طبيب في مشفى تركي: لهذا السبب لا تفرض تركيا حظر تجوال عام


أكد الطبيب التركي من أصول سورية، محمد إسمر (‏‎Mehmet Esmer‎‏)، العامل في قسم الإسعاف بمستشفى "بيليك دوزو الحكومي Beylikdüzü Devlet Hastanesi" بولاية إسطنبول التركية، أن تركيا تخشى في ظل انتشار فيروس "كورونا" من تكرار سيناريو إيطاليا التي اجتاحها الفيروس وأخذت الأمور فيها تخرج عن السيطرة.

وأشار الطبيب إسمر في حوار خاص مع "اقتصاد" إلى أن تركيا تتجنب فرض حظر تجوال عام في البلاد خشية على الاقتصاد، لأن ذلك سيكون له تداعيات سلبية وخاصة على القطاع الخاص في البلاد.

كما تحدث الطبيب إسمر عن حالة الطوارئ التي تعيشها تركيا بسبب الفيروس، واستعدادات المشافي، إضافة لأهم النصائح للوقاية من "كورونا".

 وفيما يأتي نص الحوار:

هل تخشى تركيا من أن تتفلت الأمور من بين يديها وتتحول إلى ايطاليا أخرى بسبب تفشي فيروس كورونا؟

 "طبعاً، الأمر وارد وخطير ولذلك تحاول تركيا أخذ التدابير واستباق الأحداث بشكل جدي، على عكس ما حدث في ايطاليا، فنحن كل يوم نصحى على مجموعة جديدة من التعليمات والقرارات للحد من انتشار الوباء".

مع تخطي عدد الإصابات بالفيروس في تركيا حاجز الـ 20 ألف مصاب والوفيات أكثر من 500 حالة وفاة، ما تزال تصر الحكومة التركية على عدم فرض حظر تجوال عام.. لماذا؟

"حظر التجول هو خيار جيد، ولكن أعتقد أن السبب الأول لعدم فرضه هو السبب الاقتصادي، فنحن نعلم بأن تركيا فرضت حظر تجول على من هم فوق عمر الـ 65 عاماً، ومؤخراً وسعت الشريحة لتشمل كل شخص تحت الـ 20 سنة، فالواضح بأن الأعمار بين 20-65 هي الأعمار المنتجة والعاملة، وفرض حظر تجول عليها سيؤثر على الاقتصاد بشكل سلبي كبير وخاصة القطاع الخاص، حيث أن الشركات لن تستطيع دفع رواتب الموظفين دون وجود دخل، وكذلك الدولة لا تستطيع تغطية احتياجات مالية لعائلات أعداد أفرادها بالملايين".

هل تتجه الأمور نحو فرض حالة الطوارئ؟، وهل الأمر يستدعي أن يكون هناك أطباء متطوعون؟

"تركيا حالياً في حالة طوارئ، والإجراءات المتبعة إلى الآن تعطي فكرة واضحة عن مدى جدية الوضع ومدى استنفار الدولة لمواجهة الوباء، فنحن اليوم نشهد قرارات لم يشهدها آبائنا وأجدادنا من إغلاق المساجد وتعليق صلاة الجمعة وتقييد ساعات العمل وإغلاق محلات لا تقدم خدمات أساسية للحياة اليومية من حلاقين وبائعي ألبسة".

"أما بخصوص التطوع فباب الهلال الأحمر دوماً مفتوح للتطوع، أما إذا كان قصدكم التطوع للعمل في المشافي والمراكز الصحية فأعتقد بأن تركيا لديها عدد أطباء وممرضين كافي لمواجهة الوباء، فحالياً تم إلغاء جميع العمليات الجراحية غير الإسعافية، وكذلك مواعيد العيادات الخارجية للمشافي، والكوادر متفرغة للعمل في الإسعاف والأجنحة والعناية المركزة لمتابعة المرضى المصابين".

"كلنا نعلم أيضاً أن في تركيا أطباء عائلة وهم أيضاً على أهبة الاستعداد للعمل في الإسعاف أو المشافي حسب الحاجة، كما أن هنالك آلاف طلاب الطب في السنة السادسة أو ما تسمى سنة الامتياز، بالإمكان الاستعانة بهم في حال الحاجة، فالكوادر موجودة وجاهزة تتبع تعليمات وزارة الصحة".

ما عدد المستشفيات الجاهزة للعزل؟، وما عدد الأسرّة فيها؟

"العزل بداية لا يحتاج مستشفيات، بل إن العزل يحتاج الالتزام بالسكن وعدم الاختلاط، ونرى تركيا تقدم غرفاً سكنية للقادمين من العمرة أو من دول أخرى بهدف العزل".

"بخصوص عدد الأسرّة في المستشفيات فليس لدي أرقام معينة، لكن تركيا لديها مستشفيات كبيرة وكافية وكما أنها تسرع افتتاح مشافي كان مخططاً لها الافتتاح لاحقاً، وكما نعلم أن من يحتاج رعاية طبية من مصابي كورونا لا يتجاوز 14-20% من المصابين، وبناء على العلاجات المقدمة الآن فإن مدة التداوي في المشافي هي خمسة أيام تقريباً ثم يخرج المريض ليلتزم بالحجر المنزلي بعد علاج أعراضه".

"يجب ألا ننسى بأن أغلب المستشفيات بعد إيقافها العمليات غير الإسعافية، حولت الكثير من أجنحتها لأجنحة تستقبل مرضى كورونا مما زاد عدد الأسرّة وعدم الاعتماد فقط على الأسرّة التي كانت في أجنحة الأمراض الصدرية والإنتانية".

"وحدات العناية المركزة، لا تُحسب بالعدد وإنما كنسبة بين عددها إلى عدد المواطنين في البلاد، فالدولة الكبيرة تحتاج عدداً كبيراً من الأسرّة والدولة الأصغر تحتاج عدداً أقل، فتركيا دولة متقدمة ولديها عدد أسرّة أكثر من أي دولة أخرى مقارنة بعدد سكانها، حيث تملك تركيا 43 سرير عناية لكل 100 ألف مواطن، بينما تملك إيطاليا فقط 12 سرير لكل 100 ألف مواطن حسب تصريحات وزير الصحة التركية".

ما عدد الاختبارات التي تقوم بها وزارة الصحة في تركيا؟، وهل هناك أجهزة تنفس اصطناعي كافية؟

"عدد الاختبارات كل يوم في تزايد مستمر، وكان الهدف الوصول لـ 15 ألف اختبار باليوم، وفي 4 نيسان تم إجراء 19664 اختبار خلال 24 ساعة، وهو ما تجاوز الهدف والتطلعات، ويتوقع زيادة الأرقام أضعافاً عند توفر اختبارات الفحص السريع التي تشخص المرض خلال 15 دقيقة".

"فيما يتعلق بأجهزة التنفس الاصطناعية، فتركيا لديها أجهزة كافية في المرحلة الحالية، ولكن لا نعرف إلى أين يمكن أن تسير الأمور، لذلك تم الاتفاق مع عدة جهات وشركات على إنتاج وتوريد خمسة آلاف جهاز تنفس صناعي إلى وزارة الصحة في غضون شهرين".

ما السبب الذي يمنع تركيا من إجراء تحاليل على عدد أكبر من العدد الحالي على اعتبار أنه  كلما زاد عدد المختبرين كلما اقتربت من معرفة السقف العام للإصابات؟

"إلى الآن لا يوجد تحليل واحد يسمح بإجراء مسح استقصائي للجميع، فمثلاً حالياً في المشافي يتم استعمال الطبقي المحوري الذي يساعد على التشخيص الباكر والأولي لحالات ذات الرئة الفيروسية التي يسببها فيروس كورونا للذين يعانون من أعراض الإصابة، ولكنه ليس حلاً لمن لا يعاني من أعراض ولا يمكن الاعتماد عليه في المسح الاستقصائي بسبب كمية الاشعاع التي يتعرض لها الشخص، وما لها من تداعيات على المستوى البعيد كزيادة فرصة الإصابة بالسرطانات".

"إذا تكلمنا عن تحليل PCR (للكشف عن الفيروس)، لمسحة من البلعوم الفموي والأنفي، فهو تحليل مكلف وعدد المخابر التي تستطيع تقديمه محدود، إضافة إلى أن حساسية الاختبار ليست عالية جداً كما يظن الجميع، أي يمكن أن يعطي نتيجة سلبية، ولكن الشخص يكون حامل للفيروس وهو ما يسمى سلبية كاذبة لذا قد يتطلب إجراء الاختبار عدة مرات، فنحن نشخص الشخص المصاب بناء على الحالة السريرية ومجموعة تحاليل مخبرية واستقصاءات شعاعية مجتمعة".

"بناء على ما سبق تشخيص جميع المصابين ليس حلاً، ولا ننسى بأن أغلبية المصابين ليس لديهم أعراض. الأفضل هو إبطاء عملية انتشار الفيروس أو إيقافها بالالتزام بالتعليمات من تقليل الاختلاط، والالتزام بأساسيات النظافة العامة التي توصي بها وزارة الصحة يومياً".

ماذا عن الحالات الطبية غير العاجلة؟، وكيف يتم التعامل معها؟

"تم إيقاف إجراء أي عمل جراحي غير إسعافي ويمكن تأجيله، كذلك العيادات الداخلية خفضت عدد العيادات والمواعيد في المشافي للحد الأدنى لتقليل الاختلاط وزيارة المشافي، ولكي تتفرغ كوادر المشفى لمواجهة الحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد".

ماذا عن أعداد الوفيات بسبب كورونا، هل هي في تزايد أم في تناقص؟، وهل يمكن أن يعود المصاب بكورونا إلى نكسة أو إصابة من جديد بعد الشفاء منه أول مرة؟

"أعداد الوفيات هو في تزايد خفيف وهذا طبيعي مع استمرار انتشار الوباء، وقد يتساءل البعض بأن عدد الوفيات كان حالتين أما اليوم 69، فالزيادة ليست بسبب قلة التدابير وإنما بسبب زيادة عدد الحالات المصابة فالنسبة مستقرة وبزيادة بطيئة".

"بخصوص الإصابة مرة أخرى بكورونا فهذا الأمر وارد ولكن قليل، والسبب وراءه قد يكون بسبب الحالة المناعية الضعيفة للشخص المصاب، وفي هذه الحالة يكون المريض قد تجاوز الإصابة بمساعدة الأدوية اللازمة، ولكن لم تساعده على تشكيل مناعة كافية ضد المرض، والسبب الآخر لعودة الإصابة للبعض بأن فيروس كورونا يطور سلالات مختلفة تسبب إصابات بأعراض مشابهة".

وفي ختام اللقاء تحدث الطبيب إسمر عن أهم النصائح الطبية للوقاية من فيروس كورونا وهي:

"للوقاية ليس هنالك أفضل من الالتزام بالقوانين الأربعة عشر التي توصي بها وزارة الصحة التركية وهي نتيجة اجتماع آراء خبراء واتفاقهم عليها، وهي:

1 – الغسل المتكرر لليدين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
2- المحافظة على مسافة متر واحد على الأقل بين الأشخاص.
3- التهوية المستمرة للأماكن المغلقة.
4- غسل الألبسة على حرارة لا تقل عن 60 درجة مئوية.
5- عند ظهور أي أعراض تنفسية أو سخونة الاتصال بالرقم 184 المخصص للاستشارة.
6- عدم لمس الوجه والعيون.
7- الالتزام الكامل في المنزل لمدة 14 يوماً لكل شخص أتى من خارج تركيا.
8- استعمال المناديل أثناء السعال والعطاس واستعمال الذراع لتغطية الفم عند عدم وجود منديل.
9-إلغاء أو تأجيل السفر الخارجي والداخلي.
10- غسل ومسح ومستمر مماسك الأبواب والحنفيات بالماء والكلور.
11- عدم السلام بالأيدي أو الأحضان.
12- الالتزام بارتداء الماسك في الأماكن العامة وعدم الاقتراب من كبار سن، إن كان لديك أي أعراض تنفسية.
13- عدم مشاركة الأدوات الشخصية والمناشف مع أحد.
14 – شرب الماء الكثير والغذاء المتوازن مع النوم الكافي".

ترك تعليق

التعليق