من تركيا.. سوريون عائدون طوعاً، ومُرحّلون


"حتى نارك جنة"، جزء من أغنية لطالما غناها السوريون قاصدين بها وطنهم الذي اعتبروه "جنة" رغم ما فيه من مآسٍ.

"الجنة"، أي سوريا، تستقبل يومياً عدداً من أبنائها الذين فضلوا العودة إليها على البقاء في الغربة، خصوصاً بعد التضييقات الأمنية التي طبقتها دول مضيفة، بحقهم.

300 ألف سوري كانوا قد عادوا طوعاً من تركيا إلى الأراضي السورية، وتحديداً إلى المناطق التي سيطرت عليها تركيا ضمن عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، حتى أواخر العام الماضي، وذلك عن طريق التسجيل في بلدية اسنيورت، حيث تتكفل البلدية بالتعاون مع الهلال الأحمر، بإعادتهم مجاناً إلى سوريا.

أعداد أخرى كانوا قد عادوا بأنفسهم، طوعاً، دون التسجيل عن طريق أي بلدية.
 
أحد العائدين إلى منطقة عفرين تحديداً، في رمضان الماضي، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "من أسهل المعاملات التي يمكن للسوري أن يقوم بها في تركيا هي تقديم طلب خروج في أمنيات المنطقة المقيم بها، حيث تجري المعاملة بكل بساطة دون الانتظار ضمن دور طويل كما هو الحال في طوابير استخراج الكيملك".

المصدر أكمل: "عقب استخراج ورقة الخروج من الأمنيات يتوجب على المسافر الحصول على إذن سفر خارجي من قائم مقام المنطقة أيضاً، والذي يطلب ورقة الخروج إضافة إلى صورتين شخصيتين للمغادر. واستخراج هذا الإذن لا يحتاج لأكثر من ساعة للحصول عليه".

"عقب الحصول على كافة الأوراق يتجه المسافر إلى أحد المعابر الحدودية التي يقوم فيها بتسليم بطاقة الكيملك الخاصة به على المعبر، إضافة إلى البصم، حيث تشترط الحكومة على المغادر عدم دخول الأراضي التركية مدة 5 أعوام، وفي حال أُلقي القبض عليه داخل الأراضي التركية، مجدداً، فإن الحكومة ستعمل على ترحيله على الفور إلى داخل الأراضي السورية إضافة إلى إمكانية محاكمته قبل الترحيل".

ورغم العودة الطوعية التي سجلها السوريون باتجاه المناطق التي سيطر عليها الجيش الحر المدعوم تركيّاً، والتي قد تزداد مساحتها في حال تحركت هذه القوات باتجاه تل أبيض بعد إزالة الجدار الفاصل معها من الجانب التركي، حسب توقعات متداولة، إلا أن الحكومة التركية شددت من الإجراءات المتبعة بحق الأجانب المخالفين على أراضيها وتحديداً منهم السوريون في اسطنبول، حيث شهدت أحياء المدن حملات مكثفة مؤخراً، أبرزها كانت في منطقة اسنيورت، إحدى ضواحي اسطنبول الأوروبية، نتج عنها ترحيل عدد لا بأس به من الذين تم توقيفهم، باتجاه الأراضي السورية.
 
"اقتصاد" استطاع الحصول على تسجيل صوتي لأحد المرحلين من أبناء الغوطة الشرقية، والذي تم نقله باتجاه معبر باب الهوى بعد أن تم اعتقاله خلال الحملة الأخيرة، من مدينة اسنيورت، حيث قال الشاب إنه تم نقله إلى السجن في القسم الآسيوي عقب التوقيف. وتم سجن الموقوفين مدة 3 أيام ومن ثم أجبروهم على التوقيع على أوراق مكتوبة باللغتين العربية والتركية، إلا أنهم منعوا الموقعين من قرائتها إضافة إلى الصراخ والشتائم التي تلقاها الموقوفون من الشرطة هناك، حسب وصف المصدر.

"بعد التوقيع قاموا بالتقاط صور لنا ومن ثم أعادونا إلى السجن مدة 3 أيام أخرى حيث قاموا في اليوم الرابع بنقلنا ضمن حافلات مليئة بعناصر الشرطة لينتهي بنا المطاف عند معبر باب الهوى في الجانب السوري، حيث تركونا هناك وعادت الحافلة أدراجها باتجاه الأراضي التركية".
 
حوادث أخرى مشابهة جرت بحق سوريين آخرين جلهم من أبناء دمشق وريفها المهجرين، كما أورد مركز الغوطة الإعلامي في تقرير له تحدث فيه عن ترحيل 26 شاباً باتجاه منطقة جنديرس قرب عفرين، في حملة مشابهة طالت المخالفين من ذات المنطقة.

هذه الحملات ستتكثف أكثر كما هو متوقع، حيث يتداول سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي نية الحكومة التركية إجراء حملات تستهدف المعامل والشركات بحثاً عن مخالفين أو غير حاصلين على إذن عمل.
 
يُذكر أن تلك الحملات كانت قد بدأت عقب الفوز الأول لمرشح المعارضة التركية "أكرم إمام أوغلو"، برئاسة بلدية اسطنبول الكبرى. وتكثفت بعد تأكيد نجاحه في جولة إعادة الانتخابات مؤخراً.


ترك تعليق

التعليق