"أوقاف النظام" تقرّ.. 225 ألف ليرة شهرياً، حاجة الأسرة الواحدة لتأمين الطعام فقط


نادراً ما يصدر تصريح عن الدوائر الرسمية في نظام الأسد يؤكد معاناة السوريين جراء سوء الوضع المعيشي وارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية وتدني رواتب الموظفين وأجور العاملين وانعدام فرص العمل وكساد الأسواق وضعف القدرة الشرائية.

وزارة الأوقاف في ذات النظام، تطل كلّ عامٍ قبل أيامٍ من دخول شهر رمضان معلنةً "جدول بعض المقادير الشرعية وما يساويها من الوزن والنقد السوري"، مراعيةً في تحديد القيمة المالية، الحد الأدنى بالعملة السورية.

شهدت أسعار كافة المنتجات في الأسواق السورية بما فيها المواد الغذائية ارتفاعاً موازياً لسعر صرف الليرة السورية أمام العملات الصعبة منذ منتصف العام 2011 حتى يومنا هذا، ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 1400 ليرة بعد أن كان بـ 50 ليرة فقط في العام 2011.

وبحسب جدول مقادير الأوقاف ذي المرجعية الشرعية بالعام 2009 -قبل انطلاق الثورة ودخول سوريا في حرب مفتوحة-، فإنّ "كفارة اليمين" التي تشمل إطعام عشرة مساكين وجبتان مشبعتان أو كسوتهم، كانت تساوي 2000 ليرة سورية، أي 100 ليرة سورية للوجبة الواحدة، وكان سعر الدولار الأمريكي الواحد آنذاك يتراوح بين 45 و 50 ليرة، بالتالي فإن تكلفة وجبة واحدة مشبعة لفرد واحد تكلف 2 دولار أمريكي.

وفي نشرة المقادير الشرعية الأخيرة الصادرة في 7 نيسان/أبريل هذا العام، قدّرت الوزارة كفارة اليمين بـ 15 ألف ليرة، بمعدل تكلفة الوجبة المشبعة الواحدة 750 ليرة، بارتفاع 15 ضعفاً عن العام 2011 قياساً بسعر الليرة، وبنحو 13 ضعفاً قياساً بسعر صرف الدولار الأمريكي.

بحسبة بسيط نستنتج، أنّ عائلة مكونة من 5 أشخاص تحتاج يومياً إلى 7500 ليرة سورية لتأمين الطعام فقط، أي 225000 كل شهر، دون احتساب المصاريف الأخرى كـ فواتير الكهرباء والمياه والأنترنت والكساء والدواء وأجور المواصلات وتكاليف التدفئة ومستلزمات الأطفال والمناسبات، ولم نتطرق أيضاً لأجرة المنزل الذي تجاوز 100 ألف ليرة في الحدود الدنيا بالمناطق الريفية الشعبية ذات الخدمات المتواضعة والمحدودة.

وما بين الأعوام 2012 - 2019 استقرت قيمة بدل كفارة اليمين وفقاً للمقادير الشرعية بنحو 500 ليرة للوجبة المشبعة الواحدة وباختلاف سعر صرف الدولار الأمريكي المتصاعد.

بعيداً عن الأوقاف، فقد تصدرت سوريا مؤخراً قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم بنسبة بلغت 82.5% بحسب موقع "World By Map" العالمي. ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة فإنّ 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، و33% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

يبلغ راتب الموظف في الدوائر الرسمية بين 50 و 70 ألف ليرة سورية، بنسبة تدني فائقة وفقاً لسعر صرف الليرة، إذ كان الحد الأدنى منها في العام 2011 نحو 15 ألف ليرة سورية -300 دولار آنذاك-.

وفي ظل تنامي احتياجات الإنسان السوري نشهد حرباً شعواء تدور بين رؤوس الأموال للحفاظ على ما تم اكتسابه خلال السنوات الطويلة الماضية، والسيطرة أكثر على ما تبقى من موارد البلاد وتقديمها للدول الفاعلة في الملف السوري والحامية لهم على حساب الشعب السوري.

وتستمر دوائر نظام الأسد في تجاهل الحاجات الأساسية للإنسان في سوريا، "الغذاء - السكن - النقل - الأثاث - الألبسة - التعليم - الصحة - الاتصالات"، وسط عدم بحثها عن أصل المشكلة الاقتصادية التي جعلت السوريين عرضة لمشكلات أكبر، إضافةً للمكابرة وعدم الاعتراف بالعجز الملحوظ.

ترك تعليق

التعليق