قصة "أبو العربي" مع "فرصة عمل"


خيمة قماشية صغيرة، لا تقي حر الصيف، ولا برد الشتاء، تأوي الخمسيني "أبو العربي"، وزوجته وأطفاله البالغ عددهم (11) طفلاً، وذلك في مخيم المحمدية بريف مدينة عفرين، بعد أن غادر منزله في منطقة جنوب دمشق منتصف العام الماضي، برحلة تهجيرٍ قسري. واليوم، بدأت أحوال "أبو العربي" المادية، تتحسن نسبياً، بعد أن نجح بتوفير رأس مال بسيط من خلال إحدى المبادرات التطوعية.
   
برنامج "فرصة عمل" المهتم بمهجري جنوب دمشق، انطلق مطلع الشهر السابق، متلقياً العديد من الطلبات، لكنّه لم يستطع للآن توفير أكثر من ثلاثة قروض، المبلغ الأكبر منها 350 دولار أمريكي.

"محمود الدمشقي"، مدير البرنامج المعني مبدئياً بمهجري جنوب دمشق، قال إنّ الفكرة انطلقت جراء عجز المؤسسات الخيرية في تغطية حاجات المهجرين، مضيفاً "للأسف كانت في بعض الأحيان سبباً رئيسياً لوقوع الخصومات والشجارات بينها وبين المهجرين من جهة، وبين المهجرين أنفسهم من جهةٍ أخرى"، مُعقباً بأنّ الاعتماد على المساعدات الغذائية بشكلٍ دائم يؤدي إلى توقف عجلة التقدّم الاجتماعي وتباطؤ الإنتاج المحلّي.


وحول آلية النشاط، أشار أنّه يبدأ بجمع وتوثيق معلومات مقدّم المشروع "الفكرة كنشاط تجاري أو صناعي وغيرها، مكان السكن، مكان التنفيذ، رأس المال المطلوب، قيمة الأقساط الشهرية، مدّة السداد"، ثُمّ يتم نشر الاستمارة لعامّة الناس في مُعرّفات "فرصة عمل" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي حال تبنّي المشروع من مؤسسة أو فرد، يُرسل المبلغ أو المساهمة لإدارة "فرصة عمل" التي لا تقتطع أي جزء منه، ويتم تسليمه للمستفيد بوجود شهود وبيان استلام، وتقوم بداية كل شهر بجمع الأقساط المتفق عليها وتقديمها لجهة أخرى تحتاج العون يحددها المُتبرع، وهكذا يتم استثمار النشاط الواحد لتحقيق أكثر من مصلحة. منوّهاً: "وفي حال تعذّر سداد الأقساط لسببٍ ما تقوم الإدارة بتقييم الخسارة وإبلاغ الجهة المتبرعة لاتخاذ الإجراءات وفقاً للظروف".

سوء الأحوال المعيشية وانعدام فرص العمل نتيجة ندرة الشركات التجارية والمنشآت الصناعية وأعمال البناء يدفع المُهجّرين للبحث عن سبل كسب الرزق وتأمين مُستلزماتهم المعيشية بطريقةٍ أو بأخرى.

وبالعودة إلى "أبو العربي"، فهو يحتاج يومياً لمصروف بين 2000 و2500 ليرة سورية باستثناء ثمن الخبز والمياه التي يحصل عليها بشكلٍ مجاني، وقد استدان مبلغ 200 دولار وأضاف إليها 350 دولار منحة التشغيل التي حصل عليها من "فرصة عمل"، واقتنى جهاز توليد كهرباء يُشغّله في المخيم، وهو الآن يتلقّى حوالي 40 ألف شهرياً من أقاربه في المهجر عوضاً عن 80 ألف ليرة، ويتمنّى أن تتوفر له فرصةً أفضل لينتقل من تلقّي المساعدات إلى الإنتاج والحياة بشكل طبيعي.


إضافةً لأبنائه يقطن في الشمال السوري المُحرّر من سطوة "نظام الأسد" 1،674،918 نازحاً ومهجّراً وفقاً لإحصاء منسقي الاستجابة الصادر نهاية العام 2018، ويعيش منهم 248،876 إنسان في 231 مخيماً.

وعلى الرغم من فقدان الكثير من المُهجّرين لمنازلهم وممتلكاتهم وأعمالهم ومناطقهم إلّا أنّ إصرارهم على الحياة يجعل من المستحيل أمراً قابلاً للتحقق، بدايته مشاريع صغيرة تحمل في طيّاتها أملاً يُساعدهم على نسيان سنوات حصارٍ طويلة، وعاملاً يُوفر لهم تأمين احتياجاتهم اليوميّة، آملين أن تلقى أحلامهم آذاناً صاغية لدى المؤسسات المانحة.

ترك تعليق

التعليق