كيف فضحت المتّة ضُعف حكومة النظام؟


طلبت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الموافقة على منح المؤسسة السورية للتجارة إجازة استيراد كمية 15 ألف طن من مادة "المتة" لتغطية السوق، وذلك بعد أن خفضت الحكومة سعرها في مطلع الشهر الحالي إلى نصف سعرها المُتعارف عليه منذ سنتين، ليصبح سعر العبوة 250 غرام بـ 280 ليرة سورية بعد أن كانت تُباع بـ 500 ليرة.

وبعد أن أصبحت "المتة" حديث السوريين والشغل الشاغل للوسائل الإعلامية الموالية لنظام الأسد، اضطرت شركة كبور، المستورد الرئيسي للمادة، إلى الموافقة على تخفيض سعر العبوة بنسبة 40% على أن تُباع في صالات المؤسسة الاستهلاكية العامة، بينما قام بقية التجار المستوردين بإيقاف توريد المادة الأمر الذي أدى إلى انعدام وجودها في بعض المناطق ذات الكثافة السكنية "الدرزية والعلوية" واستقرار سعرها كما هي عليه بـ 500 ليرة سورية للعبوة الواحدة.

السيد (ش . ج) من سكان مدينة جرمانا بريف دمشق، أطلق على إجراءات "الحكومة" وصف "الضحك على اللحى"، ويؤكد لـ "اقتصاد" عدم انخفاض كافة المواد الاستهلاكية تزامناً مع انخفاض سعر الدولار الذي بلغ 485 ليرة سورية منذ أيام.

وأردف أنّ "المتة" كانت مُتوفرة نوعاً ما، قبل الحرب الأخيرة الدائرة بين الحكومة والتجار، وبعد قرار الحكومة بتخفيض سعرها أصبح المستهلك يبحث بين خمسة محلات ليجد علبة "متة" واحدة بسعرها القديم البالغ 500 ليرة سورية.

ويستنكر (ش . ج) المناكفات بين الحكومة والتجار في المادة التي أصبحت مشروب السوريين المُفضل بسبب ارتفاع أسعار السكر والشاي والقهوة والنسكافيه.
 
وفيما يخص صالات المؤسسة العامة الاستهلاكية ينفي السيد (ش . ج) وجود "المتة" فيها، ويقول أنّها وُجدت في صالات المؤسسة لخمسة أيام فقط بعد إصدار القرار ومن ثُمّ تم فقدانها تماماً.

انتشرت مادة "المتة" في سوريا أثناء عودة المُهاجرين السوريين من الأرجنتين والبرازيل منذ أواسط القرن الماضي، وإذا ما استثنيا شعوب أمريكا اللاتينية مصدر نبات "المتة"، فيعتبر السوريون أكبر المستهلكين لها. وبسط هذا المشروب ذو النكهة المرة سيطرته بكثافة في مناطق مُتعددة مثل القلمون والسويداء وكافة أرجاء الساحل السوري.

تخفيض سعر المادة لم يرق لمستورديها وباعتها بذريعة أن التسعيرة الجديدة ستعرّضهم لخسائر كبيرة حتمية ولاسيما في ظل وجود كميات كبيرة في المستودعات بحسب ما قاله لـ "اقتصاد" السيد (ر . ع)، أحد تجار الجملة في دمشق.

وأضاف التاجر أنّهم يعتبرون تسعيرة التموين الجديدة بعيدةً كلياً عن الواقع، حيث تم تسعير الطن بـ 1000 دولار أمريكي بينما يتم استيراده من الأرجنتين بـ 3 آلاف دولار.

ويُضيف السيد ر . ع أنّ التجار يترقبون عن قُرب فشل "الحكومة" في تأمين المادة بالسعر الذي وضعته، ليثبتوا ضعف دوائرها الاقتصادية في التنسيق بينها وبين التجار المعنيين في الاستيراد والذين سلكوا عدّة طُرق ملتوية على مدار السنوات السبعة الأخيرة لتأمين المُستهلكات اليومية.

يُذكر أنّه في عام 2010 بلغ استهلاك سوريا من "المتة" 1200 طن، أي ما يُعادل قيمته آنذاك 3 مليون دولار، وكان سعر العبوة حينها 25 ليرة وكان سعر صرف الدولار الأمريكي 50 ليرة سورية فقط.

بعد قرارات "الحكومة" الرامية لخفض سعر "المتة" دون الدراية بسعر التكلفة ودراسته، امتنع التجار عن تزويد السوق بها، ليقف المواطنون بين مُهللٍ ومُستنكر لقرارات "الحكومة" وردود فعل التجار.

ترك تعليق

التعليق