متطوعون سوريون يستعدون لتقديم الطعام لأكثر من 500 مسنٍّ هولندي


أطلقت "منظمة دار البيت السوري" في هولندا، بالتعاون مع "مطعم علاء الدين"، وعدد من المؤسسات الهولندية، مبادرة لتقديم وجبات طعام مجانية لكبار السن الهولنديين، ممن منعهم انتشار مرض "كورونا" من الخروج للتسوق في منطقة لايدن- البولينستريك- جنوب هولندا-.

ومن المتوقع أن يستفيد من هذه المبادرة المقرر أن تبدأ نهاية الأسبوع القادم، أكثر من 500 مسن ومسنة هولنديين.

 وأفاد القائمون على المشروع أن الفكرة لاقت ترحيباً كبيراً من المجتمع الهولندي والمؤسسات المشاركة، ويتوقع أن يشارك المزيد من المتطوعين السوريين ومن الجنسيات المختلفة لدعم هذا المشروع.


 ويطمح المنظمون لهذه المبادرة أن تأخذ صدى طيباً، وتسهم في تقديم الصورة المثلى للاجئين وللجالية السورية عامة في هولندا، كما أن هذه المبادرة ستضفي طابعاً لطيفاً وانطباعاً جميلاً لدى كبار السن الذين كانوا عاملاً أساسياً في بناء هولندا الحديثة اليوم -كما تقول منسقة المشروع د. آراء الجرماني في حديث لـ" اقتصاد"- مضيفة أن "فكرة المبادرة بدأت مع انتشار مرض الكورونا في المنطقة التي نقطن بها حيث أُنشئت صفحات (فيسبوك) من قبل الهولنديين لمساعدة بعضهم البعض، وتم تقسيم الأحياء بهدف تنظيم جهود المجتمع المدني للمساعدة على محاربة هذا المرض".

 وأشارت إلى أن العديد من الأفكار والمشاريع طُرحت لمساعدة كبار السن أو من لديهم إعاقات ويعيشون في منازلهم ولا يمكنهم النزول لشراء حاجياتهم.

 واستدركت د. آراء أن مؤسسات الدولة مهما كانت كثيرة وذات إمكانيات كبيرة فلن تستطيع تغطية حجم الاحتياجات أثناء هذه الأزمة، لأن الأعداد كبيرة والمرض ينتشر بشكل واسع وسريع، لافتة إلى أن فكرة التطوع بحد ذاتها ليست وليدة اللحظة في المجتمع الهولندي بل هي تقليد راسخ.

 وكان هدف البيت السوري في هولندا–حسب قولها- "تقديم صورة مشرقة عنا كجالية سورية في هولندا".


 وتابعت منسقة المشروع أن تساؤلات عدة برزت في نقاشات القائمين على المشروع حول: "متى نشعر بأنفسنا أننا لاجئون ومتى نشعر أننا مواطنون"، ووصلوا إلى قناعة مفادها "أننا يمكننا أن نرسخ حضورنا كمواطنين وليس كلاجئين في المجتمع الهولندي من خلال المساهمة بمد يد التعاون المجتمعي ولاسيما في الأزمات".

كما تبادر إلى أذهان القائمين على المبادرة أن اللاجئين تتم معاملتهم كغيرهم من أهل البلاد أثناء الأزمة أو في الأيام العادية، فلا بد أنهم يشعرون بالانتماء لها لأنها تساعد وتحمي الجميع دون أي تفريق. واستدعت تلك النقاشات القيام بما يمليه عليهم الواجب.

 وأردفت الأكاديمية السورية أن هذه الظروف هي أوقات بناء ومواطنة وانتماء وفعل انساني ومن هنا جاءت فكرة التطوع لمساعدة كبار السن الهولنديين.

 ومن المقرر أن تشمل المبادرة التي يقوم بها أكثر من 30 متطوعاً، مناطق عدة في هولندا، ومنها "تايلنغن""ليسا"، "هيليخوم".

ونوهت د. آراء إلى أن هولندا وشعبها ومؤسساتها ليسوا بحاجة إلى مبادرة لإطعام كبار السن لديهم ولكنها نوع من المساعدة في "وضع حجرة في البناء" -كما يقول المثل الهولندي-، مضيفة أن هناك إمكانية حالياً لتقديم حوالي 500 وجبة بعد الدراسة الاقتصادية واللوجستية التي أجراها البيت السوري في هولندا مع شركائه في المبادرة.

وقالت محدثتنا: "على الرغم من أن عدداً من الطلاب السوريين في (مؤسسة هارموني للثقافة واللغات) أبدوا رغبتهم بالمشاركة في الطبخ وتوصيل الطلبات إلا أننا نأمل بمزيد من المتطوعين العاملين في الطبخ والتوزيع، من المؤمل أن يتوفر عدد أكبر قبل إطلاق المبادرة".

ولفتت د. آراء إلى أن الأزمة الحالية، "فيروس كورونا"، أتاحت للسوريين ومن خلال مبادرات أخرى متنوعة، أن يبرهنوا أنهم ليسوا متقوقعين في إطار العمل التطوعي على مساعدة اللاجئين السوريين فحسب، ولكنهم يتواجدون حيث تدعو الضرورة والحاجة، ويتيح هذا التواجد لهم الربط بين الثقافتين العربية والهولندية في آن معاً ومساعدة كبار السن في هولندا، "لأننا نعيش معهم لا عندهم، وكمواطنين لا ضيوفاً وثمة فارق شاسع بين المفهومين".

وحول طبيعة النظرة إلى فئة كبار السن في ظل انتشار فيروس كورونا في هولندا وهل تختلف هذه النظرة عن الدول الأوروبية الأخرى أو دول الشرق، أوضحت د. الجرماني أن هذه المقارنة ظالمة لكلا الطرفين، ففي الدول الأوروبية مثل هولندا هناك تأمين صحي للشخص منذ ولادته إلى أن يموت، وهذا نابع من فلسفة خاصة لهذه الدول والأنظمة، فالشخص الذي يدفع تأميناً شخصياً يتراوح ما بين 100 و200 يورو شهرياً من حقه أن يحصل على معاملة كريمة ورفاهية في وقت أزماته أو وصوله إلى الكهولة وعجزه عن الإنتاج، بينما تفتقر الدول العربية إلى التأمين الصحي مما يجعل الأمر منوطاً بمبادئ أخلاقية كمبدأ تكريم الوالدين ورد الجميل لهما من قبل الأبناء، وهو أمر يختلف عن أوروبا التي تعتمد على المؤسسات المسؤولة لرعاية كبار السن.

وبلغ مجموع عدد المصابين جراء فيروس الكورونا في هولندا 10000، ومجموع المتوفين 636 شخصاً حتى تاريخ 28/ 3/ 2020، بحسب ما أفاد المركز الوطني للصحة الهولندي، الذي يتابع رسمياً الأوضاع المتعلقة بفيروس كورونا في البلاد.

 وأضاف المعهد في إفادة يومية أن الحالات التي تم تسجيلها تعود لأشخاص كبار في السن تتراوح أعمارهم ما بين 57 و97 عاماً، مشيراً إلى أن معظم الأشخاص الذين تأكدت إصابتهم بالفيروس يعيشون في منطقة "نورد برابانت" التي سجلت وحدها 1404 إصابات.

ومنظمة "دار البيت السوري في هولندا" منظمة أهلية تقوم بأنشطة متنوعة تشمل السوريين في عموم هولندا، لكنها تركز في المرحلة الأولى على السوريين في منطقة "البولنستريك و"هارلم" و"لايدن" وما حولها، عبر تعاضد الأيادي السورية والهولندية، بحسب وصف المنظمة لنفسها.

ترك تعليق

التعليق