عمالة الأطفال النازحين في مخيم الركبان.. طفولة في مهب الريح


يعاني أطفال مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية واقعاً قاسياً خارج جدران المدارس، ويضطر الكثير منهم لمزاولة أعمال تبدو أبعد ما تكون عن بنيتهم وطاقاتهم البدنية، وبعضهم يبحثون عن كل ما يمكن الاستفادة منه في مقالب وحاويات القمامة مما يشكل خطراً صحياً على حياتهم.

 ولفت الناشط "عماد غالي" الذي يعيش في المخيم، في تصريح لـ"اقتصاد"، أن ظاهرة عمالة الأطفال في الركبان ليست جديدة بل بدأت منذ بداية قدوم النازحين إليه وخصوصاً في بداية إنشائه حيث لم تكن هناك مدارس وكان الأهالي-حسب قوله- يبعثون أبناءهم ليجلبوا المياه أو الأواني البلاستيكية والقمامة من أجل التدفئة عليها في فصل الشتاء، وبعد سنة من إنشاء المخيم أصبح هناك مدارس –كما يقول محدثنا- ولكن النسبة الأكبر من الأطفال بدؤوا يعملون في المحال التجارية المنتشرة في المخيم لتأمين قوت عوائلهم، وبعض الأطفال يعملون في نقل المياه من محطة توزيعها إلى البيوت وفي البحث عما يمكن الإستفادة منه في القمامة والنسبة الأقل منهم التحقت بالمدارس.

ويضم السوق الرسمي بمخيم الركبان العشرات من محال الحدادة والنجارة والكومجية ومصالح عدة يعمل بها أطفال من مختلف الأعمار.

 ولفت "غالي" إلى أن الوضع التعليمي في مخيم الركبان سيء بسبب عدم وجود منظمات أو جهات داعمة لعملية التعليم داخله وبسبب الظروف المعيشية الصعبة لقاطنيه فيضطر رب الأسرة إلى تشغيل ابنه الذي قد يكون في سن التعليم فيبتعد عن المدرسة وحتى الأساتذة في السلك التعليمي يحاولون البحث عن عمل رديف لأن عملهم في التعليم شبه تطوعي.

 وأشار محدثنا إلى أن لعمل الأطفال في العديد من المهن أضرار صحية عدة وبخاصة بالنسبة لمن يبحثون في القمامة حيث تنتشر الجراثيم والمكروبات الأمر الذي يشكل خطراً على حياتهم في ظل عدم وجود مراكز صحية أو أطباء داخل مخيم الركبان، ولوحظ في السنوات الأخيرة وفاة العديد من الأطفال بسبب سوء التغذية والتهاب الكبد الوبائي الناتج عن تراكم النفايات وخصوصاً في فصل الصيف.

وناشد "غالي" المنظمات الإنسانية والجمعيات العاملة ضمن الأراضي السورية والمجتمع الدولي عامة، بضرورة الالتفات إلى مخيم الركبان المنسي والوحيد الذي يفتقر لأدنى مستويات الحياة الإنسانية، وحتى المنظمات المحسوبة على الثورة السورية لا تولي هذا المخيم-كما يؤكد- أدنى اهتمام وعليهم انقاذ هذا الجيل من الأطفال الذي ولد ونشأ داخل مخيم الركبان وضاع مستقبلهم.

وثمة أسباب إقتصادية وإجتماعية عدة تدفع بأطفال اللاجئين والنازحين السوريين للانخراط في العمل في سن مبكرة -كما تقول "شيرين مازن" الباحثة في مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في العاصمة الأردنية عما، في تصريحات لـ"اقتصاد"- لأن العديد من اللاجئين السوريين خرجوا من بلادهم دون مردود مادي ودون عمل تركوا بيوتهم وأموالهم في سوريا واضطروا للعمل في ظروف صعبة.

وحول سبب سماح اللاجئين لأبنائهم بالعمل ترى "شيرين" أن دخل رب الأسرة اللاجىء قليل لذا يقوم باستخدام أبنائه كرديف له ويدفع بهم إلى العمل. وقد تكون أسباب عمل الأطفال ذاتية. تقول شيرين "أحياناً يأتي الطفل دون عائلته للظروف الدائرة في سوريا فيضطر إلى العمل ليصرف على نفسه، ويؤمن دخله اليومي، وأحياناً يأتي مع أمه وأخواته فيكون في هذه الحالة المعيل الوحيد لهذه العائلة فيضطر إلى العمل".

وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" فإن هناك ما يقرب من 3 آلاف طفل، ممن حرموا من دخول المدرسة في الركبان بسبب اكتظاظ صفوف الدراسة ونقص المعلمين المؤهلين والظروف المالية الصعبة. وبسبب محدودية فرص الحصول على دخل، فإن معظم العائلات لا تستطيع تحمل أعباء الرسوم المدرسية الشهرية، والتي تبلغ 2000 ليرة سورية (3.5 دولار).

ترك تعليق

التعليق