مهلة شهر للسوريين في السودان.. تعرّف على تفاصيلها


فُوجئ السوريون صبيحة يوم السبت الفائت، بتنفيذ الشرطة السودانية لحملة اعتقالات في أوساطهم، بالعاصمة الخرطوم، حيث تم احتجاز بعضهم قرابة يومين ولم يُفرج عنهم إلا بعد دفع الواحد منهم لمبلغ غرامة تُقدر بحوالي 10 آلاف جنيه سوداني أي ما يساوي ١٧٠ دولار أمريكي، مع تعهدهم باستصدار إقامة خلال أسبوع من تاريخ الإفراج عنهم، وذلك حسب أحد السوريين المقيمين في السودان، والذي تحدث لـ "اقتصاد".

وسبقت تلك الحملة المفاجئة بتاريخها، قراراً للشرطة السودانية يقضي بمراجعة أوضاع كافة الأجانب، الأمر الذي أثار حالة من الاستغراب والاستياء في أوساط السوريين بالسودان، وخصوصاً في ظل ما تشهده البلاد من توترات جراء إجراءات مرحلة الانتقال السياسي، إلى جانب ما يعانيه معظم السوريين في هذا البلد، من سوء الأحوال المعيشة، حيث يُقدر متوسط دخل العامل السوري شهرياً بين ١٠٠ إلى ١١٠ دولار أمريكي شهرياً، وهو مبلغ زهيد قياساً بمصاريف الحياة والمعاناة التي يكابدها السوريون في السودان.

ولاحقاً، بعد حملة الاعتقالات المشار إليها، أصدر مدير عام الشرطة السودانية، يوم الثلاثاء، قراراً قضى بمراجعة أوضاع كافة الأجانب المتواجدين على أرض السودان وحاملي الجنسية السودانية وفق للمادة (٩) من قانون الجوزات، بغرض الفحص والمراجعة.

وبالتزامن مع القرار، شنت الشرطة السودانية حملة واسعة في أوساط الأجانب بولاية الخرطوم شملت جنسيات كل من (سوريا، اليمن، ارتريا، اثيوبيا، مصر).

وبالرجوع للإقامة التي فرضتها الحكومة السودانية على السوريين وشروطها وتكاليف استصدارها، ذكر المصدر المقيم في السودان، منذ سنوات، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن هناك نوعان من الإقامات. الأولى: إقامة لغير العاملين والنساء والأطفال، أو ما تسمى (إقامة ظروف الحرب)، وتتطلب فحصاً طبياً ومبلغاً يُدفع للضامن أو الكفيل السوداني لقاء أتعابه (وفق الاتفاق معه)، قد تصل تكلفتها لـ 65 دولا أمريكي عن الفرد الواحد، وذلك وفق ما رصده "اقتصاد" في صفحة "شبكة ديار" المهتمة بشؤون السوريين في السودان، وهو ما أكده مصدرنا كذلك.

النوع الثاني من الإقامات المتاحة، إقامة عمل، وتمنح للأشخاص العاملين وأصحاب المحلات والمقاهي وغيرها من الفعاليات التجارية، ويُشترط لاستصدارها، حصول العامل على ما يسمى كرت عمل، وكفيل أو ضامن. وتبلغ تكلفتها ورسومها حوالي ٤٠٠ دولار.

وأضاف المصدر، أن أهم متطلبات وشروط استصدار الإقامة هو أن يكون جواز السفر السوري ساري المفعول، لذلك يتعين على السوريين ممن انتهت صلاحية جواز سفرهم تمديد جوازاتهم في السفارة السورية بالخرطوم، الأمر الذي سيضيف عليهم عبئاً مالياً لم يكونوا يتوقعونه، حيث تبلغ رسوم تمديد جواز السفر ٣٠٠ دولار أمريكي للجواز غير المستعجل، والذي يحتاج بين ٣٥ إلى ٤٠ يوماً لصدوره، فيما تصل كلفة المستعجل لـ ٨٠٠ دولار أمريكي، وهو ما سيقدم رافداً مالياً لنظام الأسد المتهالك اقتصادياً بعد الارتفاع المتسارع للدولار أمام الليرة السورية.

قرار الشرطة السودانية الأخير والمفاجئ، دفع لجنة دعم العائلات السورية في السودان، وهي منظمة تعنى بشؤون السوريين في السودان، إلى التوسط لدى وزارة الداخلية السودانية لتعديل قرارها وإعطاء مهلة شهر للسوريين لأخذ أنفاسهم، وترتيب أمورهم المالية وإجراءات تجديد جوازاتهم التي تتطلب أكثر من شهر في الجواز غير المستعجل، كما أشرنا في السطور السابقة.

وخلصت اللجنة مع وزارة الداخلية إلى جملة من البنود والتي كان أهمها:

١. كل "الضيوف" السوريين الوافدين إلى السودان يحق لهم إصدار "إقامة إكرامية" من الداخلية السودانية "مجانية" نظراً لظروف الحرب ويحق لهم الإقامة في السودان بموجبها.

٢. كل سوري حصل على الجنسية السودانية يحق له العمل دون كرت عمل كأنه مواطن سوداني.

٣. على أصحاب العمل إصدار كرت عمل لكل مواطن سوري عندهم، حسب القانون.

٤. تمنح المحلات التجارية والمطاعم فترة أسبوع من تاريخ يوم ١١/٩/٢٠١٩ لتقوم بتوفيق أوضاع عمالها ولن تتعرض لحملات التوقيف حسب فترة السماح من شرطة مراقبة الأجانب.

٥. تمنح هذه المحلات والمطاعم فترة شهر تقوم فيه شرطة مراقبة الأجانب بمتابعتها للاطلاع على إجراءاتهم التي يقومون بها.

٦. بعد شهر من تاريخه سيتم توقيف كل مخالف سواء كان عاملاً أو مواطناً عادياً.

٧. تطلب شرطة مراقبة الأجانب من جميع "الإخوة السوريين" الالتزام وتوفيق كل أوضاعهم خلال فترة أقصاها شهر من تاريخ يوم 11/9/2019.

٨. تطلب شرطة مراقبة الأجانب من كل "ضيف سوري" أن يحمل بطاقته الشخصية السودانية إن كان ممن حصلوا على الجنسية السودانية، وجواز سفره وعليه الإقامة إن كان مقيماً، وكرت العمل إن كان عاملاً، ويجب أن يكون إثبات الشخصية بحوزته في أي وقت.

ويرى المصدر والذي يقيم في السودان منذ سنوات أن الإجراءات الجديدة تأتي في إطار التشديد والتضييق على السوريين تحت ذريعة فرض القانون، وهو مشابه لما فرض على السوريين مؤخراً في ولاية استنبول التركية، إذ لم يكن يحتاج السوري لاستصدار إقامة في السودان ويكتفى بدلاً عن ذلك بالتسجيل في دائرة شؤون الأجانب.

وسبق للسودان قبل أشهر، وهو ما أشرنا له في تقرير سابق في "اقتصاد"، أن شدد من إجراءات سفر السوريين إليه وفرض فيزا على السوريين القادمين إلى إحدى مطاراته من أوروبا، وكذلك على الفلسطينيين السوريين القادمين إليه من دمشق.

ويعد السودان من الدول العربية التي استضافت أعداداً كبيرة اللاجئين السوريين، إلى جانب الجارة مصر، في قارة أفريقيا. وأصبح السودان مؤخراً مقصداً لكثير من السوريين الهاربين من نظام الأسد خوفاً من الالتحاق بجيشه على الرغم من الأوضاع الاقتصادية والتقلبات السياسية على الساحة السودانية بعد احتجاجات شعبية أطاحت بالرئيس السابق، عمر حسن البشير.

ترك تعليق

التعليق