وكالة: أهالي مضايا يحرقون دعامات منازلهم الخشبية بحثاً عن الدفء


أخذ السوريون الذين يعيشون في المدن المحاصرة يزيلون أبواب منازلهم وشبابيكها وأخشاب اخرى لحرقها بغية الحصول على بعض الدفء في الليالي الباردة بعد دخولهم في فصل شتاء آخر وهم محاصرون في الصراع الدائر في البلاد.

في بلدة مضايا الجبلية - وهي واحدة من بين 16 منطقة حيث يرفض مقاتلون موالون للنظام، السماح بوصول امدادات المساعدات الدولية - يقوم الأهالي بقطع دعامات منازلهم ويغيرون على المنازل المهجورة بحثا عن أي مواد يمكن استخدامها كوقود.

أرسلت وفيقة هاشم صورا لإطارات خشبية قالت إنها نزعتها من السقف. وقالت في رسالة نصية من المدينة "نقوم بإزالة دعامة ونترك أخرى حتى لا يقع السقف."

الحصار المرير والمتواصل جعل قرابة مليون شخص عالقين برغم اتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرم بوساطة دولية في 30 ديسمبر / كانون اول الماضي ومحادثات السلام رفيعة المستوى اللاحقة في كازاخستان بين النظام والمعارضة.

قال ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، لمجلس الأمن في يناير / كانون ثان إن حكومة النظام تخنق جهود الإغاثة الدولية في غابة من البيروقراطية. فيما قال يان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن قدرة وصول جماعات الإغاثة في ديسمبر / كانون اول ويناير / كانون ثان كانت الأسوأ منذ عام.

في أعقاب محادثات الشهر الماضي التي تمت برعاية روسيا وتركيا وإيران، قالت تلك الدول إنها تعهدت بالعمل معا لتثبيت وقف اطلاق النار وضمان وصول المساعدات الانسانية بدون عوائق وبسرعة وسلاسة.

منذ ذلك الحين، لم يكن ثمة تحرك لإنهاء المعاناة التي تودي بحياة المدنيين.

تفتقد المستشفيات والعيادات الطبية أسس التعامل مع الأمراض التي يمكن الوقاية منها عادة، فيما قوات النظام تقتطع المستلزمات الطبية القليلة من قوافل الاغاثة التي يسمح لها بالمرور، وفقا لما قاله إيغلاند.

وفي مضايا، على مسافة 26 كيلومترا من العاصمة دمشق ، قام الأطباء بتسجيل معدلات مرتفعة من الفشل الكلوي. وفي تلبيسة، بريف حمص، الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة منذ نهاية 2012 تفشى مرض السل، بحسب أطباء ونشطاء إعلاميين.

وأفاد تقرير الأمم المتحدة عن الاحتياجات الإنسانية لعام 2017 إن الرجال والنساء والأطفال في 16 منطقة محاصرة "معرضون بشكل خاص لسوء التغذية والامراض المنتشرة عبر المياه والاتصال بين الاشخاص".

وأضاف التقرير "في سائر أنحاء سوريا تستمر أطراف النزاع، خاصة الحكومة السورية، في استخدام الحصار كتكتيك عسكري، متسببة في معاناة مباشرة وغير تمييزية للسكان المدنيين".

احتجز تنظيم الدولة الإسلامية نحو 94 ألف مدني في مدينة دير الزور شرق البلاد، وفق تقدير الأمم المتحدة. كما حاصرت المعارضة عدة آلاف آخرين في قريتي الفوعة وكفرايا. وتقدر الأمم المتحدة أن الباقين- ويتراوح عددهم ما بين 700 ألف و974 ألف شخص- تحاصرهم قوات النظام.
يرافق هذا الحصار عنف مستمر، يخفض ويرفع فارضو النظام درجته، بناء على مدى عجالة النتيجة المطلوبة.

ويقول أسامة أبو زيد، المحاصر في حي الوعر بمدينة حمص وسط البلاد، إنه اعتاد مستوى معينا من قذائف الهاون والمدفعية والأسلحة الآلية الثقيلة من قوات النظام التي تحاصرهم. ولاتزال الوعر صامدة.

ويضيف "عندما يستخدمون النابالم ويهددون بقصفنا جوا، عندها نقول إن هناك تصعيدا".

يشير مقطع مصور نشر عبر الإنترنت وعناصر في المعارضة إلى أن طائرات حربية روسية أو سورية استخدمت القنابل الحارقة العام الماضي في داريا المحاصرة وتقع قريبا من العاصمة، وفي الوعر. وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش أيضا إن العملية العسكرية السورية - الروسية المشتركة استخدمت نفس تلك الأسلحة.

وبعدها بقليل استسلم المحاصرون في داريا وعددهم 2700 شخص من بين 250 ألف شخص كانوا يسكنون البلدة في السابق، للقوات الحكومية، ووافقوا على مغادرتها.

شبهت الأمم المتحدة الوضع "بالتهجير القسري"، وهي جريمة في القانون الدولي، لكن لا تبدو ثمة نهاية في الأفق لهذا التكتيك لأنه مطبق في جميع أنحاء سوريا.

بعد داريا، سقطت مناطق محاصرة عديدة حول العاصمة في قبضة النظام، مثل المعضمية وقدسيا وحماة ووادي بردي.

وفي الشمال، استعاد النظام السيطرة على شرقي حلب، العاصمة الصناعية السابقة لسوريا.

المعنويات منخفضة إلى حد كبير بالنسبة لأولئك الذين يقطنون أماكن لا تزال محاصرة، حيث يقول البعض بشكل خاص إنهم مستعدون للاستسلام إذا أجبروا على تحمل هجوم جديد.

في هذا السياق، يقول مهندس من تلبيسة "إذا كانت هناك هزيمة تلوح في الأفق، فإنه لن يكون هناك أي حل سوى الاستسلام.. أنا فقط أتحدث بشكل واقعي.. ليس لدي أية أوهام".

تحدث المهندس شريطة التكتم على هويته لأنه يخشى انتقام مقاتلين من المعارضة، الذين يحظرون مثل هذا الكلام الانهزامي.

بعد التصعيد في القتال العام الماضي في منطقة الوعر، تخلى ممثلون عن شرط وضع لعقد محادثات السلام، وهو الحصول على معلومات عن نحو سبعة آلاف ساكن اختفوا في سجون النظام.

وقال أبو زيد " نسينا أي شيء عن المحتجزين.. النظام مزق الاتفاق القديم وأعاد التفاوض من نقطة الصفر".

هناك نقص مستمر في المواد الغذائية، وفقا لمحاصرين.

خارج دمشق أيضا، يستعد معارضون في الغوطة الشرقية للمعركة من أجل السيطرة على مزارع المرج، وهي مصدر إمداد ثابت وأساسي للمواد الغذائية منذ أن عزلت قوات النظام المنطقة إلى حد كبير عن العالم الخارجي عام 2013.

مازن الشامي، مدير المكتب الإعلامي للمجلس العسكري لقوات المعارضة ومدير وكالة قاسيون للأنباء التي تديرها المعارضة، من جانبه يقول "هنا 10 قرى من بين 26 قرية لا تزال خاضعة لسيطرة المعارضة".

وقال متطوع بالهلال الأحمر في تلبيسة، شمال حمص، إن الخبز يتوفر مرة واحدة كل سبعة أو عشرة أيام، ويكلف 400 ليرة سوريا (66 سنتا) بالنسبة لحصة أسرة وهي عبارة عن ثلاثة أرغفة.

تحدث المتطوع شريطة التكتم على هويته لأنه غير مخول بالتحدث باسم المنظمة الإغاثية، التي تنسق بشكل وثيق مع حكومة النظام.

بالنسبة للوقود، يحرق المحاصرون قشور الزيتون الذي يتم عصره لإنتاج الزيت، بحسب المتطوع.

وأردف المتطوع قائلا "إنها لرائحة كريهة للغاية، لكن هذا هو الشيء الذي نملكه".

ترك تعليق

التعليق