سوريون في نواكشوط: "شؤون اللاجئين" أصبحت "ملكية خاصة".. والمفوضية ترد


اشتكى لاجئون سوريون في موريتانيا مما قالوا إنها تجاوزات في عمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في نواكشوط وانحرافات في سيرورة عملها بطـريقـةٍ "تنتهك قوانين المفوضية الساميّـة للأمـم المتحـدة لشـؤون اللاجئيـن"، مشيرين إلى أن المفوضيّـة "تحـوّلت إلى ملكيّـةٍ خـاصَّـةٌ شخصيّـةٌ لأشخاصٍ يتسلطون على مقدراتها؛ ويتفردّون بسياساتها، ويتحكمّون بمصائـر اللاجئيـن، بما ينتهك المعايير الأخلاقيـة والإنسانية والقانونية التي تقوم عليها تشريعـات الأمـم المتحـدة وقوانينهـا ودساتيـرهـا.

كان ما سبق -بحسب الشكوى المكتوبة التي تلقاها "اقتصاد"-، ولفتت الشكوى إلى أن هذه المفوضية لم تلتزم الأمانة والموضوعية في قضية ملفات (إعـادة التـوطيـن)، حيث تـمّ، سـابقـاً فـي المـاضـي، تشكيـل الملفـات وإعـدادهـا؛ بنـاءً على الأهواء المزاجيّـة؛ وحسب العلاقات الشخصيّـة المصلحية.

وفي المقابل تـمّ إهمال ملفات العديد من اللاجئين الشرعيين وإخفاء بعض الوثائقيات والتقارير الطبيّة والرسمية المرفقة بها؛ بهدف عرقلتها؛ دون مبررات قانونية؛ ومنع أصحابها من تسريع ملفات توطينهم.

واتهم المشتكون المفوضية السامية في نواكشوط بعدم القيام بأي مبادرات وإجراءات تعمل على (إدماج اللاجئين) السوريين خاصة، والعرب عامة، من أصحاب الكفاءات العلمية المعرفية الأكاديمية والاقتصادية والحرفية والمهنية، كما تقتضي قوانين الأمم المتحدة وميثاق العمل الدولي، علاوة على وجود حالة من الخلـل والتمييـز وعدم المساواة وانعدام الأمانة في قضية توزيع المخصصات والمعونات الإغاثية والمنح والمساعدات-حسب قولهم-.

 وبدوره اتهم الأمين العام لممثلية اللاجئين العرب، د. بدر الدين عبد الرحمن، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في نواكشوط، بالفشل والعجز عن إيجاد الآليّات والبدائل والخطط والبرامج والإستراتيجيات التنموية والتثقيفية والإبداعية الفعالة القادرة على احتواء اللاجئين، ودمجهم واستثمار طاقاتهم المعرفية والعلمية والفكرية والإنسانية والثقافية والإبداعية وحتى الإنتاجية المهنية الاقتصادية، مضيفاً أن ذلك زاد من عزلة اللاجئين ومعاناتهم ومشكلاتهم المأساوية؛ وجعلهم بعيدين عن التعايش والاندماج ضمن الوسط البيئيّ الاجتماعي والإنساني.

 وطالت هذه السلبيات –كما يقول لـ"اقتصاد"- مشكلات اللاجئين الصحيّة وانعدام وجـود لجـان طبيّـة صحيّـة تخصصيّـة تمتـلـك المـؤهـلات العلمية والكفاءات والخبرات العمليّة، وانعـدام التّعـامـل الإنسانيّ مع اللاجئين فاقم من الأوضاع الصحية الخطيرة نتيجة اضطرار عدد منهم كرهاً وقسراً، للتوجّه إلى المشافي الخاصّة، رغم ضعف إمكانياتهم المالية؛ وتدنّي أوضاعهم المعيشية الاقتصادية، معتمدين-حسب قوله- على القروض البسيطة ودعم بعض الجمعيات الخيرية الخارجية، أو الدعم المحدود لبعض المتبرعين من الجمعيات الخيرية المدنية.

 وأشار المصدر إلى أن بعض موظفي المفوضية يتعمدون تزوير هويات اللاجئين والخلط المقصود بين (اللاجـئيـن الشرعـيّـيـن الحقيقييـن النظاميين) الذين تنطبق عليهم -حقاً ونظاماً - شروط ومعايير الأمم المتحدة النظامية المحددة، وبين جماعة من المغتربين السوريين المهاجرين منذ فترات زمنية طويلة تمتد إلى عشرات السنوات، أو ما يسمّون بـ (المهـاجـريـن المقيميـن الاقتصادييـن التجـارييـن)، حسب تصنييـفـات الأمـم المتّحـدة وقوانينها، وبذلك تتم مخالفة قوانين الأمم المتحدة وتجاوز تصنيفاتها وشروطها، عبر عمليات احتيال وتزييف وتـواطـؤات خفيّـة غيـر قـانـونـيّـةٍ –حسب تعبيره-.

وحرصاً من "اقتصاد" على الموضوعية والحيادية عُرضت جملة الإتهامات الواردة في الشكوى على مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في نواكشوط للوقوف على رأيها بخصوص ما ورد في التقرير، فأكدت حرصها والتزامها بتقديم الخدمة والحماية الأفضل لجميع اللاجئين، طبقاً للمعايير والمواثيق الدولية، وحسب قانون اللجوء والقوانين المعمول بها بما يرعى مصلحة اللاجئ، والشفافية التامة. وأضاف رد المفوضية أن مكافحة الاحتيال والفساد والاستغلال الجنسي والمضايقة، يُعتبر على رأس عمل وأولويات المفوضية، ولا تهاون في متابعة أي شكوى بهذا الخصوص. وحسب الرد، تتمثل أولوية المفوضية في حماية اللاجئين وكفالة إدارة الموارد التي تقدمها الحكومات والجهات المانحة بمسؤولية كاملة.

وأشارت المفوضية في ردها إلى أن "إعادة التوطين هي أحد الحلول الدائمة التي تسعى المفوضية لتحقيقها" ولكن هذا الحل -بحسب المصدر- مرتبط للأسف باستعداد الدول لإستقبال وإستيعاب اللاجئين.

عالمياً، هناك فقط 55000 لاجئ تم إعادة توطينهم من أصل ١.٢٠٠٠٠٠ مليون لاجئ بحاجة ماسة لذالك الحل.

 ولفتت المفوضية إلى أن "هناك إلى جانب إعادة التوطين برامج الاندماج المحلي والعودة إلى البلد الأصلي، وهي إحدى حلول المفوضية الدائمة. علماً أن إعادة التوطين تُعطى الأولوية للاجئين الأكثر ضعفاً".

 وأكدت المفوضية في سياق ردها أن "القرار النهائي بشأن قبول أو عدم قبول اللاجئ في إعادة التوطين في بلد، يعود في النهاية إلى بلد الاستقبال".

وبالنسبة للاندماج المحلي أوضحت المفوضية أن هذا الأمر أحد الحلول الدائمة وتواصل المفوضية بهذا الصدد دعمها أمام الحكومة الموريتانية لجميع اللاجئين بغض النظر عن جنسياتهم، لتمكينهم من التمتع بحرية الحركة، والوصول إلى الخدمات الأساسية، والاعتماد على الذات ولاسيما من خلال الوصول إلى سوق العمل المحلية، وهو موضوع صعب ويتطلب وقتاً ومناقشات لتحقيق اهتمام الحكومة بهذا المجال.

 وأبانت المفوضية أن آلية عملها في توزيع المساعدات الإغاثية والمنح، تخضع لتقييمٍ للنظام وووفق الحاجة مع شريكها المنفذ من أجل تحديد أولويات اللاجئين الأكثر ضعفاً على الرغم من نقص الخدمات والمرافق الصحية في موريتانيا.

 وأردفت أن "المفوضية تعمل على تزويد اللاجئين بالخدمات من خلال اتفاقيات مع المستشفيات الحكومية، تقوم أيضاً المفوضية بالدعم عن طريق سداد الرسوم الصحية للرعاية الصحية الأولية والثانوية".

 وكشفت المفوضية أن سياستها فيما يتعلق بدعم المشاريع المدرة للدخل مع شركائها التنفيذيين تقوم على تقديم أسماء اللاجئين إلى الشريك المنفذ ليقوم بالتقييم من خلال الأسس الموضوعة لهذه المشاريع ومدى نجاحها في السوق المحلي، "والأولوية لنا هو دعم الأسر الضعيفة والتي هي في حاجة ماسة للدعم، ويقوم الشريك المنفذ بإخبار اللاجئ حسب التقييم".

وحول سياسة التعليم بالنسبة للاجئين أشار مكتب المفوضية إلى أن هذا الأمر هو جوهر استراتيجية عملها الذي يقوم بدفع رسوم التعليم في المدارس الخاصة لضمان جودة التعليم. بالإضافة إلى ذلك، وبفضل الدعوة أمام الجهات المانحة، قامت المفوضية بزيادة عدد منح "دافي" الدراسية من 18 إلى 80 وتقديم نوع آخر من المنح الدراسية للتعليم من خلال شريكها.

وأعربت المفوضية في ردها عن طموحها في أن تكون قادرة على مساعدة كل أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة لكنها مقيدة بالتحديات العديدة بما في ذلك القيود المالية.

ويقدّر مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عدد اللاجئين السوريين في موريتانيا بأقل من 500 فرد، يتوزعون في العاصمة الموريتانية نواكشوط وفي مدينة انواديبو (شمال موريتانيا) ويمارسون أعمالهم بشكل طبيعي ويسكنون في بيوت يستأجرونها ويتم معاملتهم من قبل الشعب والحكومة الموريتانية كضيوف وأخوة وليس كلاجئين.



ترك تعليق

التعليق