إرحموا عزيز قوم ذل..تجار دير الزور نازحون ومهددون

أبو عيسى: قوات النظام دمرت أسواق دير الزور الأثرية

أبو جوزيف: الشرطة لم تتجاوب مع استغاثات الصيّاغ

ابو العباس: سافرت إلى دمشق فقصف النظام بيتي وممتلكاتي

أبو عمار: الجيش الحر يحمي سوق المقبي من الاعتداءات 



"فقد نكهة الحياة" هكذا بدأ أبو عيسى حديثه عن محله التجاري الذي يقع في سوق الحب القديم وسط مدينة دير الزور، حيث كان أبو قاسم يصحو مبكراً للذهاب إلى عمله، المعتاد عليه منذ 35 عاماً ليتناول فطوره مع أصحابه التجار أمام محله الصغير الذي يحوي على جميع أنواع الحبوب.

ويقول أبو عيسى إن المحل كان يدر عليه ربحاً وفيراً يكفيه للعيش بكرامة، مع أفراد عائلته، إلا أن البيع انخفض أكثر من70 % بسبب تردي الأوضاع الأمنية في المدينة لينتهي به المطاف، نازحاً خارج مدينته دون أي عمل، أما محله الذي ورثه عن والده أصبح تحت الأنقاض كحال سوق الحب.

وأكد أبو عيسى أن سبب تدمير أسوا ق دير الزور الأثرية القديمة، كسوق الحب وسوق الحدادين وسوق القصابة، هو الطيران الحربي والمدفعي العنيف من قبل قوات النظام على جميع أنحاء المدينة دون تمييز.

الصيّاغ أكثر من تعرّض للتهديد
اضطر أبو جوزيف أحد تجار الذهب في سوق الصياغ بدير الزور، للخروج مع زوجته وأولاده من سوريا إلى دولة مجاورة، ونقل تجارته وعمله معه، وذلك بسبب تعرضه للتهديد أكثر من مرة بخطف أولاده مقابل الحصول على مبلغ مالي من قبل أطراف غامضة مستغلين الفلتان الأمني، ورغم ذلك أكد أبو جوزيف أنه سيعود لعمله في المدينة حالما تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه، موضحاً أنَّ جميع تجار السوق في الفترة السابقة وظفوا حارساً يتقاسمون دفع راتبه، لحماية محلاتهم من النهب والسرقة.

كما أشار أبو جوزيف لـ"أقتصاد"إلى أن تجار الذهب، هم أكثر من تعرض للضغط النفسي، حيث تعرضوا لعدة حوادث قتل وسرقة وخطف، نافياً أن تكون شرطة المدينة قد تجاوبت مع طلبات الحماية التي استغاث بها الصياغ.

ويذهب أبو جوزيف أبعد من ذلك، مشككاً بتورط أمن وشرطة المدينة في حوادث وعمليات التهديد المستمرة، موضحاً أن الصياغ تعرضوا لخسائر كبيرة، تصل نسبتها إلى 50 % بسبب توقف البيع لمدة كبيرة تزيد عن العام والنصف بالإضافة إلى تدمير 80% من المحلات التجارية في السوق.

الجيش الحر يحرص على تاريخ آثار المدينة 
أبو عمار صاحب محل لبيع الملابس التقليدية لأهل الريف في أحد الأسواق القديمة في دير الزور، والمعروف باسم السوق المقبي أو سوق الظلام، وهو سوق عثماني قديم يعود تاريخه إلى نهايات القرن التاسع عشر. كان عمل أبو عمار في ذلك السوق له قيمة كبيرة أكبر من القيمة المادية التي يجنيها من تجارته، فالسوق كان مزدحماً بشكل دائم كونه يقع في منتصف المدينة، حيث يعج المكان بالسياح الأجانب إضافة لأبناء الريف القادمين لشراء حاجياتهم.. ويوضح التاجر أبو عمار أن خسارة التجار في هذا السوق أقل بكثير من باقي التجار، لأن السوق حالياً تحت سيطرة الجيش الحر، وهو إلى الآن لم يتعرض لأي تدمير أو سرقة، بسبب حرص الجيش الحر على عدم المساس بهذه المنطقة الأثرية.

وأكد أبو عمار الذي نزح إلى محافظة أخرى بسبب القصف على جميع أحياء المدينة ودمار منزله بالكامل أن العمل في السوق متوقف بشكل كامل منذ سبعة أشهر ويقدر خسارة كل محل بحوالي 1500 دولار شهرياً ولا يوجد أي عائد مادي له.

عندما ينزح التجار 
يقيم التاجر أبو العباس اليوم مع عائلته في صفٍ كان مخصصاً لتعليم الطلاب في إحدى المدارس الابتدائية في محافظة الرقة، و يسكن معه في تلك المدرسة 36 عائلة مما يجعل حالته يرثى لها!!.. ولا يملك أبو العباس أي عائد شهري له ولا مكان يأويه مع زوجته وأولاده غير ذلك الصف، بعد أن كانت تجارة الألبسة في شارع سينما الفؤاد الذي يعتبر من أهم الأسواق في محافظة دير الزور تدر عليه ربحاً يستطيع من خلالها العيش بكرامة.

ويقول أبو العباس إنه في الشهر السادس من عام 2012 سافر مع زوجته وأولاده إلى محافظة دمشق من أجل متابعة علاج ابنته المصابة بمرض ولادي في عينها اليسرى وأثناء تواجدهم في دمشق سمع خبر قصف بيته وسيارته معاً مما أدى إلى احتراقها بشكل كامل، مضيفاً أنه بسبب إرتفاع وتيرة القتال قرر البقاء في دمشق لحين عودة الإستقرار إلى المدينة حيث الجميع كان يعتقد أن العودة إلى مدينة دير الزور لن تطول أكثر من شهر لكن الوضع تأزم أكثر وأنفق كل مالديه من مال لينتهي به المطاف للسفر لمحافظة الرقة والعيش على المساعدات الأنسانية والخيرية التي تقدمها المنظمات والجمعيات الخيرية والإغاثية.

وأشار أبو العباس أن محله وبضاعته ما تزال بخير ويأمل أن يستطيع العودة إلى مدينة دير الزور من أجل أخراج بظاعته وبيعها في أسواق محافظة الرقة وفتح تجارة جديدة تمكنه من العودة إلى أجواء العمل الذي يحبه للخروج من الحالة المأساوية التي يعيشها.

ترك تعليق

التعليق