تعليق النظر في طلبات لجوء السوريين بألمانيا.. تساؤلات ومخاوف


قبل أيام، علّقت "الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين" في ألمانيا النظرَ في طلبات لجوء السوريين من حملة الحماية الثانوية، وهو وضع يُمنح للذين واجهوا في بلادهم مخاطر جدية أو أعمال حرب أو عقوبة إعدام أو أعمال تعذيب. وبحسب الأرقام الحكومية، فإن 17400 سوريا حصلوا على هذه الحماية عام 2018.

 وأشارت مجموعة صحف فونكي نقلاً عن وزارة الداخلية الألمانية السبت الماضي (27 نيسان- ابريل 2019) أن بعض طلبات اللجوء التي قدمها سوريون تم إرجاؤها بانتظار تعديلات سيتم إدخالها على توجيهات الوزارة بعد صدور نتائج التقييم الأمني.

وكانت الخارجية الألمانية قدمت نهاية العام المنصرم 2018 تقريراً أشارت فيه إلى عدم وجود مناطق آمنة في سوريا يمكن أن توفر الحماية الكافية والمستديمة لأشخاص ملاحقين من قبل السلطات.

وفيما عبر لاجئون عن مخاوفهم من أن يكون هذا القرار بداية للإمتناع عن منح السوريين حق اللجوء، اعتبر بعض الحقوقيين ونشطاء حقوق الإنسان هذه الخطوة إجراءاً روتينياً ولن يأتي التقييم المرتقب بشيء خارج عن مسار الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان العالمي.

بدوره، أشار المدير الإقليمي للمنظمة العربية الأوربية لحقوق الإنسان "محمد كاظم هنداوي" لـ"اقتصاد" إلى أن قرار إيقاف البت بطلبات لجوء السوريين ريثما يصدر قرار بإعادة تقييم الأوضاع في سوريا، سابقة غير عادية وهو أمر غير جديد –كما يقول- بل كان بحكم المخفي وغير العلني على وسائل الإعلام بسبب الأوضاع في سوريا وبعد توارد مزاعم وأقاويل غير صحيحة في أوساط الألمان عن أن الأوضاع تغيرت وأن الأسد قد انتصر.

 ولفت هنداوي إلى أن ألمانيا لا يمكن أن تنفرد بقرارات أو تصريحات دون الرجوع للمرجعيات الدولية المعنية بالأمر وهي الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان العالمي وخصوصاً أن تقارير صدرت منذ شهر تقريباً تقول إن إعادة إعمار سوريا يحتاج لـ 26 عاماً حتى يصبح بالإمكان القول أنها أصبحت آمنة ويمكن اعادة اللاجئين إليها بشكل عام وليس في أوروبا فقط.

 ولفت هنداوي إلى أن ألمانيا تفكر حالياً بالأشخاص الذين لا يستحقون اللجوء وهم يستفيدون من النظام وينتمون لمناطق موالية له ويستغلون ظروف اللاجئين.

 وأبان هنداوي أنه لا يحبذ هذا الأسلوب في التعامل مع السوريين لأن ألمانيا غير قادرة على الكشف على دواخل اللاجئين ومن هو المؤيد ومن المعارض منهم، وإن كانت هناك أساليب أخرى يمكن للألمان اللجوء إليها لكشف هذا الأمر، ولذلك –حسب قوله- يحاولون الآن التركيز على الفئة المستحقة للجوء وعدم ترك الباب مفتوحاً لمن هب ودب ومنهم للأسف من يعملون مع المعارضة وتسربوا مع اللاجئين وافتتحوا مشاريع كبيرة بأموال مجهولة المصدر.

 وتابع محدثنا أن هناك هجمة كبيرة في الإعلام الألماني ضد السوريين، وألمانيا لا تريد استغلال هذا الموضوع لصالح أي فئة أو الدخول بتجاذبات.

 وعّبر هنداوي عن اعتقاده بأن قرار ألمانيا إيقاف البت بطلبات اللجوء هو إجراء احترازي وخاصة أن ألمانيا مقبلة على فصل الصيف وهو بالنسبة لأوروبا بداية هجرة جديدة، واستدرك أن الأمر لا يعدو كونه رسائل غير مطمئنة لمن يفكر بالهجرة إلى ألمانيا بأن الموضوع اختلف الآن عما كان عليه قبل سنوات.

 وختم محدثنا أن عودة اللاجئين إلى سوريا في ظل بقاء نظام الأسد، ليس بحاجة لتقييم فهو يعبر عن نفسه ويحتاج إلى إعادة إحياء الضمير الإنساني.

وبدورها، رأت المحامية والناشطة الحقوقية "نهلة عثمان" لـ"اقتصاد" أن القرار الجديد يعيدنا إلى قرار اتخذته وزارة الداخلية الألمانية في كانون الثاني من عام 2016 بخصوص إيقاف لم الشمل بالنسبة للحاصلين على حق الحماية، وحينها تداعى الحقوقيون ومن يعملون في مجال الهجرة واللجوء-كما تقول - للتصدي لهذا القرار وخاصة أن هناك أكثر من 200 ألف لاجىء كانوا بانتظار لم الشمل وهو قرار لا يخص السوريين بالدرجة الأولى لأن 99% منهم يحصلون على لجوء لذلك قررت الوزارة المذكورة حينها إيقاف لم الشمل لسنتين، وفي الشهر الرابع من العام ذاته بدؤوا بإعطاء السوريين الحماية فقط دون اللجوء، وهو ما يحصل الآن حيث بدؤوا في الشهر الثالث من هذا العام إعطاء بعض السوريين ممن قدموا على لجوء جديد منع ترحيل دون حماية.

 وكشفت محدثتنا أنها اجتمعت في برلين بعدد من المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وتم التأكيد على أن ما يحصل ليس قانونياً وأن وزارة الداخلية الألمانية لم تعطي موافقة بخصوص الترحيل أو أن سوريا باتت آمنة، وبادرت وزارة الخارجية في تشرين الثاني من العام الماضي إلى إصدار قرار مهم يقول أنه لا يوجد مدينة أو منطقة آمنة في سوريا.

ولفتت المصدر إلى أن القضاء الألماني ضغط على وزارة الخارجية وطالبها بتقرير لمعرفة هل يجب إعطاء السوريين لجوءً أم فقط حماية، وأكدت محدثتنا أن الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين عملت ضد وزارتي الخارجية والداخلية، وبعد قيام عدد من الناشطين والحقوقيين بحملة أعطوا أمراً بإيقاف القرار بالنسبة للسوريين حتى الحصول على تقرير جديد من وزارة الداخلية في الشهر القادم.

وأشارت المحامية "نهلة عثمان" إلى أن المحكمة العليا في (Baden-Württemberg)  وأكثر من ولاية أكدوا أن ما قامت به دائرة الهجرة غير قانوني أو نظامي.

ونصحت محدثتنا اللاجئين السوريين بالاندماج وتعلم اللغة الألمانية وأن ينخرطوا في سوق العمل لكي تتقلص فرص ترحيلهم.

وتستضيف ألمانيا مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين قدموا إليها هرباً من الحرب الجارية في بلادهم، حيث شهدَ عام 2015 أكبر موجة هجرة غير نظامية إلى ألمانيا، بعد اعتماد مستشارتها سياسة "الأبواب المفتوحة".



ترك تعليق

التعليق