عام أكثر سوءاً


مع بداية العام 2024، أغلب وسائل إعلام النظام والموالية له، تحدثت عن أن الاقتصاد السوري مقبل على مرحلة غامضة وخطيرة، نظراً لأدائه السيء في العام 2023، بينما العام الجديد سوف يكون أكثر سوءاً، بناء على الواقع الذي يشير إلى أن الأمور ماضية إلى المزيد من التدهور وعلى كافة الأصعدة.

وقرأنا خلال الأيام الماضية خلاصة لبعض أعمال الاقتصاد السوري في العام الماضي، والتي كان بارزاً فيها موضوع التضخم الذي تجاوز أكثر من 150 بالمئة، وكذلك انهيار سعر صرف الليرة الذي تجاوز الـ 300 بالمئة، وفقاً لسعر الصرف الرسمي، ناهيك عن وضع الكهرباء الذي ازداد سوءاً، ومثله المشتقات النفطية، التي قام النظام برفع أسعارها عدة مرات، حتى باتت تقترب من الأسعار العالمية.

ما يجعل وسائل الإعلام والمحللين الاقتصاديين يتوقعون عاماً أكثر سوءاً، هو مشروع الموازنة العامة للدولة البالغة نحو 35.5 تريليون ليرة، أكثر من ربعها ممول بالعجز، بالإضافة إلى تصريحات مسؤولي النظام، التي تخلو من أي أمل بتحسن الواقع المعيشي، واعترافهم بعدم امتلاك أي حل للخروج من الأزمة التي يواجهها الاقتصاد السوري، سوى ممارسة المزيد من الضغط على الشعب السوري.

يرى الكثير من المحللين أن أكثر ما نجحت به حكومة النظام خلال العام المنصرم، هو ضبط سعر الصرف، مع أن الليرة فقدت نحو 100 بالمئة من قيمتها، وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء، وذلك بالمقارنة بين مطلع العام الماضي ونهايته، إلا أنه من وجهة نظر هؤلاء، أن الليرة لم تتعرض لخضات كبيرة ويومية كتلك التي حدثت في العام 2022، وإنما ظلت تحافظ على مستوى هبوط شهري شبه متوازن.

لكن هذا الحفاظ على ضبط سعر الصرف، كلّف المواطن السوري أثماناً باهظة، إذ اضطرت الحكومة لرفع سعر المشتقات النفطية، وهو ما أدى إلى ارتفاع جنوني للأسعار في الأسواق، بينما الزيادة على الرواتب البالغة 100 بالمئة، سرعان ما تآكلت أمام مستويات التضخم المرتفعة. 
لقد اتسعت الهوة كثيراً بين متوسط الدخل الشهري البالغ نحو 250 ألف ليرة سورية، وبين متطلبات الحياة المعيشية للأسرة، والتي باتت تتجاوز العشرة ملايين ليرة شهرياً، بحسب العديد من الدراسات، وبالتالي فإذا ما حاولت الحكومة في هذا العام إتباع نفس سياسة العام الماضي، القائمة على الاستمرار في ضبط سعر الصرف، فهذا سوف يدفعها لإجراء زيادات جديدة على الأسعار، قد تطال سعر الخبز هذه المرة، ولا نستغرب أن يتم رفع سعر الربطة من 200 ليرة إلى 1000 ليرة في الأشهر القادمة، كما هي الإشاعات التي يتم تداولها.

لا يمكن التنبؤ بواقع الاقتصاد السوري في العام 2024، سوى بصيغة كمية، كأن نقول أسوأ أو أكثر سوءاً، لكن على صعيد الأرقام فالأمر شبه غامض ومتوقف على مستوى تراجع سعر صرف الليرة في الفترة القادمة، فإذا ما تجاوزت الـ 20 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، فهذا يعني أننا أمام انهيار اقتصادي كبير، أما إذا بقيت دون هذا المستوى طوال العام، فهو المقصود منه بأنه عام أكثر سوءاً من العام السابق.

ترك تعليق

التعليق