في إدلب.. "الخيمة" بدل المنزل


بينما نسير على الطريق، يبدي "أبو غازي" رغبته في الحديث عن مشاكله وهمومه، وتحديداً عن خيمته المتواضعة التي لجأ إليها بعد التهجير الذي تعرض له في الآونة الأخيرة من معرة النعمان.

لجأ "أبو غازي" إلى الخيمة، بعد عناء طويل في البحث عن منزل يعيش فيه مع عائلته، إذ كانت المشكلة في إيجارات المنازل التي لا تتناسب مع دخله المتواضع والذي بالكاد يكفيه ثمن طعام وشراب لأطفاله السبعة وأمهم.

يعمل أبو غازي سائق سيرفيس على خط (إدلب - سرمدا - عفرين -الباب)، وبالعكس.

بدأ حديثه مع "اقتصاد"، بابتسامة، وقال: "عرض علي أحد أصحاب المنازل بيتاً وقال لي إنه رخيص جداً ولن تجد مثل سعره في هذه الأيام وعندما قررت الذهاب لأرى البيت تفاجأت أن البيت عبارة عن جدران وسقف بدون أي شيء لا أبواب ولا شبابيك ولا مياه ولا حتى كهرباء، ومهجور منذ سنين، وعندما سألته عن إيجاره قال لي كل 3 أشهر 100 دولار أمريكي (وهذا السعر خاص لك)".

عقّب "أبو غازي": "عندها قررت وقف البحث عن منزل ولجأت للبحث عن أرض أضع عليها خيمتي التي دفعت ثمنها 120 دولار لأعيش أنا وعائلتي بها ولا أضطر لدفع إيجار لبيت لا يصلح للسكن أبداً".

تحدث "اقتصاد" إلى أحد أصحاب المكاتب العقارية عن سبب الارتفاع الأخير لإيجارات البيوت في مدينة إدلب.
يقول "أبو أسعد": "نحن نعمل كوسطاء بين المؤجر والمستأجر، ويُطلب منا من جانب صاحب العقار، طلب مبلغ محدد لإيجار هذا البيت، وهنا بدورنا لا نستطيع أن نخفض أو نرفع".

أما عن سبب ارتفاع إيجارت المنازل وحصرها فقط بالدولار الأمريكي، فكان النزوح الأخير إلى إدلب، فالكثير من أصحاب البيوت استغل الموقف – وفق وصف مستأجرين- ليرفع ثمن إيجار المنزل إلى ما يقارب 100 دولار أمريكي وأكثر من ذلك في بعض الأحيان. وكانت الحجة لدى أغلب أصحاب البيوت أن الليرة السورية أصبحت بلا أي قيمة.

"أبو العبد" من مدينة حمص مستأجر منذ 3 سنوات تقريباً في مدينة إدلب. كان يدفع 40 ألف ليرة سورية، عندما كان الدولار بـ 400 ليرة.

يقول "أبو العبد"، إن صاحب البيت رفع الإيجار من 40 ألف إلى 50 ألف ليرة، ومن بعدها (لم يكتفي)، بل قرر رفع إيجار البيت إلى 75 دولار أمريكي أي ما يعادل 170 ألف ليرة سورية شهرياً.

وعند سؤاله عن سبب رفع إيجار المنزل، قال إن صاحب البيت (ما عادت توفي معه). وهنا كان موقف "أبو العبد" (المستأجر)، الرضوخ لأمر صاحب المنزل.

وبالعودة إلى "أبو غازي" الذي بدوره أكد أن الخيمة أشرف بكثير من معاملات أصحاب البيوت في هذه الأيام الصعبة، إذ أصبح شغلهم الشاغل، حسب وصفه، رفع إيجارات المنازل على المستأجرين وأغلبهم نازحون من بيوتهم وقراهم بسبب تهجيرهم من قبل ميليشيا الأسد والاحتلال الروسي والإيراني.

"اقتصاد" اختتم تقريره بالحديث مع أحد أصحاب البيوت الذي رفض نشر اسمه الصريح. يقول: "أنا كنت آخذ إيجار المنزل 20 ألف ليرة واليوم كما تعلم لم تعد لها أي قيمة لذلك قررت رفع المبلغ إلى 40 دولار أمريكي كمبلغ متوسط بيني وبين المستأجر".

وعقّب: "ما اضطرني لرفع إيجار البيت هو ظروف المعيشة التي نمر بها في إدلب التي تعد أفقر مناطق العالم من حيث قلة فرص العمل والحرب المفروضة عليها".

ترك تعليق

التعليق