وفق حسابات تكاليف المعيشة.. اللاجئ السوري في لبنان، بين خيار العودة أو البقاء


أمام خيار العودة للاجئ السوري في لبنان، يرفض الكثير من اللاجئين العودة وبشكل قطعي لا جدل فيه، وإن كانت المغريات بأن من يعود إلى سوريا يستطيع تأمين عيشه مع أسرته بما يقارب الـ (200) دولار شهرياً، خلافاً للمعيشة في لبنان التي تحتاج لأكثر من هذا بكثير.

وإن وضعنا المخاطر المتعلقة بالجانب الأمني، والسحب للخدمة العسكرية، جانباً، فإن اللاجئين الذين يفكرون بالعودة، يواجهون مشكلة رئيسية، تتعلق بمحدودية فرص العمل وتدني أجوره، في سوريا، مقارنةً بإمكانية أوسع للحصول على فرص عمل في لبنان.

وإن قمنا بمقارنة وسطية لتكاليف المعيشة في كل من سوريا ولبنان كمصروف شهري، سنلاحظ الفرق الشاسع.

في لبنان

أجور المنازل

تتراوح أجارات المنازل التي يقطنها اللاجئون السوريون في القرى بين (250 - 450) ألف ليرة لبنانية. ويبلغ أجار المستودع الذي تسكنه غالبية العائلات السورية اللاجئة حوالي (200) ألف ليرة لبنانية. ( كل 1500 ليرة لبنانية تساوي دولار واحد).

أما في المدن اللبنانية تتراوح أجارات المنازل بين (400 - 600) ألف ليرة لبنانية، فمثلاً في "طرابلس" تراوحت أجور المنازل بين (300 - 600) دولار، وفي العاصمة بيروت فينطلق أجار البيت بدءاً من 500 دولار شهرياً.

مصروف المعيشة

بشكل شهري يصرف منزل عائلة سورية لاجئة مثله مثل أي منزل لبناني، وبشكل وسطي كالآتي:

- فاتورة كهرباء نظامية (كهرباء دولة) ما يقارب (35 - 60) ألف ليرة لبنانية حسب نسبة الصرف، حيث تعطى التغذية الكهربائية ساعتان كل ست ساعات.

- فاتورة اشتراك كهرباء مولدات( كهرباء خاصة) تتراوح بين (30 - 70) ألف ليرة لبنانية حسب نسبة الصرف.

- تعبئة صهاريج ماء ما يقارب (100) ألف ليرة لبنانية. بالإضافة لـ "جالونات" ماء صالحة للشرب ما يقارب (40) ألف ليرة لبنانية، وتحتاج الأسرة ما يقارب (10) "جالونات" أسبوعياً بسعر(10) آلاف ليرة لبنانية وبحسب أعداد أفراد الأسرة والاستهلاك الخاصة بها.

- تعبئة جرة غاز حوالي (20) ألف ليرة لبنانية، وكل عائلة وحسب استهلاكها.

- فاتورة اشتراك شبكة انترنيت (40) ألف ليرة لبنانية.

وعليه، وبشكل تقريبي مصروف العائلة السورية اللاجئة إلى لبنان وفق المتطلبات الأساسية للحياة حوالي (600) ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل (400) دولار شهرياً، "وهذا لسى لا أكلوا ولا شربوا"..

ومن المعروف وقد كنا سلطنا الضوء أكثر من مرة في تقارير سابقة الأجور الزهيدة التي يتقاضاها العامل السوري في لبنان والتي تتراوح بغالبيتها بين (600 - 800) ألف ليرة لبنانية.

وبالتالي فعلى اللاجئ السوري ألا يمرض ولا يتعلم ولا يعيش أي نوع من أنواع ترف الحياة، فقط يمضي وقته بساعات عمل طويلة ليستطيع تأمين بعض من متطلبات المعيشة المرتفعة جداً في لبنان.

مصاريف مستلزمات المواد الغذائية

في لبنان تحتاج الأسرة السورية أسبوعياً كحد أدنى للمعيشة ما لا يقل عن (20) ألف ليرة لبنانية أسعار خضراوات ورصدنا بعض الأسعار للكيلو غرام الواحد:

- البندورة تتراوح بين (1000-1500) ليرة لبنانية. والخيار (1000) ليرة لبنانية.
- الباذنجان بين (500 - 1000) ليرة لبنانية. والبطاطا (1000) ليرة لبنانية.
- الكوسا (1500) ليرة لبنانية. والبصل (3) كيلو بـ (2000) ليرة لبنانية.
-التوم (خمس روس ثوم) بـ (1000) ليرة لبنانية. والفليفلة الخضرا (1000) ليرة لبنانية.
- البامية (3000) ليرة لبنانية. والفاصولياء (2000) ليرة لبنانية. واللوبيا (2000) ليرة لبنانية.
- وتحتاج الأسرة اللاجئة في لبنان أيضاً (21000) ليرة لبنانية ثمن للخبز إن كان يكفيها ربطتان في اليوم حيث يبلغ سعر ربطة الخبز (1500) ليرة لبنانية.

أما بالنسبة للسلع الرئيسية

 تحتاج الأسرة وسطياً ما يقارب (20) ألف ليرة لبنانية وأسعارها كالآتي:

 - الأرز العادي يتراوح الكيلو بين (1500 - 1750) ليرة لبنانية بحسب النوع. وأرز الكبسة يتراوح بين (1500 - 5000) ليرة لبنانية حسب النوع.
- البرغل (1500) ليرة لبنانية. وكيس شعيرية (400) غ بسعر (1000) ليرة لبنانية.
- كيس ملح (نصف كيلو) بسعر (500) ليرة لبنانية.
- كيلو السكر (1000) ليرة لبنانية.
- "قطرميز" رب البندورة يتراوح بين (5500 - 9500) بحسب الاسم والجودة.
- تنكة الزيت الأصلي تبلغ (100) دولار.

أما بالنسبة لأسعار الألبان ومشتقاتها:

- كيلو اللبن (2000) ليرة لبنانية. وكيلو الحليب (2000) ليرة لبنانية.
- كيلو اللبنة (6000) ليرة لبنانية. وكيلو الجبنة (13000) ليرة لبنانية.
- كيلو الزيتون (5000) ليرة لبنانية. ويتراوح سعر صحن البيض بين (4000 - 6000) ليرة لبنانية.
- قطرميز مربى (400) غ بسعر (6000) ليرة لبنانية. وعلبة جبنة كريمة (6000) ليرة لبنانية.

أما أسعار اللحوم:

- كيلو اللحمة البقر (16000) ليرة لبنانية. وكيلو اللحمة الغنم (18000) ليرة لبنانية.
- كيلو الفروج (4000) ليرة لبنانية.

 والأسر الأكثر معاناة في لبنان هي التي لديها أطفال رضع حيث يبلغ سعر علبة الحليب (400غرام) بـ (15000) ليرة لبنانية، وسعر علبة الحليب "النيدو" (900) غ (27000) ليرة لبنانية، وأنواع أخرى بسعر (20000) ليرة لبنانية، وسعر كيس "حفوضات" الأطفال نوع وسط (11) ألف ليرة لبنانية.

بالنسبة للمعونات

لم تعد توزع في لبنان أي نوع من المساعدات الغذائية للاجئين السوريين باستثناء عدد محدود تنال معونة رمضانية (سلة غذائية) في شهر رمضان، وفي العامين المنصرمين باتت هذه السلل الغذائية رغم قلتها تقسم بين اللاجئ السوري واللبناني.

أما بالنسبة لمفوضية الأمم المتحدة وبعد شطبها لأعداد كبيرة جداً من مستحقي المساعدة الغذائية باتت غالبية الأسر السورية اللاجئة في لبنان بلا مساعدات أممية.

سوريا

 ولكن في المقلب الآخر، وإن قررت الأسرة السورية اللاجئة العودة إلى سوريا، فما هو مصروفها الشهري:

- أجار البيوت في الريف السوري تتراوح بين (10 - 20) ألف ليرة سورية. وفي المدن يتراوح أجار البيت بين (25 - 60) ألف ليرة سورية.

 ويستثنى أجار البيت من المصروف لمن مازال منزله غير مهدم أو لم يهجر من مسكنه الخاص، ولكن يبقى تكاليف ترميم المنزل والتي تحتاج لأكثر من (500) ألف ليرة سورية، إضافة لذلك لدينا أثاث المنزل "المعفش والمنهوب".

- فاتورة كهرباء شهرياً تتراوح بين (3000 - 6000) ليرة سورية، كما يجب تصفية ذمة ساعة الكهرباء بدفع تراكمات فواتير السنوات السبع الماضي.

- فاتورة ماء (كل شهرين دورة) تتراوح بين (2000 - 4000) ليرة سورية.

(في الداخل السوري الخاضع للنظام وفي أغلب المناطق، لا يوجد دفع فواتير اشتراك مولدات حيث يكتفي المواطن السوري بإنارة غرفة ومطبخ باللدات، ويستغني عن مشاهدة التلفاز طيلة فترة انقطاع التيار الكهربائي)، كما لا يضطر السوري في بلده لشراء ماء للشرب، ولكن في عدد من المناطق التي تعاني من كثرة انقطاع الماء فتضطر لشراء صهريج ماء مرة في الأسبوع بتكلفة تتراوح بين (1200 - 2000) ليرة للصهريج الواحد.

- تكلفة تعبئة جرة غاز (3000) ليرة سورية.

- فاتورة شبكة انترنيت – لبعض العائلات- تدفع مع فاتورة الهاتف الأرضي بقيمة تتراوح بين (1500 - 2000) ليرة سورية.

- أما فاتورة خط "السيرف" السيء الخدمة، فتتراوح بين (2700 - 6000) ليرة سورية حسب الباقة.

أي وبشكل تقريبي مصروف العائلة السورية في الداخل السوري وفق المتطلبات الأساسية للحياة من دون أجار بيت كحد أدنى (15) ألف ليرة سورية أي ما يعادل (30) دولار شهرياً من دون حساب تكاليف الطعام والشراب، وبالمقارنة بين تكلفة هذه المتطلبات في كل سوريا ولبنان، من دون أجار البيت، يوفر السوري في سوريا ما يقارب (130) دولار وسطياً.

أما بالنسبة لفرص العمل

 سيجد السوري العائد من لبنان إلى سوريا صعوبة كبيرة جداً في تأمين فرصة عمل، ولا وظائف في سوريا إلا بمسابقات وواسطات وذوي "شهداء" ومحسوبيات. وفي القرى يرغب السوري بالعودة إلى أرضه التي تحتاج إلى مبالغ طائلة لا قدرة للسوري العائد من "المنفى" عليها، لبدء العمل. أما المواشي والدجاج وغيرها من مستلزمات العمل الزراعي، فكلها سرقت ونهبت بالكامل.

- في سوريا تحتاج الأسرة السورية أسبوعياً كحد أدنى للمعيشة (لأسرة صغيرة العدد) ما لا يقل عن (15) ألف ليرة سورية أسعار خضراوات.

 وسجلت بعض الأسعار للكيلو غرام الواحد كما يلي:

- البندورة تتراوح بين (250 - 350) ليرة سورية. والخيار (200) ليرة سورية.
- الباذنجان (300) ليرة سورية. والبطاطا بين  (150 - 225) ليرة سورية.
- الكوسا (150) ليرة سورية. والبصل (200) ليرة سورية.
- التوم (600) ليرة سورية. والفلفلة الخضرا (200) ليرة سورية.
- البامية (400 - 450) ليرة سورية. والفاصولياء (200 -300) ليرة سورية.
- اللوبياء (300) ليرة سورية.

بالإضافة لحاجة الأسرة السورية في سوريا أسبوعياً (910) ليرة سورية ثمن للخبز إن كان يكفيها ربطتان يومياً حيث يبلغ سعر ربطة الخبز(65) ليرة سورية.

أما بالنسبة للسلع الرئيسية

 تحتاج الأسرة وسطياً ما يقارب (10 - 15) آلاف ليرة سورية أسبوعياً وأسعارها كالآتي:
- الأرز العادي يتراوح بين (300 - 450) ليرة سورية. وأرز الكبسة  (480) ليرة سورية.
- البرغل (350) ليرة سورية. وكيس شعيرية( 400 غ ) بسعر (75) ليرة سورية.
- كيس ملح (نصف كيلو) بسعر (100) ليرة سورية. وكيلو السكر (410) ليرة سورية.
- قطرميز رب البندورة (500) ليرة سورية. وتنكة الزيت الأصلي (25) ألف ليرة سورية.

وبالنسبة لأسعار الألبان ومشتقاتها سجلت الأسعار:

- كيلو اللبن (200) ليرة سورية. وكيلو الحليب (2000) ليرة سورية.
- كيلو اللبنة (600) ليرة سورية. وكيلو الجبنة (1500) ليرة سورية.
- كيلو الزيتون (900) ليرة سورية. ويراوح سعر صحن البيض بين (900 - 1000 - 1100) ليرة سورية.
- قطرميز مربى (400غ) بسعر (550) ليرة سورية. وعلبة جبنة كريمة  بين (500 - 600) ليرة سورية.

وعليه إذا اقتصر الفطور على أربع بيضات ثمنها (200) ليرة، وصحن لبنة بسعر الكيلو (600) ليرة سورية فستكون تكلفته (800) ليرة سورية.

أما أسعار اللحوم:

- كيلو اللحمة البقر (3600) ليرة سورية. وكيلو اللحمة الغنم  (4200) ليرة سورية.
- كيلو الفروج يتراوح بين (400 - 450) ليرة سورية.

فإن تناولت الأسرة السورية وجبات غداء حاوية على اللحوم مرتين في الأسبوع فستحتاج إلى ما يقارب (8000) ليرة سورية، وإن تناولت الفروج مرتين في الأسبوع فستحتاج ما يقارب (5000) ليرة سورية.

أما الأسرة السورية التي لديها أطفال رضع فتحتاج شهرياً ما يقارب (24) ألف ليرة سورية تكلفة "حليب وحفوضات" حيث يبلغ سعر علبة الحليب (400)غ (3000) ليرة سورية، وسعر كيس الحليب "النيدو" (900) غ (3200) ليرة سورية، وأنواع أخرى بسعر (2800) ليرة سورية، وسعر كيس "حفوضات" نوع وسط (1300) ليرة سورية ونوع جيد (2000) ليرة سورية.

أي تحتاج الأسرة السورية وسطيا ما يقارب (300) دولار شهرياً ثمن طعام، إن افترضنا أن الأسرة خالية من الأمراض ولا تحتاج إلى أدوية، وليس لديها طلاب جامعيين، باعتبار التعليم الأساسي والاعدادي والثانوي مجاني وبغض النظر عن مصاريف النقل ومستلزمات اخرى.

بالنسبة للمعونات في سوريا

توزع في سوريا معونة غذائية (كرتونة غذائية) من قبل الهلال الأحمر السوري لكل عائلة (نازحة) مسجلة بشكل دوري ومنظم (مرة واحدة كل شهرين)، أما بالنسبة للأسرة السورية العائدة من لبنان إلى سوريا فهي غير مستحقة للمعونة لكونها غير مسجلة لدى منظمة الهلال الأحمر السوري.

محاولات من البعض وتراجع..

فكر بعض اللاجئين السوريين بإرسال أسرهم إلى سوريا والبقاء في لبنان من أجل العمل وإرسال المصروف إلى أسرهم في الداخل السوري، ولكنهم سرعان ما تراجعوا عن قرارهم هذا لأنهم سيصبحون غير قادرين على الاجتماع ببعض مرة أخرى. فـ "الزوج" لا يجرؤ على الذهاب إلى سوريا لرؤية زوجته وأولاده إن عادوا إلى سوريا، وبالمقابل الزوجة والأولاد لن يتمكنوا من زيارته في لبنان لأنهم بمجرد اختيارهم قرار العودة سيوقعون على شرط عدم دخول لبنان مرة أخرى بالإضافة للقرارات الأخرى "التعجيزية" من الطرف اللبناني.

وأكثر العائدين أو من يفكر بالعودة من لبنان إلى سوريا هم الذين يعانون من الأمراض وبحاجة إلى علاج، فالفروق بين تكاليف العلاج والأدوية بين سوريا ولبنان هائلة جداً.

وأكثر من عادوا هم من يعانون من جلطات وأمراض قلبية وأمراض سرطانية، حيث يعجز السوري اللاجئ إلى لبنان عن دفع تكاليف علاج هذه الأمراض في لبنان.

وأخيراً يبقى السوري اللاجئ بين سندان الحاجة والعوز وبين مخاوف الاعتقال والموت عند العودة، وفي أغلب الأحيان يبقى لسان حال اغلب السوريين "الكحل أحسن من العمى"، فالموت جوعاً أفضل من الموت كل يوم ألف مرة في أقبية التعذيب واللاإنسانية.

ترك تعليق

التعليق