لاجئ شاب يحوّل خيمة نزوحه إلى مكان يضج بالخضرة والحياة


تمكن اللاجئ السوري الشاب "وسام دياب" من تحويل خيمة نزوحه المتواضعة إلى مكان يضج بالخضرة والنماء والحياة، محاولاً من خلالها محاكاة منزل عائلته الذي نزح منه على وقع المعارك قبل سنوات، والتكيف مع ظروف لجوئه الصعبة.


لم يكن وسام قد تجاوز التاسعة من عمره عندما اندلعت الثورة والمظاهرات السلمية في مدينته "كفر زيتا" بريف حماة، وشارك فيها كما روى لـ"اقتصاد"، مضيفاً أنه كان يحمل مع غيره من أبناء المدينة العلم الأخضر وأغصان الزيتون والأعلام والشموع وكان رد قوات النظام بالرصاص والقصف حيث تعرضت كفر زيتا التي يلقبها ناشطون بـ "عنقاء الثورة" للقصف المروحي بالبراميل أكثر من مرة نهاية العام 2012، وبعد إعدام شقيقه عقب اعتقاله في تشرين الثاني 2017 مع 200 شخص على يد أحد الفصائل المسلحة، اضطر وسام لترك بيته داخل المدينة مع عائلته لينتقل إلى بيت آخر على أطراف المدينة، ولكن القصف لم يتوقف مما كان يجبرهم على النزول إلى قبو تحت الأرض.


في العام 2016 اضطر وسام مع عائلته المكونة من والديه وشقيقتيه إلى النزوح خارج المدينة ثانية، في عدة قرى بدايةً، إلى أن انتقلوا إلى أحد مخيمات النزوح بأطمة قريباً من الحدود السورية التركية.


 وأشار اللاجئ الشاب إلى أن حب الترتيب والاهتمام بالزراعة لطالما كان جزءاً من حياته لأنه ولد ونشأ في بيئة زراعية، واعتاد -كما يقول- على الاعتناء بالنباتات بأنواعها وسقايتها وتقليمها ونقلها من الشمس إلى الظل وبالعكس دون كلل أو ملل. وذات مرة-كما يقول- صوّر خيمته ومكتبته الصغيرة وأصص الصبار ونشر الصور على صفحته في "فيسبوك"، ففوجئ خلال فترة قصيرة بالكثير من الصفحات والمواقع تنشر الصور.


عمد وسام إلى رصف حجارة صغيرة جلبها من محيط المخيم وحدّد بها الممرّ المؤدي إلى خيمته. وفي داخل الخيمة التي تمتد على مساحة 24 متراً وزّع أحواض النباتات في الزوايا، وأصص الصبار والنباتات الموسمية الأخرى، وعلق جانباً شهادة مشاركته في دورة تدريب مهني حول مبادئ التمريض ودورات رعاية الوالدين. كما خصص ركناً من خيمته  الخضراء لمكتبة تضم 85 كتاباً من روايات ومراجع دينية ومدرسية، من بينها رواية "كافكا على الشاطئ" لهاروكي موراكامي والمجلّد الأول من الأعمال الروائية المترجمة للروسي فيودور دوستويفسكي. إلى جانب ذلك، يتعلّم وسام العزف على آلة العود بنفسه عبر متابعة مقاطع مصوّرة على موقع يوتيوب، كما أنه يهوى جمع العملات القديمة.


وكشف اللاجئ الشاب عن العديد من الصعوبات التي اعترضت طريقه إلى أن أصبحت خيمته بهذا الشكل، ومنها تكرار التنقل والترحال من مخيم إلى آخر الذي كان يضر بمزروعاته، وكان يضطر–حسب قوله- لترك بعضها دون أن يتمكن من حمله وتعرضت العديد من الكتب التي يحتفظ بها في خيمته للتلف والبلل بسبب المطر، ومع ذلك لم يتركها أو يتخلى عنها.

 
ويهتم الهاوي الشاب بزراعة الصبار وهو نبات نادر في مكان لجوئه –كما يقول- وكذلك بالنباتات الصالونية التي تأتي من مناطق الساحل لأنها غير موجود في المناطق المحررة وفقد الكثير منها بسبب التنقل والبرد والصقيع.


 ولفت إلى أن الأمل هو الرسالة التي يريد إيصالها من خلال مبادرته هذه، فالخيمة تبقى خيمة، ولكن من يسكنها يمكن أن يحولها إلى مكان مهجور يفتقر للجمال والإبداع أو إلى عكس ذلك.  وأردف أن اهتماماته الجمالية هذه جاءت كمحاولة منه للاستقرار بعد أربع سنوات من التشرد والنزوح، رغم إدراكه أنّ الخيمة لا تغني أبداً عن المنزل، وإن كانت على مستوى من الجمال والترتيب.


وحول صدى هذه الفكرة في الوسط المحيط به، كشف محدثنا أن بعض جيرانه لطالما عجبوا من اهتمامه بالخيمة واعتنائه بمزروعاتها، متذرعين بأن "بقائنا في هذا المكان مؤقت وسنعود إلى بيوتنا في وقت قريب"، والبعض–كما يقول- كان يأخذ من عنده شتلات ويزرعها حول خيمته مقلداً فكرته.


ترك تعليق

التعليق