لماذا تركتم الشمال وحيداً..؟


موجعة تلك الصرخات التي تطلقها فرق الإغاثة في مناطق شمال غرب سوريا المتضررة من الزلزال عبر وسائل الإعلام، التي تطالب بمساعدتهم بعمليات الإنقاذ، حيث بدا واضحاً بأنهم تركوا لوحدهم بمعداتهم البسيطة، ليواجهوا ما تعجز عنه دول كبرى..

أما الصور الواصلة من هذا الشمال، فهي مؤلمة إلى حد الوجع الشديد، وكأن مطلقوها يهدفون من خلالها أن تستفز مشاعر العالم المتحضر، عله يتحرك باتجاههم ويقدم يد العون لهم، لكن على ما يبدو أنه حتى الآن لا أحد يتعامل مع هذه الصور على أنها قادمة من منطقة معزولة ومنكوبة ومتروكة لوحدها، وإنما يتعاملون معها كما لو أنها جزء من صور الزلزال المؤلمة القادمة من تركيا..

تجاهل عمليات تقديم الإغاثة من الدول العربية والأجنبية والمنظمات الدولية، لهذا الشمال، أمر غريب بالفعل، فلا هي محسوبة على سوريا النظام، ولا هي محسوبة على تركيا، فمن هو المسؤول عن جعلها معزولة ومنسية إلى هذا الحد..؟

قد لا يكون الحديث عن المسؤول، مناسباً في هذا الوقت أو في مثل هذا الوضع، لكن إثارة مثل هذا السؤال يجب أن يحتل حيزاً كبيراً من تفكيرنا في أعقاب هذه الكارثة المأساوية، ويجب أن يدفعنا ذلك للتفكير ملياً بمستقبل أهلنا هناك.. وبالأخص لناحية تقرير مصيرهم في ظل غياب من يمثلهم بشكل حقيقي.

لقد أدرك أهلنا في الشمال السوري، ولعلهم وصلوا إلى قناعة تامة، أن الانتماء لتركيا أمر صعب للغاية، كما أن العودة لسيطرة النظام أمر أشبه بالمستحيل في ظل بقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا، بينما على ما يبدو أن الحل السياسي للأزمة السورية طويل جداً، وقد يستمر هذا الوضع لسنوات طويلة.. فما هو الحل في مثل هذه الحالة..؟

الحل برأي، يجب أن ينطلق بالدرجة الأولى من خلق إدارة موحدة ومستقلة عن المعارضة السياسية لهذا الشمال ، يمكن للدول الأخرى التعامل معها كما لو أنها كيان كامل الأهلية والمسؤولية.. أما في صورة الوضع الحالي، فإن الدول لا تعرف على وجه التحديد مع من يجب أن تتعامل.. ليس هذا فحسب، وإنما السوريين أنفسهم، الذي قد يكون لهم مساهمة في تقديم المساعدة لهذا الشمال، لا يعرفون اليوم مع من يتعاملون..!

لذلك فإن حدث الزلزال، بالإضافة إلى ما يتعرض له أهلنا من عمليات ترحيل قسري من تركيا، يجب أن يحركنا نحو خطوة تقرير المصير.. ليس بمعنى الاستقلال والانفصال عن سوريا الأم، وإنما بمعنى الإدارة المدنية، التي تشبه أي حكومة محلية، لها موازنتها ومشاريعها وخططها والقادرة على خدمة سكانها..

دعونا نفكر بحلول.. أية حلول.. المهم أن نرتاح من عذاباتنا المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات..

ترك تعليق

التعليق