لماذا تزداد ظاهرة الطلاق في أوساط اللاجئين الجدد بهولندا؟


أشارت دراسة حديثة وضعها أكاديمي سوري إلى أن 25% من العائلات السورية في هولندا شهدت حالات طلاق خلال السنوات الست الأخيرة، فيما يفكر 25% منهم بأبغض الحلال.

 وأُجريت الدراسة التي أعدها الباحث د. "أحمد جاسم الحسين" في قرية هولندية تقطنها 40 عائلة سورية وتم أخذ العينات منها بشكل عشوائي ومن مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية والمادية.


 ولفت الحسين في حديث لـ"اقتصاد" إلى أن ظاهرة الطلاق في أوساط اللاجئين السوريين في المجتمع الهولندي باتت ظاهرة ملفتة، لأنها لا تقتصر على شخص أو اثنين مثلاً بل على مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين أقدموا على ذلك.

 وتابع محدثنا أن الدراسة كشفت أن نحو ربع السوريين من اللاجئين الجدد في هولندا أقدموا على الطلاق أو هم في صدد القيام بهذه الخطوة.

أجريت الدراسة من قبل "منظمة البيت السوري في هولندا" بالاشتراك مع عدد من المنظمات المهتمة بالمجتمع الهولندي والتي يعنيها اكتشاف تفاصيل الجالية السورية في هولندا ومعرفة محركاتها وأفكارها.

 وقام فريق العمل–بحسب د. الحسين- بإجراء الدراسة التطبيقية ووضع الإطار النظري ومعرفة تفاصيل ذلك وكيف حدث وأسبابه وعوامل حدوثه والعوامل المؤثرة فيه.

 ولفت الباحث القادم من مدينة دير الزور إلى أنه مع فريق بحثه أخذوا عينة عشوائية ولكنها مدروسة وتم التركيز على مجتمع جغرافي يسكنه حوالي 35 ألف هولندي من بينهم نحو 40 عائلة سورية وربع هذه العائلات-كما يقول- لجأوا إلى الطلاق وآخرون مروا أو تحدثوا عن الطلاق أو ينوون القيام به.

وتضمنت استمارة الإستبيان في إطار الدراسة المذكورة 22 سؤالاً حول أسباب الطلاق وتم تقسيمها لعدة شرائح اجتماعية واقتصادية ودينية ومعتقدية وسوى ذلك.

وأبان الحسين أن بعض أسئلة الاستبيان كانت مغلقة من مثل "ما النسبة التي تعطيها لسبب حدوث الطلاق" ضمن ثلاثة شرائح 25 % 50% و100% وثمة أسئلة مفتوحة تتضمن الرأي الشخصي، وتحتوي الدراسة جانباً تطبيقياً وقسم مقابلات مع أشخاص مروا بتجربة الطلاق وتضمنت 7 أسئلة من مثل أثر الطلاق على الأطفال ودور غياب الأهل وغيرها.

 ونوّه محدثنا إلى أن العينة المختارة شملت لاجئين سوريين وفلسطينيين قدموا إلى هولندا في السنوات الست الأخيرة من سويات علمية ومعرفية مختلفة فمنهم المتعلم والأمي والجامعي ومنهم من لديه أولاد، وممن ليس لديهم.

الحسين الذي يعمل مستشاراً في منظمة "war child" لبرامج اللغة العربية ومدرباً على اللهجات والثقافة والتقاليد السورية في "KTV" أوضح أن الهدف من الدراسة محاولة اكتشاف وقراءة أحوال الجالية السورية ومآلها وخصوصاً أن هناك-كما يقول- عوامل ملفتة جداً في ظاهرة الطلاق فالمجتمع الهولندي والأوروبي بشكل عام مجتمع يشجع على الطلاق، وبنية العائلة ليست من البنى الرئيسية في هذا المجتمع.

وأردف معد الدراسة أن هذه المجتمعات لا تريد للعائلة أن تظل كقوة اجتماعية ليسهل للدولة تمرير القوانين والأنظمة التي تريدها، لذلك هناك-حسب قوله–بيئة حاضنة للطلاق، وهنا تظهر الوجوه عارية، فالحوامل الاجتماعية والدينية والفكرية والاقتصادية التي كانت تسند بقاء الأسرة السورية لم تعد موجودة هنا وكذلك لم يعد مفهوم العائلة الكبيرة: الأب والأم والأبناء والأحفاد موجوداً بل بقي الزوجان فقط.

ولفت منجز الدراسة الذي يدير"مؤسسة هارموني للثقافة واللغات" في مدينة مدينة أوترخت الهولندية إلى دور العامل الثقافي المعدوم في أوساط اللاجئين السوريين فما كان يربط الزوجان من روابط ثقافية واجتماعية ودينية وعادات وتقاليد-حسب قوله- لم يعد موجوداً وتم تكسير مفهوم العائلة من لحظة وصولهم إلى أوروبا.

وشدّد معد الدراسة على أن الاستقلال الاقتصادي وضمان الحقوق للجميع من أهم عوامل انتشار ظاهرة الطلاق بين اللاجئين السوريين في هولندا، مضيفاً أن "الطلاق لا يشكل هنا أي حالة أزمة بعكس المجتمع الشرقي لا من الناحية المادية أو الاقتصادية ولا الاجتماعية ولا الفكرية، بل هو حدث يومي للأسف مثل حدث الشرب والأكل وحتى الأطفال باتوا يتقبلون ذلك تبعاً لثقافة المجتمع المضيف."

ومن الأسباب المباشرة لطلاق اللاجئين السوريين في هولندا –بحسب المصدر- "ضرب الزوج للزوجة أو الأطفال واستدعاء الشرطة والجهات الاجتماعية"، و"عدم القدرة على تفهم الحرية في الخروج والدخول والحجاب"، و"رغبة الرجل بخلعه مرة وعدم رغبته في إبقائه في عوائل أخرى"، وكذلك "تراوما الحرب-الصدمة النفسية-" و"انعدام التوازن النفسي لدى أحد الزوجين"، و"عدم القدرة على إيجاد صيغة لتقاسم المساعدة المالية"، و"الخلافات حول تربية الأطفال"، و"ثأر الزوجة على ظلم عتيق"، و"الخيانات الحالية أو القديمة"، و"شرب الحشيش والكحول"، و"الخلافات حول عمل المرأة خارج المنزل"، و"رغبة الزوجة بالتحرر من سلطة الزوج مادياً ومعنوياً، ومحاولتها البحث عن شريك جديد نتيجة تغير ظروف الحياة".


ترك تعليق

التعليق