، ببلاغ للسلطات الكويتية، يتهم فيه بشار كيوان، وشريكه مجد سليمان، بالقيام بعمليات غسل أموال في الكويت وأفريقيا وعدد من دول العام، بالإضافة إلى تجارة الجنس والمخدارت والتجسس لصالح النظام السوري في الكويت. وقدّم النصار إثباتات تؤكد أن شركة الوسيط الإعلانية وأغلب الشركات الإعلانية التابعة للمجموعة المتحدة للنشر هي خاسرة، وبمبالغ كبيرة، ووصلت الخسائر في إحدى الشركات في الكويت إلى 25 ألف دينار يومياً.. من أين تغطي هذه الشركات أرباحها، وكيف أنها في نهاية سنتها المالية تقدم نفسها على أنها شركات رابحة..؟!

لقد أثارت هذه الاتهامات الرأي العام الكويتي الذي تحرك عبر وسائل الإعلام ومجلس الأمة الكويتي لشن هجوم كاسح على بشار كيوان وشريكه مجد سليمان، وتم اتهامهما بشكل مباشر بالتجسس لصالح المخابرات السورية، إلا أنه سرعان ما تم طي الموضوع وبتدخل من الأسرة الحاكمة الكويتية التي أوعزت لبشار كيوان بأن يقلل من أنشطته التجارية في الكويت.

لقد دفعت هذه الحادثة، بشار كيوان ومجد سليمان، للبحث عن مصادر جديدة لغسيل الأموال بعد أن افتضح أمرهما، لهذا ومنذ العام 2011 وحتى العام 2016، بدأ نشاط الرجلين يتجه نحو الاستثمار في الاتصالات والمصارف والسياحة والعقارات..

علاقات مع رؤوس السلطة
 
حرص كل من بشار كيوان ومجد سليمان، على الدوام، في أعمالهما التجارية الخارجية، على التواصل مع القيادات السياسية في البلدان التي يعملان فيها، مستفيدين من فساد طبقتها ورغبتها بتوظيف أموالها بعيداً عن الشبهة وأعين الشعب.. لهذا نجحا في شراكة مع ابن رئيس وزراء الأردن السابق، إلا أن المخابرات الأردنية تدخلت ومنعت هذه الشراكة، ومنعت معها بشار كيوان من دخول الأردن.. كما استطاع بشار كيوان ومجد سليمان أن يحصلا على حق إصدار الطبعة السعودية لجريدة الحياة، وهو ما أدخل السعودية في متاهات مع اليهود بعد نشر تقارير وأخبار تجعل اليهود يطالبون بدخول السعودية لزيارة بعض الآثار التي تخصهم  فيها، الأمر الذي أدى أيضاً إلى سحب ترخيص الإصدار من كيوان وشريكة مجد ومنع الأول من دخول السعودية..
 
كما انتقل بشار كيوان ومجد سليمان إلى أعمال الوساطة والسمسرة بين شركة رافال الفرنسية للطائرات وبين الدول العربية الراغبة بشراء هذه الطائرات، وقد نجحا بعقد العديد من الصفقات وتحقيق أرباح طائلة منها.

شهدت السنوات الخمس الأخيرة، نشاطاً ملحوظاً لبشار كيوان ومجد سليمان، في جزر القمر، حيث استطاعا الحصول على موافقة أجهزة الدولة هناك بعد معارضة كبيرة من البرلمان، على بيع جنسية جزر القمر لرجال الأعمال، ممن يعانون من مشاكل في التنقل بسبب جنسياتهم، ويقتصر دورههما على أعمال الوساطة والسمسرة بين رجال الأعمال والحكومة في جزر القمر.. ووصل النفوذ ببشار كيوان إلى أنه أصبح فاعلاً في الانتخابات الرئاسية هناك، وذلك بعد أن استطاع أن يحقق إيرادات كبيرة للبلد الفقير من خلال بيع جوازات السفر..
 
خلاصة

صحيح أن مجد سليمان هو نصف أهبل، وهو لا يزال كذلك، إلا أن العميد بهجت سليمان، "أبو المجد"، استطاع أن يشتري لابنه شريكاً من نوع خاص، استطاع أن يكرس اسمه بين الكبار من مافيات المال في سوريا والدول العربية..

أما عن الدور الذي مارسه مجد سليمان وشريكه بشار كيوان في دعم النظام السوري، فهو دور كبير ومهم وعلى عدة أصعدة، سياسية واقتصادية ومخابراتية.. ويكفي أنهما يمتلكان اليوم أحدث غسالة عالمية للأموال، لم يغسلا فيها أموال النظام فحسب، وإنما أموال كل الفاسدين من أبناء المسؤولين في الدول العربية.. لهذا فهم باقون ويتمددون..!!

ترك تعليق

التعليق