حكومة إلكترونية.. وشعب خشبي


تتزامن أخبار إجبار السوريين على دفع فواتيرهم بالطرق الإلكترونية بدءاً من مطلع العام القادم، مع تلك التي تتحدث عن قيام البعض بقطع أشجار الحدائق ومنصفات الشوارع وتلك المنتشرة على جانبي الطرق الخارجية، من أجل التدفئة خلال فصل الشتاء، بعدما عجزت حكومتهم عن توفير وسائل مناسبة لهم في هذا البرد القارس، سواء عبر الكهرباء المقطوعة طوال الوقت، أو عبر المازوت الذي وصلت أسعاره إلى أرقام فلكية في السوق السوداء.

لكن تبقى فكرة الدفع الإلكتروني مثيرة للاهتمام، لناحية توقيتها وإصرار بعض الجهات العامة على استقبال فواتيرها عبر هذه الطريقة فقط، وهو ما فتح المجال لتجارة جديدة سوف يحصد نتائجها أولئك المستثمرون لمثل هذه الفرص، وخصوصاً أصحاب الكازيات الذين وجدوا باب رزق جديد يتمثل بعبارة "ادفع فاتورتك إلكترونياً من عندنا مقابل 500 ليرة فقط".

النظام يقول من جهته إنه سهل عمليات فتح الحسابات البنكية، إلى درجة يمكن إتمام العملية "أون لاين" ودون الحاجة لزيارة البنك، لكنه لم يسأل نفسه: "من أين سيأتي السوريون بالنقود التي سوف يودعونها في هذا الحساب..؟".

شيء جنوني ما يجري على الأراضي السورية التي يسيطر عليها النظام، إنه انعكاس لحال رئيس البلاد، المنفصل عن الواقع، والذي يظن أنه يقود بلداً متقدماً، يقع بالضبط بالقرب من اليابان، متجاهلاً حال الناس "الجائعة والعريانة والبردانة".

كتب أحد المواقع الإعلامية الموالية، تعليقاً على قرار تسديد الفواتير إلكترونياً: إن نسبة كبيرة من السوريين لا يملكون هواتف ذكية متصلة بالإنترنت من أجل دفع الفواتير، وهذا سوف يضطرهم لشراء أجهزة جديدة، لا يقل ثمن أرخص واحد فيها عن الثلاثة ملايين ليرة، فمن أين سيأتون بمثل هذا المبلغ في بلد يبلغ متوسط الدخل الشهري فيه 250 ألف ليرة فقط..؟

والمشكلة الأخرى التي تحدث عن هذا الموقع هي مسألة ضعف الإنترنت المقدم من شركات الاتصالات الخليوية وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة تحول أحياناً دون شحن الموبايل، بينما تم تحديد فترة زمنية لاستقبال فواتير الدفع الإلكتروني، يصبح بعدها الزبون مخالفاً ويستوجب دفع الغرامة، حيث أشار إلى أن البنية التحتية التقنية لا تزال غير جاهزة لتطبيق مثل هذه الخدمة وإجبار الناس على استخدامها.

كل ذلك لم يوقف المصرف المركزي ووزارة الاتصالات عن المضي في تطبيق القرار، بل أعلنا أنه بدءاً من مطلع العام القادم سوف يكون المواطن مجبراً على دفع فواتيره عبر الحساب البنكي، وبالتالي ليس هناك خيار سوى أن تفتح حساباً بنكياً، أو أن تلجأ لمن يقدمون مثل هذه الخدمة مقابل عمولة معينة.. وعلى المواطن المسكين أن يختار..

ترك تعليق

التعليق