تثبيت الزواج.. صعوبات تواجه السوريين في مصر


على مدار سنوات كانت قضايا الأحوال الشخصية للسوريين المقيمين في مصر من الأمور الميسرة والتي لا يجدون فيها الكثير من التعقيدات، وبخاصةعند لجوئهم إلى محاكم الأسرة والتي تسبق فيها مصر من حيث سرعة الإجراءات، وسهولتها، وتطورها، نظيرتها في سوريا، بأشواط.

تثبيت الزواج للسوريين في مصر

يتم بطريقتين، الأولى عبر مكتب تسجيل زواج الأجانب والأوراق المطلوبة هي (جوازات سفر سارية الصلاحية للزوجين - اخراجات قيد فردية للزوجين من سوريا مصدقة من الخارجية والسفارة السورية في مصر- شهادة عدم ممانعة من السفارة السورية بالقاهرة وينبغي حضور الزوجين وولي أمر الزوجة إلى السفارة لاستخراجها وتصديقها من الخارجية المصرية بعدها- كشوفات طبية للزوجين خاصة بالزواج من مركز طبي – إقامة سارية للزوجين، وتقدر الرسوم بأقل من 150 جنيهاً ورسم 2 بالمئة على المهر وشهادة عدم الممانعة من السفارة تبلغ قيمتها 25 دولار أمريكي).
 
الطريقة الثانية: في حال وجود أي نقص بالأوراق السابقة، أو تم الزواج بموجب عقد شرعي ولم يتم تسجيله بمكتب تسجيل زواج الأجانب في حينها يتم اللجوء إليها عبر رفع دعوى إثبات زواج أمام محكمة الأسرة.

الأسباب التي تدفع بالسوريين في مصر لتثبيت زواجهم عبر محكمة الأسرة
 
عدد من السوريين لا يستطيعون إحضار أوراقهم الثبوتية الخاصة بالزواج من سوريا، أو فقدوا هذه الأوراق أثناء مغادرتهم، وليس لديهم أقارب في سوريا يستخرجونها لهم، وآخرون لا قدرة مادية لهم  لتوكيل محامين بسوريا لاستخراجها لهم، وبخاصة أن اخراج القيد الواحد تبلغ تكلفة استخراجه وإرساله من سوريا إلى مصر، لأكثر من 100 دولار أمريكي، إضافة لأسباب أخرى مثل انتهاء صلاحية جوازات السفر للبعض، وعدم قدرتهم المادية لتجديد جواز السفر والذي تبلغ كلفته 300 دولار أمريكي للعادي و800 دولار للمستعجل، وفي حالات أخرى يكون الولي الشرعي للزوجة غير موجود بمصر، وهذا يلغي إمكانية الحصول على شهادة عدم ممانعة زواج من السفارة، أو في حال عدم وجود إقامة سارية لدى أحد الزوجين.

وسابقاَ كانت محاكم الأسرة الحل الأمثل لهذه الحالات عبر قيامها بمنح أحكام قضائية بإثبات الزواج، ليُسجل الزواج وتنتج جميع آثاره القانونية.

الصعوبات الحالية في تسجيل الزواج عبر المحاكم

علم "اقتصاد" من مصادر خاصة أنه منذ بداية عام 2018 هناك رفض بنسبة تصل لـ 90 بالمئة من القضايا المرفوعة أمام محاكم الأسرة المصرية لإثبات زواج السوريين ويعلل قرار المحكمة برد هذه الدعاوى لعدم الاختصاص كونها من اختصاص مكتب تسجيل زواج الأجانب على اعتبار أن أحد الطرفين أو أحدهما أجنبي.

لمتابعة المشكلة أكثر التقى "اقتصاد" بالسيد "عبد الرحمن"، وهو سوري مقيم في مصر منذ 4 سنوات، ويحدثنا عن مشكلته "تزوجت منذ عامين بكتاب شيخ والسبب عدم تمكني من احضار إخراجات قيد خاصة بالزواج من سوريا، وجواز سفري منتهي الصلاحية، واستشرت محامي فأخبرني أنه يمكنني اثبات الزواج بقرار محكمة، ومع بداية عام 2018 تقدمت بدعوى تثبيت زواج أمام محكمة الأسرة بالسادس من أكتوبر برفقة محامي المفوضية، وبعد حضورنا أول جلسة أنا وزوجتي تم تأجيل الجلسة لثلاثة أِشهر وبالجلسة الثانية صدر القرار برد الدعوى، والسبب أننا أجانب وينبغي أن نسجل زواجنا لدى مكتب تسجيل زواج الأجانب، وبعدها حاولت تسجيل الزواج عبر مكتب تسجيل الأجانب ودفعت مبالغ كبيرة لتجديد جواز سفري وإخراجات القيد من سوريا، ولكن واجهتني مشكلة جديدة أن مكتب تسجيل زواج الأجانب سيسجل الزواج بتاريخ تقديم الأوراق له ونحن متزوجان من سنتين، وحالياً لدي طفل عمره شهرين فإن تابعت تسجيل الزواج بهذه الطريقة سترفض السفارة تسجيل الطفل ولا أعرف ما الذي يجب أن أفعله الآن".

"ابتسام" سيدة سورية تقيم بالإسكندرية مع والدتها التقت بشاب مصري الجنسية وحضرت الأوراق لتسجيل زواجهما، لكن واجهتها عقبة وجوب حضور ولي أمرها للسفارة لمنحها شهادة عدم ممانعة ولكن والدها معتقل منذ سنوات في سوريا، ولا أحد يعلم عنه أي شيء. تحدثت "ابتسام" لـ "اقتصاد": "أمام هذه الوضع تزوجنا بعقد زواج شرعي ورفعت دعوى إثبات زواج أمام المحكمة بعد سنة من زواجنا وعند أول جلسة للمحكمة كان لدي طفل، وكان قرار القاضي صادماً برفضه تثبيت الزواج ولكنه أثبت نسب الطفل لأبيه ليتمكن من تسجيله بالنفوس المصرية وحالياً قمنا بالطعن  بالقرار أمام محكمة الاستئناف".

لمعرفة الحل القانوني التقى "اقتصاد" بالدكتور عصام حامد وهو  محامي المفوضية وهيئة "كير" في مصر، والذي حدثنا: "بالفعل مشكلة كبيرة طرأت هذا العام عبر رفض محاكم الأسرة دعوى إثبات الزواج في حال كان الزوجين أو أحدهما أجنبياً وأن الطريق القانوني لذلك هو مكتب تسجيل زواج الأجانب وهذا ما سبب إرباكاً كبيراً للأجانب في مصر وأنصح الحالات السابقة بالطعن بالقرار أمام محكمة الاستئناف وتوكيل محام مختص بقضايا الأحوال الشخصية لمتابعة القضية وبحسب معلوماتي محاكم الاستئناف تمنح قرارات بإثبات هذا الزواج، لكن هذا الطريق يعتبر طويلاً بالنسبة للمتقاضين من حيث الوقت والكلفة المادية وربما تستمر القضية الواحدة لأكثر من سنة حتى يبت فيها".

ووجه المحامي حامد مناشدة إلى قضاة محاكم الأسرة في مصر وإلى المجلس القومي في مصر لحقوق الإنسان، ومفوضية اللاجئين، كي يتم العمل لحل هذه المشكلة الكبيرة التي يعاني منها اللاجئون عامة والسوريون خاصة والمتعلقة بأحوالهم الشخصية، ومراعاة ظروفهم وأوضاعهم الاستثنائية ولعل أهمها هو فقدانهم لوثائقهم، أو عدم قدرتهم على جلبها من بلدهم لأسباب عديدة.

وختاماً يضم "اقتصاد" صوته إلى صوت د. حامد لتخفيف هذه المعاناة عن عدد كبير من السوريين المقيمين في مصر.

ترك تعليق

التعليق