ما أصعب أن تكون وزيراً في دولة الأسد المخابراتية..!
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - اقتصاد --
- 17 كانون الثاني 2019 --
- 0 تعليقات
يشعر المرء بالإشفاق أحياناً على من يتولون منصب الوزير في دولة الأسد المخابراتية، فهم عدا عن أنهم بلا قيمة وبلا وزن، إلا أن الواحد منهم يجب أن يكون سماكة وجهه بحجم "البلوكة" من أجل أن يتحمل "البهادل" التي لا يعرف من أي اتجاه تأتيه.
وأحياناً يستغرب المرء، السر وراء سعي البعض للحصول على منصب الوزير في سوريا.. فهل يستحق البيت والسيارة وبعض البريستيج، أن يعرض الإنسان نفسه للإهانة إلى هذا الحد..؟!
خلال عملي الصحفي في سوريا ما قبل العام 2011، كانت قد ربطتني علاقة بعشرة وزراء على الأقل، وكان يلفت انتباهي على الدوام أن الواحد منهم لا يضحك وجهه "للرغيف السخن".. لقد ظننت في البداية أن ذلك جزء من بريستيج الوزير، لكن لاحقاً عرفت، أنه قلما يمضي يوم دون أن يتم البصاق في وجهه، إما عبر الصحافة، أو عبر الاتصالات التي تأتيه من القصر ومن أجهزة المخابرات، والتي تذكره على الدوام بأنه لا يملك صلاحيات تحريك كرسيه دون الرجوع إليهما وأخذ المشورة والتوجيه.
وكان إذا أحد الوزراء أخذته العزة بموقعه، ويحدث ذلك غالباً في بداية توليه المنصب، يتم تسليط أرذل الخلق من الصحفيين لكي يشتمه ويوبخه، غير أن رئيس الوزراء عادة هو من يتولى مهمة تنبيه أعضاء حكومته، منذ البداية، بأنهم لا يملكون سلطة اتخاذ أبسط القرارات منفردين، وعليهم دائماً الرجوع إلى القصر من خلال الإيميلين الذين يتم تزويد كل وزير بهما أو من خلال الاتصال بالهاتف مباشرة، إذا اقتضت الضرورة.
وما ينطبق على الوزراء، ينطبق على المحافظين كذلك، فهم لا يمتلكون صلاحيات، سوى توبيخ من هم أدنى منهم في المنصب واتهامهم بالتقصير، ضمن لعبة يعرف جميع الأطراف قواعدها، بحيث أنك عندما كنت تستمع لوزير أو محافظ وهو يوبخ مدير دائرة لديه، تظن بأن هذا المدير سوف يخرج من الاجتماع إلى أقرب مبنى مرتفع من أجل أن يرمي نفسه من فوقه وينتحر، أو يستقيل على أقل تقدير.. لكنك تتفاجئ بهذا المسؤول، بعد لحظات، وقد نسي الإهانة وكأن شيئاً لم يكن.
لقد بنى نظام الأسد الأب والابن، الدولة السورية، على قواعد تقوم على تجريد المسؤولين من كرامتهم، مثلما يتم العمل على تجريد الشباب من هذه الكرامة لدى تأديتهم الخدمة العسكرية، والهدف من ذلك كما هو معروف، الإمعان في إذلال الجميع وسحب إراداتهم وخنق أي طموح لا يتوافق مع رغباتهم، ولا يكون في مصلحة السلطة كنظام سياسي ومخابراتي.
ومن هنا جاءت تسمية الثورة السورية، بثورة الكرامة والحرية..
فعندما تكون كرامتك مصانة، تكون حراً، والعكس يجعلك عبداً.. وهو ما كان يريده نظام الأسد من الشعب السوري، ومن مسؤوليه الحكوميين والإداريين.
وأحياناً يستغرب المرء، السر وراء سعي البعض للحصول على منصب الوزير في سوريا.. فهل يستحق البيت والسيارة وبعض البريستيج، أن يعرض الإنسان نفسه للإهانة إلى هذا الحد..؟!
خلال عملي الصحفي في سوريا ما قبل العام 2011، كانت قد ربطتني علاقة بعشرة وزراء على الأقل، وكان يلفت انتباهي على الدوام أن الواحد منهم لا يضحك وجهه "للرغيف السخن".. لقد ظننت في البداية أن ذلك جزء من بريستيج الوزير، لكن لاحقاً عرفت، أنه قلما يمضي يوم دون أن يتم البصاق في وجهه، إما عبر الصحافة، أو عبر الاتصالات التي تأتيه من القصر ومن أجهزة المخابرات، والتي تذكره على الدوام بأنه لا يملك صلاحيات تحريك كرسيه دون الرجوع إليهما وأخذ المشورة والتوجيه.
وكان إذا أحد الوزراء أخذته العزة بموقعه، ويحدث ذلك غالباً في بداية توليه المنصب، يتم تسليط أرذل الخلق من الصحفيين لكي يشتمه ويوبخه، غير أن رئيس الوزراء عادة هو من يتولى مهمة تنبيه أعضاء حكومته، منذ البداية، بأنهم لا يملكون سلطة اتخاذ أبسط القرارات منفردين، وعليهم دائماً الرجوع إلى القصر من خلال الإيميلين الذين يتم تزويد كل وزير بهما أو من خلال الاتصال بالهاتف مباشرة، إذا اقتضت الضرورة.
وما ينطبق على الوزراء، ينطبق على المحافظين كذلك، فهم لا يمتلكون صلاحيات، سوى توبيخ من هم أدنى منهم في المنصب واتهامهم بالتقصير، ضمن لعبة يعرف جميع الأطراف قواعدها، بحيث أنك عندما كنت تستمع لوزير أو محافظ وهو يوبخ مدير دائرة لديه، تظن بأن هذا المدير سوف يخرج من الاجتماع إلى أقرب مبنى مرتفع من أجل أن يرمي نفسه من فوقه وينتحر، أو يستقيل على أقل تقدير.. لكنك تتفاجئ بهذا المسؤول، بعد لحظات، وقد نسي الإهانة وكأن شيئاً لم يكن.
لقد بنى نظام الأسد الأب والابن، الدولة السورية، على قواعد تقوم على تجريد المسؤولين من كرامتهم، مثلما يتم العمل على تجريد الشباب من هذه الكرامة لدى تأديتهم الخدمة العسكرية، والهدف من ذلك كما هو معروف، الإمعان في إذلال الجميع وسحب إراداتهم وخنق أي طموح لا يتوافق مع رغباتهم، ولا يكون في مصلحة السلطة كنظام سياسي ومخابراتي.
ومن هنا جاءت تسمية الثورة السورية، بثورة الكرامة والحرية..
فعندما تكون كرامتك مصانة، تكون حراً، والعكس يجعلك عبداً.. وهو ما كان يريده نظام الأسد من الشعب السوري، ومن مسؤوليه الحكوميين والإداريين.
التعليق