المفوضية تقطع المساعدات الغذائية عن 20% من اللاجئين السوريين في مصر


تلقت مئات الأسر السورية المقيمة في مصر، من المسجلين كلاجئين لدى مفوضية الأمم المتحدة، رسالة نصية من منظمة الأغذية العالمية، تعلمهم بتوقف المساعدات الغذائية المقدمة من المفوضية بداية شهر كانون الثاني/يناير عام 2020.

وتلقت الأسر السورية هذه الرسالة خلال الأسبوع الماضي. وجاء نص الرسالة كالتالي: "يرجى العلم أن شهر ديسمبر الحالي آخر شهر يحق لكم فيه استلام المساعدات الغذائية وأنه بداية من شهر يناير القادم لن يتم شحن كارت المساعدات الغذائية الخاص بكم".

للمزيد عن هذا الموضوع الذي يهم آلاف السوريين في مصر، يستعرض "اقتصاد" في هذا التقرير أهم الأسباب التي دفعت مفوضية اللاجئين لحرمان هذه العائلات، وآراء عدد من السوريين المتضررين من هذا القرار.

نقص التمويل وتقاعس الجهات المانحة

التقى "اقتصاد" بالمحامي المصري عصام حامد، المتابع لقضايا السوريين في مصر، والذي حدثنا بالقول: "مع دخول أزمة اللجوء السوري عامها التاسع، وتراجع المساعدات المقدمة من الدول المانحة عاماً بعد آخر إلى مفوضية اللاجئين، والمنظمات الشريكة لها، أصبحت هذه المنظمات غير قادرة على الاستمرار بتقديم خدماتها للمستفيدين من اللاجئين، وهذه الخدمات كل عام تتناقص بإطراد كبير، بدءاً بالجانب الطبي وانتهاءً بالمساعدات الغذائية. فخلال السنتين الأخيرتين زادت حدة النقص في الموارد المقدمة من الجهات والدول المانحة، لينعكس ذلك مباشرة على السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين. ولولا تدخل الحكومة الكويتية العاجل لسد هذا العجز لدى برنامج الأغذية العالمي خلال عامي 2018 و 2019 لتوقفت خدماته بشكل كامل".

ويكمل حامد: "مما لا شك فيه أن الإعلان الأخير عن حرمان مئات العائلات السورية من المعونة الغذائية سيزيد من معاناة هذه العائلات، ومن قدرتهم على تحمل أعباء حياتهم اليومية. وهنا لابد لنا من مناشدة الدول المانحة للوفاء بالتزاماتها تجاه خطط الاستجابة لاحتياجات اللاجئين عبر تمويل برامج المفوضية لضمان الحياة الكريمة وتلبية متطلبات الحياة الأساسية لهذه الأسر المنكوبة".

عدد الأسر المحرومة يقارب الـ 1000 أسرة

يحدثنا "بسام" وهو شاب سوري يعمل في إحدى المنظمات الدولية الشريكة لمفوضية اللاجئين في مصر: "بحسب ما وصلنا من معلومات يُقدّر عدد الأسر السورية التي شملها قرار وقف المساعدات الغذائية بألف أسرة، وهو ما يشكل قرابة 20 بالمئة من نسبة المستفيدين من هذه المساعدات وفي حال استمر هذا النقص بالموارد المالية من الممكن أن يتم حرمان أسر جديدة بالأشهر القليلة القادمة".

ويكمل بسام: "لا أعتقد أن اللوم يقع هنا على مفوضية اللاجئين، وإنما على الدول المانحة التي تتخلى عن هذه العائلات والتي تعتمد في قسم كبير من حياتها على هذه المساعدة التي تبلغ 400 جنيه مصري للشخص الواحد، وتُصرف لشراء المواد الغذائية حصراً من المحلات التجارية المتعاقدة معها من قبل منظمة الأغذية العالمية".

وعن الأسر التي تم قطع المساعدات عنها والمعايير التي اتخذت على أساسها مفوضية اللاجئين قرارها، يجيبنا بسام: "بحسب ما وردنا بأن العائلات التي تم قطع المساعدات عنها هي الأسر التي يوجد فيها معيل أو شاب فوق عمر الـ 21 عاماً وفي سن العمل، بالإضافة إلى حالات أخرى لعائلات مسجلة لدى المفوضية، ورغم ذلك سافروا إلى سوريا خلال العام السابق، وعادوا إلى مصر، وبالتالي وعلى الرغم من تسجيل أنفسهم كلاجئين، إلا أن هذا الوصف ربما لا ينطبق عليهم حقيقةً".

ويختم بسام: "إن استمر النقص في التمويل ربما ستقطع خدمات أخرى تقدمها المفوضية للاجئين السوريين في مصر وأما العائلات التي استلمت رسالة نصية باستبعادهم من المساعدات يمكنهم بداية العام القادم تقديم التماس إلى منظمة كاريتاس في المنطقة التي يقيمون فيها لطلب إعادة دراسة ملفاتهم من جديد".

هل هي خطوة لإجبار اللاجئين على العودة إلى سوريا؟

تحدث "اقتصاد" إلى "أبو هاشم"، وهو سوري مقيم في مدينة الإسكندرية يعمل في محل ألبسة، قال لنا: "منذ عدة أيام استلمت رسالة على هاتفي تنص على استبعادي من المساعدات الغذائية، لدي أربعة أطفال أكبرهم لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، ولا أحد يعمل في البيت الا أنا ومرتبي الشهري لا يتجاوز 4 آلاف جنيه مصري أدفع نصفها كأجرة منزل والباقي مع المساعدة الغذائية كان يكفي لتأمين الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة لأسرتي من مصاريف مدارس، وإقامات وملابس ومواصلات، والآن مع توقف المساعدة من المفوضية قد أضطر لإخراج ابني الكبير من المدرسة لأتمكن من تدبر مصاريف وتكاليف المعيشة لي ولعائلتي".

ويختم أبو هاشم: "لا يمكننا فهم سبب قطع هذه المساعدات إلا أنه للضغط علينا للعودة إلى سوريا لعدم تمكننا من تحمل مصاريف المعيشة، وهذه مسؤولية مفوضية اللاجئين لإيجاد حل عاجل لنا وإعادة المساعدات للأسر التي تم قطع المساعدات عنها".

بدورها "أم حامد"، لاجئة سورية في مصر، حدثتنا: "لدي ثلاثة أبناء أكبرهم يعمل في مطعم والبقية في المدارس، وراتب ابني ثلاثة آلاف جنيه ندفع منها أجرة البيت ونعيش بالباقي، ومع زيادة إيجارات البيوت وارتفاع الأسعار كان كرت الغذاء من المفوضية هو الذي يكمل متطلبات حياتنا الأساسية، والآن بعد استلامنا الرسالة بقطع المساعدة لا أعرف كيف سنتدبر تكاليف معيشتنا ولا كيف يمكننا الاعتراض على هذا القرار؟! ومن خلالكم أناشد مفوضية اللاجئين لإعادة النظر بهذا القرار وحل هذه المشكلة، كما أطلب من المؤسسات الإغاثية السورية في مصر تخصيص قسم من مساعداتها لهذه الأسر التي تم قطع المساعدات عنها فهذه الأسر لو لم تكن محتاجة لما كانت المفوضية منحتهم هذه المساعدة من قبل".


ترك تعليق

التعليق