الاقتصاد يعزز صراع اللاجئين في الدنمارك


"محمد"، لاجئ سوري قدم إلى الدنمارك سنة 2014، محمّلاً ككل السوريين بأحلام الخلاص والحياة الآمنة، وهو ما وجده في واقع الأمر، ولكن المفاجأة كانت –كما يقول لـ "اقتصاد"- ليست من الدنماركيين الذين بينهم عنصريون بطبيعة الحال، ولكن من اللاجئين القدامى العرب الذين وجدوا منافسين جدد لهم في الإعانة والاهتمام.

عنصرية.. اقتصادية

يتابع "محمد" حديثه لـ "اقتصاد": "لم يتضح الصراع مباشرة لكن بعد سلسلة من نجاحات اللاجئين الجدد من السوريين والفلسطينيين السوريين بدأت علائم الصراع في الصعود، وبدا أن غطاء انكشف عن اللاجئين القدامى الذين يعيشون على الإعانات فقط وبالكاد يعمل منهم جزء بسيط".

"يوسف"، وهو لاجئ سوري، يقول لـ "اقتصاد": "في بداية وصول أي لاجئ إلى بلد لا يعرف لغته وطرق العيش فيه يبحث عمن يفهمه وهذا ما جعلنا نتعرض لعمليات خداع ونصب وغش في المعلومات من قبل بعض اللاجئين العرب القدامى".

"صباح" لاجئة منذ خمس سنوات في الدنمارك، تقول لـ "اقتصاد": "أنا لم أعاني من الاندماج هنا واستطعت أن أتفوق في اللغة، وتفوقت بشهادة الدنماركيين الذي استغربوا لغتي السليمة بهذه السرعة، وبدأنا أنا وعائلتي بمشروع صغير نجح بسرعة، والغريب أن من يحارب هذا النجاح هم العرب الذين يرون فينا منافسين أفسدنا عليهم حياتهم".

اليسار الجديد

ناشطون سوريون أعلنوا عبر صفحات على "فيسبوك" عن ولادة حزب جديد يقف وراءه ثلاثة أشخاص، لبنانيان ودنماركي، وتم التركيز على اللبناني أحمد عكاري، ذو الخلفية الدينية، حيث كان يعمل إماماً لأحد المساجد، وكان يحرض المسلمين على الوقوف في وجه العداء العنصري للإسلام وخصوصاً بعد عدة عمليات حرق للقرآن قام بها العنصري الشهير (راسموس بلودان)، ولكن تغيراً كبيراً حصل في مواقف الرجل بعد سنوات، وهو يرى من خلال آراءه الجديدة أن "من الصعب إدماج المسلمين في المجتمع الدنماركي".

أما عن الشخصين الآخرين فهما Hanna Ziadeh و Jens Baj وفق الصفحات التي نشرت الخبر، ومن طموحات الحزب الحصول على تأييد 20000 توقيع وهو ما يعطيه الحق لدخول ساحة الانتخابات، ومن بعدها يحارب للحصول على أصوات لدخول البرلمان.


ومن المقرر إعلان أهدافه قريباً ولكن الواضح وفق منتقديه أنه يتبنى سياسة محاربة اللاجئين، وينتقد أداء اليساريين (الكتلة الحمراء) الذين يرون أنهم فشلوا ولم يضعوا سياسة تخدم المصلحة العامة.

أما النقاط العريضة فهي محددة بالتالي: تطوير قيم الحرية الغربية في أوروبا، والاشارة غمزاً إلى الإسلام من خلال تعبير (الأديان التي تعتبر الكتب المقدسة معصومة وتفسيرها حرفياً ولا تتقبل تغير مفهوم الدين مع تغير المجتمع)، بالإضافة لضمان مجتمع رعاية عادلة، وإعادة الهيكلة الخضراء (البيئة)، وتعزيز قيادة الشعب مع زيادة الاستفتاءات في المجالات التي يتجاهلها السياسيون، وخلق علاقات عالمية أكثر أماناً مع تجارة سلمية ومحاربة الفقر وغش الضرائب.

أما الخشية الحقيقية فهي في الأهداف غير المعلنة كما يراها البعض، والتي تتمثل في محاربة المسلمين تحت شعارات "الإسلام المتشدد".

لعبة سياسية

معلقون على الخبر المنشور على صفحة (الدنمارك من كل الزوايا)، رأوا أن أهدافاً سياسية مدعومة من جهات بعينها وراء هذا الحزب، فعلق أحدهم متسائلاً: "من يصنع هذه الأحزاب؟ ومن يسلط الضوء عليها؟ ومن يعطيها الدعم والتهيئه؟".

بينما رأى آخر أنها حرب واضحة على المسلمين: "ايوا هاد يلي كان ناقص كمان انو ماضل شي بدنيا بحكو فيه غير الاسلام انا اجتني الصفنه وانا عم اقراء انو ليش في ناس هيك تتصرف لك شو بدهون شو ما كانت ديانتو بس جاي من بلد عربي".

أذى غير مقصود

يرى "محمود" أن الضرر الاقتصادي غير المقصود الذي لحق باللاجئين القدامى هو من جعلهم يحقدون على اللاجئين الجدد، وعندما قامت الحكومة الدنماركية بتقليص دعمها لجميع اللاجئين بدأت الحرب على اللاجئين الجدد. يقول لـ "اقتصاد": "كان الفرد من هؤلاء يتقاضى حوالي 2000 دولار في الشهر دون أن يعمل، ولكنهم باتوا مطالبين اليوم بالعمل أسوة بجميع اللاجئين وهذا ما اعتبروه إساءة لهم".

"محمد .خ"، لاجئ سوري في الدنمارك، يقول لـ "اقتصاد": "أغلب السوريين لم ينتظروا كثيراً ليبدؤوا بالعمل، ولم يركنوا فقط للمساعدات الحكومية وهذا ما جعل قدامى اللاجئين يرون فيهم خصماً ويعتبرونهم عالة وغير قادرين على الاندماج وبدؤوا يتهمونهم بأنهم قادمون من بلاد متطرفة ويحملون أفكاراً متشددة".

ترك تعليق

التعليق