سياسة "الأزعر" و"ابن الحرام"


يصعب اليوم إقناع بشار الأسد، الذي اتخذ منذ البداية سياسة التشفي والانتقام من الشعب السوري، أن أولئك الذين يزورونه من المسؤولين العرب، متذرعين بالجانب الإنساني بعد كارثة الزلزال، لا يهرولون للتطبيع معه، حباً به أو اعترافاً بانتصاره، وإنما يفعلون ذلك لأنهم لا يستطيعون إدانته أمام شعوبهم، فهم يشبهونه في كل شيء.. والبعض الآخر قرر أن يعمل وفق مبدأ "داروا سفهاء قومكم" بعد أن اتضح أن النظام السوري، قابل لأن يصبح الأداة الأكثر قذارة بيد إيران، وهو ذاهب لتمكين الفرس من المنطقة إلى أبعد مما يتصورون.

من هذا الباب، نستطيع أن نتفهم موقف بعض دول الخليج التي تقع تحت تهديد مباشر من قبل إيران، فهم يتطلعون من خلال إعادة تطبيع علاقاتهم مع النظام إلى دور يمكن أن يلعبه هذا الأخير في تخفيف الوطء على أوطانهم في مواجهة الأطماع الإيرانية، مثلما كانت تفعل الإمارات باستمرار فيما يتعلق بمسألة جزر أبو موسى، حيث كان النظام السوري هو الوسيط الدائم، لتخفيف التوتر بين البلدين في هذه الجزر المحتلة من قبل إيران.

وفي ذات السياق نستطيع أن نقرأ الموقف الأردني الذي حذّر ملكه قبل نحو عشرين عاماً من "الهلال الشيعي"، فهو بلد وجد نفسه متروكاً لوحده في مواجهة الوحش الفارسي الذي يريد إغراقه بالمخدرات والأسلحة وتهديد أمنه الداخلي، بينما لا يملك القوة والإمكانيات لمواجهته.

باختصار إنها سياسة الأزعر و"ابن الحرام" التي برع النظام السوري في استخدامها مع جيرانه العرب، وقد نجح إلى حد بعيد في إجبارهم على التودد إليه مرة أخرى، اتقاء لشره، وليس بحثاً عن مصالح اقتصادية مشتركة، كما يروّج إعلام النظام.

من راقب تعابير وجه بشار الأسد بعد تقاطر المسؤولين العرب على زيارته في أعقاب كارثة الزلزال، لا بد وقد لاحظ أن ماء الحياة قد عادت إليه من جديد بعد أن أكثر من عشر سنوات من العزلة والكلاحة.. وكأنه للتو قد تم تتويجه رئيساً على سوريا.. لكنه على جانب آخر يدرك، أنه لو اجتمعت السند والهند على أن تعيده إلى سابق عهده، فلن يستطيعوا.. بل إن هناك من يقرأ مشهد هذا الانفتاح العربي على بشار الأسد، على أنه بداية النهاية الفعلية له على رأس الحكم في سوريا..

هذا بالضبط ما حصل مع صدام حسين والقذافي قبله.. انفتاح تلاه زوال.

ترك تعليق

التعليق