ماهر الأسد واقتصاد الغزاة


في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون عائلة أي رئيس دولة، مثالاً يحتذى في الثقافة والأخلاق والأدب والنزاهة، فإن عائلة الأسد قدمت نماذج مغايرة منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة في العام 1970، حيث كان أقاربه وإخوانه وأبنائهم مثالاً لسوء الأخلاق وقلة الضمير والخروج على القانون، وكانوا من أوائل من عملوا على نهب الاقتصاد السوري خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي على وجه الخصوص، وذلك إبان الحصار الاقتصادي على سوريا.

يتذكر السوريون في تلك الفترة أعمال التهريب وتجارة الممنوعات التي كان يقوم بها أقارب الأسد من لبنان، مستغلين حاجة الناس لبعض المواد الأساسية التي فقدت من السوق، ليجنوا منها أموالاً طائلة، تم وضعها جميعا في البنوك الخارجية، أي حتى اقتصاد البلد لم يستفد من هذه الأموال.

ولعل ما يجري اليوم من أعمال نهب وسرقة وتشليح تقوم بها حواجز الفرقة الرابعة، التابعة لشقيق رئيس النظام السوري، ماهر الأسد، ما هو إلا استمرار لهذه العقلية المافيوية غير الوطنية لعائلة الأسد، والتي تتعامل مع البلد بعقلية الغزاة والمستعمرين الغرباء.

يؤكد الكثير من المراقبين أن الإتاوات التي تتقاضاها حواجز الفرقة الرابعة على انتقال البضائع من منطقة إلى أخرى، تعتبر مسؤولة عن أكثر من 20 بالمئة من ارتفاع أسعار السلع في السوق السورية، في وقت يعاني فيه المواطن من الغلاء وتراجع مستوى دخله إلى ما دون الـ 15 دولاراً في الشهر. بينما لا تحرك السلطة ساكناً تجاه هذا النهب المنظم الذي يقوم به شقيق "الرئيس".

لا أحد اليوم في سوريا يجرؤ على الإشارة إلى إتاوات الفرقة الرابعة على أنها من أبرز أسباب ارتفاع أسعار المواد في السوق السورية، وبإمكانك أن تعدد ما تشاء من أسباب وتتهم من تريد من التجار والمسؤولين، بينما إياك الاقتراب من ماهر الأسد.

لقد تم تحجيم فارس الشهابي، رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية السابق، إلى أصغر حجم يمكن أن يصل إليه، وكل ذلك لأنه أشار بالتلميح إلى عمليات الترفيق التي تقوم بها حواجز الفرقة الرابعة، دون أن يسمها بالتأكيد، وحمّلها أسباب ارتفاع الأسعار وعرقلة تطور الإنتاج في سوريا.

يقولون إن الكثير من المسؤولين جربوا حظهم أن يفتحوا الموضوع مع "السيد الرئيس" حول الإتاوات التي تفرضها حواجز شقيقه على البضائع لدى انتقالها من محافظة إلى أخرى، وما تسببه من ارتفاع في الأسعار وهروب التجار ورجال الأعمال خارج البلد، فكان يخبرهم أنه سوف يعالج الموضوع بنفسه، إلا أن شيئاً لم يتغير. بل زاد تغول هذه الحواجز.

أغلب الظن أن "الرئيس" لم يعد يملك السلطة على شقيقه.. أو لربما هذا هو الأسلوب الذي اختاره النظام من أجل تمويل عصاباته واستمراره في قمع الشعب السوري، بعدما فقد جميع موارده الاقتصادية.. لكن ما هو مؤكد، أن هذه التصرفات ليست طارئة على سلوك هذا النظام كما ذكرنا في البداية، بل هي جزء من عقليته المقتنعة بأن البلد ملكية خاصة ورثوها عن الوالد.. وما أورثه أبوك لك ولأخوك.

ترك تعليق

التعليق