نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة في حوار شامل مع "اقتصاد"


في ظل ما تعانيه الثورة السورية من تجاذبات أخيرة بين الموقف الروسي والتركي والإيراني، والتحركات التي تُبذل في هذا الصدد، دائماً يبقى المواطن السوري هو الحلقة المنسية في كل التحركات، ولا سيما المواطن الذي يعيش حياة الحصار والتوتر الأمني وتفاقم المعاناة الإنسانية، ومن أجل تسليط الضوء على الواقع السوري الداخلي كان لموقع "اقتصاد" هذا الحوار مع الأستاذ المهندس، أكرم طعمة، نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة في الداخل السوري.


•    بدايةً أستاذ أكرم حبذا لو تحدثنا قليلاً عن التشكيلة الإدارية للحكومة السورية (كمناصب وليس كأفراد)، وما هي المدة التشريعية لها وهل هناك قوانين ضابطة لعملها؟

نالت حكومة الدكتور جواد أبو حطب، ثقة الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في الثاني عشر من شهر تموز من العام الفائت 2016، وانطلقت لتنفيذ برامجها وفق أولويات تتطلبها طبيعة المرحلة الحالية وتسارع وتيرة التغيرات الطارئة على الأرض السورية، وهذه التغيرات تضع على الحكومة أعباء سريعة ومتوالية من أجل تقديم جميع الخدمات (حسب المستطاع) لأهالي الداخل السوري والذين يعيشون حياةً صعبة للغاية في ظل تغطرس النظام وميليشياته.

طبعاً الحكومة السورية المؤقتة تتألف من رئيس حكومة ونائب الرئيس ونائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية وأيضاً من ثماني حقائب وزارية (الصحة – الزراعة – التربية – الخدمات – التعليم العالي – الإدارة المحلية – الداخلية – المالية). تعمل هذه الوزارات جميعها في مناطق الداخل السوري وموزعة على مختلف المناطق المحررة من درعا في الجنوب وصولاً إلى مناطق الشمال، حيث نعمل مع هذه الوزارات من أجل دعم صمود المجتمع السوري وابتكار الحلول لاستثمار موارد الدولة من أجل استقرار سوريا ونهضتها.

•    هل استطاعت الحكومة السورية المؤقتة (بدءاً من حكومة الدكتور غسان هيتو مروراً بحكومة الدكتور أحمد طعمة وصولاً إلى حكومة الدكتور جواد أبو حطب) أن تواكب العمل الإداري الذي بدأ في المناطق المحررة من خلال المجالس المحلية والإدارات الذاتية قبل تشكيل أول حكومة سورية مؤقتة؟
 
قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أعطيك لمحة عن التسلسل الإداري للحكومة السورية وعلاقتها بالمجالس المحلية، (فقبل تشكيل الحكومة السورية المؤقتة رأينا في الداخل السوري وخصوصاً في فترة 2013 مؤسسات إدارية قد تم إنشاؤها والتي من شأنها تنظيم الإداريات في كل بلدة وهذا أمر طيب جداً ولكن في النهاية تم ربطه مع الحكومة السورية المؤقتة ليصبح أكثر تنظيماً)، فالمجالس المحلية في الداخل السوري أصبحت تتبع بشكل إداري لمجالس المحافظات المتواجدة في المناطق المحررة ومنها إلى وزارة الإدارة المحلية التي قامت بإصدار اللائحة الداخلية المنظمة لعمل المجالس وانتخاباتها في جميع المناطق المحررة وهذا بدوره ينطبق على كافة الوزارات.

بمعنى أن الحكومة المؤقتة تراقب وتشرف على عمل مجالس المحافظات والمديريات والمجالس المحلية من خلال الوزارات التابعة لها ولا تتدخل في طريقة إدارة الدعم المقدم لها.

علماً أن بعض الجهات المانحة تفضّل الدعم بشكل مباشر للكيانات الإدارية الموجودة في الداخل دون المرور عن طريق الحكومة السورية المؤقتة.

ومع ذلك استطاعت الحكومة أن تتناغم وتتجاوب مع عمل مجالس المحافظات والمديريات والمجالس المحلية المشكلة في الداخل السوري.

 وظهر التناغم والتجاوب جلياً بعد انتقال الحكومة الحالية إلى الداخل.

•    لو تحدثنا عن الأمور الخدمية التي تقدمها الحكومة السورية المؤقتة للداخل السوري في ظل استمرار الحرب مدة تزيد عن خمس سنوات.. أولاً، ما هي أهم التدابير التي اتخذتها الحكومة السورية المؤقتة على الصعيد الخدمي؟، وماذا قدمت حسب المستطاع ؟

أريد أن أوضّح لك أمر في غاية الأهمية، الحكومة السورية أُنشأت في ظل الحرب (حكومة حرب) فلا تستطيع أن تصفها بأنها حكومة تعمل في الأوضاع الطبيعية ونحن نتيجة هذا الأمر استطعنا تقديم الحد الأدنى من الخدمات على جميع الأصعدة، ولكن في المقابل ما زال ينقصنا الكثير، ففي موضوع الخدمات تم إنشاء وزارة الخدمات التي يتفرع منها مديريات للخدمات بالداخل السوري (ويتبع لها مكاتب خدمية) في كل منطقة على مستوى سوريا وبالتالي أصبحت هذه المديريات تتبع بالتسلسل الإداري للحكومة المؤقتة.
 
في المجال الخدمي استطعنا تمويل مشاريع تنموية في الداخل السوري على نطاق ضيق (بسبب كما أسلفت لك أن المنظمات تدعم المجالس المحلية بشكل مباشر)، وتم دعم مشاريع زراعية تتعلق بدعم زراعة القمح وبعض الخدمات الزراعية بالتعاون بين الحكومة السورية و وحدة تنسيق الدعم ACU والهلال الأحمر القطري وقد تم تنفيذ هذه المشاريع في أغلب المناطق المحررة.

 هناك أيضاً دعم مقدم من المنظمات والهيئات في الداخل السوري منها هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية IHR  من خلال مكتبيها في ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية ونحن على إطلاع كافي على هذا الدعم لكن لم نتدخل بطريقة إدارته وإنما يحصل تنسيق من أجل ضرورة تنفيذ هذه المشاريع وخاصة في مناطق الغوطة الشرقية.
 
أيضاً في مجال التعليم يتم تنفيذ الكثير من المشاريع بإشراف ورعاية الحكومة السورية المؤقتة من خلال وزارة التربية ووزارة التعليم العالي ونسعى للربط بين المعاهد والأكاديميات الخاصة الموجودة بالداخل وجامعة حلب التي تتبع للحكومة السورية المؤقتة. وهذا الربط يساهم في رفع الكفاءات وزيادة الخبرات وكذلك الحفاظ على حقوق الطلبة.

•    ثانياً : ما هي أهم الصعوبات والمعوقات التي تواجه عمل الحكومة ولا سيما أنها في الداخل السوري؟

التحدي الأبرز الذي فرضه العالم أجمع علينا هو الإعتراف المحدود جداً بالحكومة السورية، فبعدما نالت حكومة الدكتور جواد أبو حطب ثقة الإئتلاف وقبلها حكومة الدكتور أحمد طعمة، تفاجئنا بأعداد الدول المحدودة التي اعترفت بنا، هناك العديد من الدول التي تحسب نفسها داعمة للشعب السوري لم تعترف بالحكومة السورية المؤقتة إلى الآن، أيضاً هناك بعض الصعوبات التي تتعلق بالتواصل الجغرافي، فلو كان لدينا اجتماعات دورية يحضرها جميع أعضاء الحكومة السورية من وزراء وغيرهم أعتقد لكان الوضع أفضل. أيضاً ظروف الحصار في الداخل السوري والقصف العنيف من قبل ميليشيات النظام يعيق عملنا إلى حد كبير، ومع ذلك نحاول أن نقدم الخدمات بقدر المستطاع.

أيضاً الفصائلية الموجودة على الأرض والتعصب الفصائلي يعيق في بعض الأحيان عملنا، فمثلاً هناك الكثير من الفصائل العسكرية لا تعترف بنا في الداخل السوري.

•    ثالثاً: مع التزايد الكبير في أعداد النازحين والمهجرين في الداخل السوري, أولاً: ما هو تقييمكم لأوضاع النازحين؟، ثانياً: هل هناك خطط تتعلق بالاستجابة الإنسانية لهم وتقديم مقومات الدعم حسب المستطاع؟

أوضاع النازحين والمهجرين قسرياً داخلياً في الداخل السوري سيئة جداً، وهذا الأمر يضعنا أمام مسؤولية كبيرة في الحكومة وخاصة بعد التهجير القسري الذي مارسه النظام على بعض المناطق التي استطاع فرض المصالحة عليها مثال على ذلك المعضمية – قدسيا – الهامة، وكذلك المناطق التي استطاع السيطرة عليها كمدينة حلب – داريا، وهناك (كما أسلفت لك) تعاون كبير بين الحكومة وبعض المنظمات لتأمين الحد الأدنى من الخدمات للنازحين والمهجرين قسرياً حسب المستطاع.

 مؤخراً قمت بزيارة إلى بعض المناطق في الغوطة الشرقية والتي يسكنها مهجرين من منطقة المرج التي سيطرت ميليشيات النظام مؤخراً، والوضع حقيقةً مزرٍ جداً، ونوجه نداءاً إلى منظمات العمل الإنساني داخل سوريا وخارجها في جميع بلدان العالم إلى زيادة الدعم اللازم من أجل الإستجابة الإنسانية لهؤلاء الناس وغيرهم ممن تركوا أرضهم ومدنهم وقراهم واستقر بهم الحال إلى مناطق أكثر أمناً في الداخل السوري.

•    تحدثت أستاذ أكرم قبل قليل عن أن هناك صعوبات تتعلق بعدم اعتراف الفصائل العسكرية بكم كحكومة متواجدة على الأرض، ما هو مدى تعاون الفصائل معكم؟، وكيف هي العلاقة بينكم كفصائل عسكرية وحكومة مدنية؟

طبعاً التعاون بين الفصائل العسكرية والحكومة يختلف من منطقة لمنطقة أخرى، وهناك تعاون جيد في المناطق المحررة مع الوزارات والمديريات التابعة للحكومة في هذه المناطق.
 
وهذا التعاون يساعدنا في إنجاح اجتماعات الحكومة المنعقدة في مناطق الداخل وحماية مقراتها من الناحية الأمنية، كذلك هناك تعاون من بعض الفصائل بتأمين الحماية اللازمة للوزراء وأعضاء الحكومة في الداخل السوري، ريثما يتم تفعيل وزارة الداخلية التي يتولى رئاستها حالياً الدكتور جواد أبو حطب. أستطيع أن أقول لك بالمجمل أن هناك تعاون جيد بين الفصائل العسكرية مع مختلف الفعاليات المدنية في الداخل السوري، وتجلى ذلك في قبول الفصائل باللجنة السداسية المؤلفة من شخصيات مدنية لحل الاقتتال الذي حصل مؤخراً في الغوطة الشرقية بين أبرز فصيلين عسكريين، حيث كانت هذه اللجنة مؤلفة من:

  •     المهندس أكرم طعمة
  •     رئيس الهيئة العامة للغوطة الشرقية
  •     مدير التربية بريف دمشق
  •     مدير الصحة بريف دمشق
  •     مدير المكتب المالي بالغوطة الشرقية
  •     عضو المكتب الطبي الموحد في الغوطة الشرقية

وهذه اللجنة هي من سعى بالصلح وهي من صاغ وثيقة المبادئ وساهم بإقناع الأطراف بتوقيعها والعمل على تنفيذ بنودها.

في سطور
 
أكرم طعمة: من مواليد مدينة دوما عام 1961، تخرج من كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق عام 1985.
عمل قبل الثورة في العديد من المجالات الهندسية منها، مدير مكتب البيت الهندسي لدراسات وتنفيذ المشاريع الهندسية عام 1991، مهندس إستشاري وعضو القسم المدني في نقابة المهندسين فرع ريف دمشق، بالإضافة إلى عضويته في الهيئة العامة المنتخبة لنقابة المهندسين في ريف دمشق.
تنقل في العديد من المناصب ضمن مؤسسات الداخل السوري في ظل اندلاع الثورة السورية منها:

•    عضو المكتب التنفيذي للمجلس المحلي الموحد لمدينة دوما عام 2013.
•    رئيس رابطة الأكاديميين في مدينة دوما 2014-2015.
•    عضو الهيئة العامة في الغوطة الشرقية.
•    عضو الهيئة السياسية في الهيئة العامة للغوطة الشرقية في دورتها الحالية والسابقة.
•    محافظاً لريف دمشق عام 2015.
•    نائباً لرئيس الحكومة السورية المؤقتة عام 2016.

ترك تعليق

التعليق