أثاث النازحين في إدلب يصل إلى مناطق سيطرة النظام


في مشهد يُدمي القلوب لم تشهده المناطق المحررة منذ تحرير محافظة إدلب بشكل كامل، شهدت المنطقة موجة نزوح جماعية كبيرة من مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي والجنوبي وكأنها القيامة في مشهد لا يتخيله عقل إنسان.

وبعد رحلة نزوح مليئة بالمآسي والأحزان إلى المناطق المتاخمة للحدود السورية التركية وإلى مناطق "غصن الزيتون" و"درع الفرات"، اضطرت معظم العائلات لبيع أثاث منازلها، بسبب عدم توفر منزل للسكن والحاجة المادية. ولكن تجار الأزمات استغلوا الموقف واشتروا أثاث المنازل بأبخس الأثمان.

وفي حديث خاص لـ "اقتصاد"، قال السيد أحمد الحجي من بلدة كفر عميم بربف إدلب الشرقي: "بعد الهجمة العنيفة من قبل قوات الأسد والإحتلال الروسي على ريف إدلب الشرقي والجنوبي واقترابه من بلدة كفر عميم، قمت بنقل عائلتي واثاث منزلي ومحالي التجارية وعدة آليات زراعية وسيارات إلى مدينة إدلب".

وأوضح الحجي: "عندما قررت السفر إلى تركيا بعد احتلال قريتنا قررت بيع كل أثاث منزلي وعدة آليات. وعندما عرضتها للبيع تفاجأت بالأسعار الزهيدة، حيث ثمّنها أحد التجار بمبلغ يقارب 10 آلاف دولار بينما  قيمة أغراضي وسياراتي يفوق 5 أضعاف المبلغ المدفوع لي".

وتابع الحجي: "بعد تمدد قوات الأسد وميليشياته وسيطرته على قرى وبلدات بريف إدلب الشرقي والجنوبي واقترابه من مدينة سراقب وخوفاً على عائلتي، أجبرتني الظروف على بيع (3 سيارات وأثاث 3 منازل و آليات زراعية) بمبلغ 11500 دولار، لأحد التجار".

بدوره، قال "أبو أحمد" من مدينة سراقب، لـ "اقتصاد"، أنه بعد نزوحه من المدينة واستقراره بالمخيمات بدا أن الأمور تتجه للتصعيد أكثر، من جانب الاحتلال الروسي وميلشيات الأسد.

وأضاف: "تركت خلفي محلي الذي كان مصدر رزقي الوحيد وهو عبارة عن فرن كامل بمعداته والخسائر تقدر بمبلغ يفوق 20 ألف دولار. وإلى الآن، ومنذ ثلالثة أيام، لا أجد خيمة تؤيني أنا وزوجتي".

وتابع: "بعد خروجي من مدينة سراقب حملت القليل من أثاث منزلي وبسبب الحاجة المادية أجبرتني الظروف إلى بيع أثاث منزلي بأبخبس الأثمان، حيث بعت لأحد التجار (غرفة نوم، وغسالة، وبراد، وأدوات مطبخ، وغرفة جلوس) بمبلغ 200 دولار، مع العلم أنني اشتريت أثاث منزلي قبل عدة أشهر بمبلغ 1300 دولار".

وفي سياق الحديث، أكد "أبو العبد"، صاحب محل ألبسة نسائية وسط مدينة إدلب: "لقد أغلقت محلي ولا أعرف إلى أين الوجهة. خسارتي كبيرة ولكن أطلب العوض من الله عزوجل".

إلى أين تذهب البضائع المستعملة؟

وفي حديث خاص لموقع "اقتصاد"، قال "أبو أحمد" (اسم مستعار لأحد التجار): "بعد موجة النزوح الأخيرة ازداد عرض البضائع المستعملة واستغل التجار هذه الموجة وقاموا بشراء البصائع بأسعار زهيدة".

وأضاف التاجر: "هناك قسمين من التجار، القسم الأول محلات صغير تتوزع في القرى والبلدات مهمتها شراء البضائع بأقل ثمن، ومن ثم القسم الثاني (حيتان السوق) ويمكن تسميتهم بتجار الأزمات، مهمتهم شراء البضائع من أصحاب المحلات مقابل ربح بسيط".

وأوضح: "بعد شراء البضائع يتم جمعها في مستودعات كبيرة ويتم فرزها بحسب الصنف والجودة (كهربائيات، غرف نوم، غرف جلوس..)، بعد ذلك يتم تحميلها بسيارات شحن وتصديرها إلى مناطق النظام  أو مناطق سيطرة (قسد) عن طريق المعابر كـ (معبر العيس، ومعبر المنصورة، ومعبر أم جلود، أبو الزندين). وأما البضائع الرديئة فيتم تصريفها في السوق المحلية في المناطق الأكثر أمناً".

وختم "أبو أحمد" بأن مرابح كبيرة يجنيها التجار مقابل هذه العملية، "ولا نستطيع التصريح بالأرباح لأنها متفاوتة ولا يمكن إحصائها ولكن سأعطيك مثالاً على ذلك (فمثلاً غرفة النوم نوع ممتاز يتم شراؤها بـ 75 إلى 100 دولار، ويتم بيعها في مناطق النظام بين 300 إلى 400 دولار)".

في حين تشهد مدينة إدلب حالة نزوح كبيرة تخوفاً من دخول النظام إليها، بعد اقترابه منها بمسافة لا تتعدى 10 كم.

ترك تعليق

التعليق