أبطال صغار.. بائعة السندويش، و"تيماء"، وآخرون


كان لارتفاع سعر صرف الدولار وانتشار جائحة  كورونا حول العالم، وإغلاق المعابر التجارية التي تصل المناطق المحررة بمناطق النظام و"قسد"، نتائج كارثية على الأوضاع المعيشية للأسر السورية في محافظة إدلب. فبعد موجة التهجير وخسارة الكثيرون لأعمالهم، بات الأطفال مجبرين أن يدخلوا معترك الحياة، لمساعدة عائلاتهم في تأمين قوت يومهم.

بائعة السندويش

من بسطة صغيرة كعمرها، وجدت "حفيظة" ابنة الـ 13 ربيعاً، مصدر رزق يعين عائلتها ولو بقليل من المال بعد تهجيرهم من مدينة سرمين ودمار منزلهم بفعل غارة من الطيران الروسي حولت المنزل لكومة من حجارة.

تقول حفيظة في حديثها لموقع "اقتصاد": "من لما تهجرنا ووالدي لم يترك مكان إلا وبحث فيه عن عمل في أي مجال كان لكن دون جدوى، فكر بالبداية يعملي بسطة بسكويت واكلات طيبة للأطفال بس ما كان معو مصاري تكفي لهيك قرر نفتح بسطة سندويش فلافل ما بدها مصاري كتير كل المستلزمات موجودة بالخيمة من زيت ومقلاية وغاز بس بنجيب تتبيلة".
 

الفلافل والخبز والخضار، هكذا بدأت "حفيظة" ببيع سندويش الفلافل لأطفال المخيم.

"بس حتى نقدر نعيش وما نعتاز حدا وضعنا كتير صعب خسرنا كل شي".
 
"كل يوم بجهز مع والدتي الفلافل والسندويش وببيع السندويشة بـ ٢٠٠ ليرة سورية كلفتها تقريباً بين ٧٥ و ١٠٠ ليرة حسب سعر الخضار من بندورة وخيار. تقريباً كل يوم بطالع ٢٠٠٠ ليرة أكتر أقل شوي.. الحمد لله المهم شي نستر حالنا".

هناك أحلام بسيطة حُرمت منها "حفيظة" نتيجة العوز الذي أصاب عائلتها. تقول: "بتمنى ارجع على بيتي ومنطقتي ومدرستي.. شوف رفقاتي ويكون عندي دفتر رسم لأنه حابة صير آنسة رسم".


٦ أطفال يعملون في بيع المشروبات الرمضانية

وفي مخيم للنازحين قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، يعمل ٦ أطفال في بيع المشروبات الرمضانية لمساعدة والدهم في تأمين المعيشة.

الطفل "محمد المهدي" 16 عاماً، و"محمد طه" 14 عاماً، و"محمد بهاء" 12 عاماً، و"شيماء" 10 أعوام، و"آلاء" 6 أعوام، و"تيماء" 4 أعوام.. جميهم يشاركون والدهم في صناعة المشروبات الرمضانية ومن ثم بيعها على بسطة أمام خيمته وفي مناطق أخرى.


وأفاد والد الأطفال الستة، ويدعى "أبو مهدي"، في حديث لموقع "اقتصاد": "لما أصبت بغارة جوية من الطيران الحربي أثرت فيني كتير، وما عاد فيني أعمل أي شيء، لأنه الإصابة كانت بالعامود الفقري وتكلفة العملية كبيرة، ومو باستطاعتي تأمينها.. مشان هيك أشركت أطفالي بالعمل معي، بحيث اقوم مع زوجتي بصنع المشروبات الرمضانية متل السوس والتمرهندي والجلاب.. وبعدها بنوزعها على البسطات".

"أمر صعب لما تشوف أولادك تاركين الدراسة وعم يشتغلوا من صغرهن. بس ما في حل، المعيشة صعبة جداً، والمنظمات ما عم تقدم متل ما هو مطلوب، وعيشة المخيمات صعبة كتير ومن لما تهجرنا من بلدة كنصفرة بجبل الزاوية، زاد وضعنا سوء".

الطفلة "تيماء" التي اشتُهرت على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر وكالات أنباء عالمية، بوصفها أصغر طفلة تبيع المشروبات الرمضانية في الشمال السوري لمساعدة عائلتها في المعيشة، كانت هي إحدى أطفاله.

تعج المناطق المحررة في الشمال السوري بالقصص المؤلمة كل منها يحاكي الواقع المرير للسوريين، كباراً كانوا أم صغاراً، مأساة لا يُرى في الأفق القريب انفراج لها، لكن تبقى أمنيات أن يكون الغد أجمل، ليخفف معاناة قاطني الشمال السوري، ويبدد حال مخيماتهم السيء.

ترك تعليق

التعليق