ضياع هيبة مجلس الشعب


تابعت حواراً لأحد أعضاء مجلس الشعب التابع للنظام، على إذاعة "المدينة إف إم"، ويدعى عبد الرحمن الجعفري، والذي تحدث صراحة عن ضياع هيبة المجلس في الدور التشريعي الأخير على الأقل، المستمر منذ العام 2020 وحتى اليوم.

ألمح هذا العضو، الذي كان يتحدث لبرنامج "المختار" الشهير على الإذاعة، إلى أن هناك تغييب شبه مقصود لدور أعضاء مجلس الشعب، من خلال غياب التغطية الإعلامية لمناقشات المجلس، والتي يقول إنها تتناول كل ما يتعلق بهموم الناس ومشاكلهم الحياتية والمعاشية، لكن بسبب غياب وسائل الإعلام عن تغطية المداولات، بدأ السوريون ينظرون إلى عضو مجلس الشعب على أنه بلا قيمة ولا يمثل الشعب ولا يحمل همومه.

وأشار هذا العضو إلى أنه في كثير من الأحيان، يحدث في مجلس الشعب ما يحدث في برلمانات الدول الأخرى، من مشادات كلامية بين الأعضاء والوزراء، تكاد تقترب من العراك بالأيدي، إلا أن كل ذلك لا يظهر للسوريين، وبدل ذلك تظهر الصورة الهزيلة التي تقدمها وسائل الإعلام عن عضو المجلس.

في الواقع، كلام هذا العضو فيه الكثير من الصحة، وهو أمر لا يتعلق بالدور التشريعي الأخير فقط، ولا بما بعد العام 2011، بل هو بمثابة سياسة عليا من قبل النظام، مارسها حافظ الأسد منذ استيلائه على السلطة في نهاية العام 1970، ثم استمرت مع ابنه منذ العام 2000 وإلى اليوم، والهدف منها إظهار جميع المسؤولين والمؤسسات في البلد، بأنها بلا قيمة، باستثناء "السيد الرئيس".

أذكر في العام 2006، دعيت ومجموعة من الصحفيين من قبل بعض أعضاء مجلس الشعب، لحضور جلسة لمناقشة أحد القوانين. وكان بعض الأعضاء يومها قد اتفقوا على إسقاط القانون. وبالفعل شاهدت شيئاً يشبه ما يجري في برلمانات الدول الديمقراطية، من مناقشات حادة وصراع وتلاسن بين الأعضاء والحكومة، كاد أن يصل إلى حد استخدام الأيدي والتراشق بالأحذية.. وتم يومها إسقاط القانون.. ما حدث بعدها، أنه تم الطلب من جميع الصحفيين بعدم كتابة خبر يتحدث عما جرى في الجلسة، وعدم التطرق إلى أنه تم إرجاع القانون إلى الحكومة لتعيد النظر به، وإنما الحديث فقط عن تخصيص جلسة أخرى لمناقشة بنود القانون من جديد.

هذه هي الصورة النمطية التي كان النظام يريد تصديرها عن الوضع في سوريا، بأنه بلد لا يوجد فيه أي صوت مخالف على الإطلاق، وإنما الكل يعزف على نفس النوتة في الأوركسترا التي يقودها "السيد الرئيس".

ثم يسألون: لماذا وصلت البلد إلى ما وصلت إليه..؟!

ترك تعليق

التعليق