اقتصاديات.. الليرة السورية على أعتاب عام جديد


شهدت الليرة السورية خلال عام 2021، استقراراً نسبياً هو الأطول خلال السنوات الثلاث الماضية، باستثناء فترة هبوط كبيرة شهدتها في الربع الأول من العام  الجاري، عندما نزلت إلى ما يقارب الـ 5 آلاف ليرة مقابل الدولار، وما عدا ذلك فهي ترواح ومنذ الشهر الخامس عند مستوى 3400 إلى 3580 مقابل الدولار.
 
ويواجه النظام السوري تحدياً كبيراً في الإبقاء على سعر صرف مستقر خلال العام القادم، دون أن يخفي هاجسه من أن تتعرض إلى هبوط كبير، وخصوصاً بعد رفع كتلة الرواتب والأجور الشهر الماضي بنسبة 30 بالمئة، بالإضافة إلى الموازنة الكبيرة التي أقرها، والبالغة أكثر من 13 تريليون ليرة سورية.
 
وعدا عن ذلك، فإن النظام يعتبر أن التحدي الأكبر الذي يواجهه، هو تغطية العجز الهائل في الموازنة، البالغ أكثر من 4 تريليون ليرة سورية، حيث يرى أنه العامل الحاسم في تحديد قيمة الليرة السورية خلال العام القادم إذا ما استطاع تجنب فكرة طباعة أوراق مالية جديدة.
 
لهذا نجد أن النظام السوري ومنذ شهر تشرين الأول الماضي، بدأ سلسلة رفع أسعار لحوامل الطاقة والكهرباء بالإضافة إلى فرض ضرائب جديدة وطرح سندات خزينة للبيع، في محاولة منه لتغطية نسبة من العجز، وتوفير المبالغ المطلوبة للموازنة الجارية المقدرة بنحو 9 تريليون ليرة، بحيث لا يضطر إلى اتخاذ إجراء آخر، قد يدفع الليرة السورية للمزيد من الهبوط.
 
حتى الآن لم ينشر النظام أي بيانات عن المبالغ التي يمكن تحقيقها من عمليات رفع الأسعار التي قام بها، في الوقت الذي تقدرها مصادر اقتصادية مستقلة بأنها لا يمكن أن تتجاوز سنوياً الـ 2 تريليون ليرة سورية، بما في ذلك بيع سندات الخزينة وزيادة عوائد التصدير، ما يعني بأنه سوف يظل هناك عجز يبلغ أكثر من 2 تريليون ليرة.

وبناء عليه، يتوقع اقتصاديون أن تهبط الليرة السورية خلال العام القادم بمقدار الألف ليرة مقابل الدولار، لتصل إلى حدود الـ 5 آلاف، وذلك في حال لم يستطع النظام تغطية هذا العجز. كما أن النظام يواجه تحدياً آخر هو أسعار النفط العالمية التي تشهد حالياً هبوطاً جراء انتشار متحور أوميكرون، بينما إذا حدث العكس، فإن ذلك سوف يحمّل خزينة الدولة الكثير من الأعباء التي ستنعكس بالسلب على سعر صرف الليرة السورية.
 
في العموم، يمكن القول إنه ليس من مصلحة النظام السوري هبوط الليرة السورية خلال العام القادم، لأن ذلك سوف يضطره لرفع الرواتب والأجور مجدداً، بينما ليس بوسعه تغطية هذه الزيادة سوى بطباعة أوراق عملة جديدة، الأمر الذي سيشكل كارثة كبيرة على الليرة السورية. 
من هنا يتوقع الكثير من المحللين أن يعمد النظام إلى سياسة رفع الأسعار، وبالذات حوامل الطاقة، والمواد الأساسية، لمواجهة أي احتمال من الاحتمالات السابقة.. لكن يبقى الثابت حتى الآن أن الليرة تواجه خطر الهبوط إلى أكثر من 4 آلاف ليرة مقابل الدولار، في الربع الأول من العام القادم، وفقاً للظروف الحالية للاقتصاد السوري.

ترك تعليق

التعليق