تعرّف على أشهر وأبسط الطبخات.. في رمضان حمص


 عاد هذا الموسم، إلى رمضان حمص، بعض من أجواءه، وإن كانت ممزوجة بلوعة وشوق للغائبين. فمع إطلالة شهر رمضان المبارك عادت إلى شوارع حمص مبادرة (ولو بشق تمرة) والتي يقوم من خلالها مجموعة من شباب وشابات العمل الطوعي في عدة حارات من مدينة حمص بتوزيع التمر والماء على المتأخرين عن موعد الإفطار.

كما عادت أجواء العبادة من دروس دينية في معظم الجوامع بعد أداء صلاة العصر، بالإضافة إلى اكتظاظ الجوامع من أجل صلاة التراويح ،وازدحام الأسواق بعد الانتهاء من صلاة التراويح.

 كما عادت إلى حمص عادة السكبة بين الجيران، ففي السنوات الماضية كانت قد اختلفت الوجوه والسكان، أما اليوم فقد بات هناك ألفة بين من تبقى من أهالي حمص والمهجرين إليها.

طبخات حمصية زينت الموائد الرمضانية للتغلب من خلالها على غلاء الأسعار

من أشهر الأكلات الحمصية، طبق من التراث الحمصي والذي لا تخلو مائدة رمضانية حمصية منه وتعرف بـ(طقت ماتت –طقاقة)، والتي تُحضّر من الكعك، حيث يُدق الكعك وقليل من الجوز وبصلة صغيرة ثم يضاف إليها دبس رمضان وطحينة وعصير ليمون وملح ودبس فليفلة حار وقليل من الزيت، ويتم التحريك حتى تختلط المواد جيداً، ومن ثم تسكب بالصحن، وتُزيّن بأوراق النعناع والزيتون الأسود، ويمكن أن تحضر بالبرغل الناعم المنقوع بدلاً من الكعك.

تميز رمضان "الحماصني" هذا العام بطبخة عدس بحصرم، طبخة بسيطة ولكن كلها حديد وفوائد للصحة والجسم، ويتم تحضيرها بـ: فرم البقدونس والسلق ومن ثم نقعه بالماء ومن ثم تصفيته وعصره جيداً، يغسل العدس ويوضع في الطنجرة مع ماء حتى الغليان، ثم يضاف السلق والبقدونس ويحرك جيداً، ثم يضاف الثوم المقطع بشكل دائري، وتغلى جيداً حتى يطهى العدس، يوضع في صحن طحين ويذوب بالماء وبعدها تتم إضافته بالتدريج على العدس والسلق، ويحرك باستمرار، ثم يضاف الملح وحامض الليمون وقليل من ملح الليمون، وفي أصل الطبخة يُضاف عصير الحصرم، ولكنه غالباً غير متوفر. ثم بمقلاة، يُسخن قليل من الزيت، وتسقى به الطبخة، وتقدم معها البطاطا المقلية.

واستطاع الحماصنة توفير طبخة إفطار بسيطة ومفيدة وشهية وبأقل تكلفة وهي طبخة سلق ملفح بالزيت، حيث يتم تحضيرها بفرم السلق فرماً ناعماً، كما يفرم البصل فرماً ناعماً ويوضع في وعاء قليل من الزيت ويوضع على النار، ثم يضاف البصل المفروم حتى يذبل، ثم يضاف السلق وقليل من الملح والفليفلة الحمراء، ويحرك جيداً ويترك حتى ينضج، ويقدم معه مخلل اللفت واللبن أو السلطة.

وأشهر وأطيب وأبسط أكلة زينت موائد إفطار الحماصنة في رمضان هذا العام (حراء أصبعه)

حيث يوضع الزيت في طنجرة على النار، ويضاف فوقه البصل المفروم جوانح ورأس ثوم مقطع شرائح، ويقلب حتى يذبل، ثم يضاف قليل من الماء في الطنجرة فوق البصل والثوم، ثم يضاف النعنع اليابس وقليل من الفليفلة الحمراء وملعقة رب البندورة، ثم يترك ليغلي الماء جيداً، ثم يضاف كمية وفيرة من دبس الرمان، ويترك حتى يغلي جيداً ثم يضاف الخبز المقطع، ويترك دقيقة أو دقيقتين ومن ثم يسكب في طبق التقديم، يمكن تقليته بالثوم أو تزيينه بالبصل المحمر والرمان، تؤكل معه المخللات ولاسيما مخلل الخس.

ولا يمكن أن يمر رمضان من دون أن تتربع "الفتة الحمصية" على مائدة الإفطار، ويتفنن الحماصنة بأنواع الفتات من أبسطها وأرخصها إلى أكثرها تكلفة، وأشهرها: فتة الحمص، فتة الأرز بالدجاج، فتة رأس الخروف واللسانات، وفتة الكشك.

وتحضر فتة الكشك كالآتي: يوضع في طنجرة ماء وتوضع على الغاز حتى يغلي، ثم يضاف فوقه الكشك، حتى يغلي جيداً ويتماسك قليلاً، ثم يسكب فوقه خبز مقطع ويقلب معه دقيقة على النار، ثم تسكب في وعاء التقديم، وتقلى بالثوم، وتُزيّن بالمخللات والبقدونس، أما الكشك (يُحضّر من اللبن والبرغل وينشر بالشمس).

ولم تخلُ المائدة الحمصية من المحاشي، حتى وإن كانت بإمكانات بسيطة كاستخدام رب البندورة عوضاً عن البندورة، وعدم وضع اللحمة ضمن الحشوة، ولكن التفنن في أنواع المحاشي من محشي الكوسا والباذنجان والقرع والفليفلة والبطاطا جعل للمحشي نكهته الخاصة في رمضان.

كما تفنن الحماصنة في أنواع حشوة المحشي ليزينوا المائدة الرمضانية بأنواع المحاشي، كطبخة المحشي صيامي والتي يستخدم فيها الحمص والبندورة والبقدونس في الحشوة.

ومن أطيب الطبخات الحمصية المحشي كوسا بلبن، حيث تُوضع الكوسا المحشوة بالأرز واللحم  فوق اللبن المغلي حتى تستوي الكوسا. وقد استطاع غالبية الحماصنة جعل هذا الطبق أساسي في أحد أيام شهر الصيام ومن دون تكلفة وذلك باستخدام الأرز للحشوة وتنكيهها بالبهار والفلفل والاستغناء عن وضع اللحمة.

وكان أهم طبق رمضاني حمصي الشيش برك مع البرغل بالشعيرية أو الأرز بشعيرية، حيث تحضر عجينة الشيش برك، وتقطع قطع صغيرة وتحشى باللحمة الناعمة والبصل، وتحمر في الفرن، ومن ثم توضع في اللبن المغلي، ويحضر معها الأرز أو البرغل بشعيرية حسب الرغبة.

أصناف موسمية رمضانية

لم يخلُ رمضان الحماصنة من خبز رمضان الذي لا يخبز إلا في هذا الشهر الفضيل، ويعجن خبز رمضان بالطريقة الحمصية من الزبدة والطحين والسمسم وماء الزهر والشمرة، ومنها يباع سادة أو محشو بالتمر.

كما انتشرت في أسواق حمص التمرية التي تصنع من نفس عجينة خبز رمضان ولكن بإضافة النشاء، ومن ثم تقلى بالزيت، وتباع التمرية إما سادة أو محشوة بالجبنة أو القشطة.

وكما لا يخلو رمضان الحماصنة من المشروبات الرمضانية الجلاب والتمر الهندي والعرق سوس، والجلاب مشروب يصنع من أساس التوت، وانتشر في أسواق حمص أيضاً جلاب البرتقال، أما مشروب التمر الهندي فهو عصير التمر.

ولكن لم يكن بمقدور كل أهالي حمص أو المهجرين إليها تذوق هذه المأكولات والمشروبات الرمضانية التي تملأ أسواق حمص نتيجة ارتفاع أسعارها، فاكتفى الكثيرين منهم بلقمة العيش البسيطة المناسبة لقدراتهم المالية المتواضعة.


ترك تعليق

التعليق