معتبراً أن الإصلاح لا يعني الإقصاء.. العماش لــ"اقتصاد": مشروع اقتصادي لمرحلة مابعد الأسد برعاية "الائتلاف"



إصلاح الجيش والأمن والسياسة أكثر إلحاحاً من الاقتصاد

الأولوية الإصلاحية للجيش والأمن والأحزاب السياسية

مرحلة الإعمار أسهل مهمة على السوريين

لابد من استرجاع أموال المفسدين في الخارج


جنباً إلى جنب، وتزامناً مع الحراك السياسي، ثمة من يعمل وينظر ويضع الأسس والقواعد والقوانين من أجل اقتصاد سوريا المنهار.. إنه زمن العمل أكثر من أي وقت مضى..رئيس هيئة مكافحة البطالة الأسبق في سوريا،الخبير الاقتصادي الدكتور حسين العماش يضع تصوره حول إعادة الإعمار، وكشف عن جهود بذلت لوضع الأسس القانونية والإدارية والمالية لآليات مؤسسية كبيرة تتكفل بتعبئة موارد مالية ضخمة للمساهمة في الإعمار، لافتاً إلى أن الموضوع سيتم بإشراف ورعاية قيادة الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة، وقال: سوف يتم الاعلان عنه قريبا جدا. وتناول العماش في حوار مع "اقتصاد" خسائر الاقتصاد السوري خلال العامين الماضيين، وتطرق إلى الصعوبات الاقتصادية والإدارية لمرحلة سوريا ما بعد الأسد.


ما هي حظوظ إصلاح المؤسسات السورية في مرحلة الإعمار.. وهل من آلية إلى ذلك؟.

مادامت إرادة السوريين بهذه الصلابة على مقارعة الظلم على مدى عامين، فإنهم حتما قادرون على إصلاح سوريا، بغض النظر عن إحباطات المتشائمين وأبواق النظام الخفية بأنه لن يبقى منها شيء لإصلاحه عام 2015. فما هذه البشر، ستبدأ مرحلة الإعمار المادي بعد انتصار الثورة وهي أسهل مرحلة. وبقناعتنا أن الإصلاح لمؤسسات الدولة ولمؤسسات الأفراد من الخراب السياسي والمالي والمادي يجب أن يكون على شقين: الأول هو ما قامت به الثورة ولاتزال بالسعي للحفاظ على وحدة أرض وشعب سوريا، بدروها العربي والإسلامي، والشق الثاني سياسي واقتصادي يبدأ بإسقاط نظام الاسد وانتصار الثورة واستقرار سوريا الجديدة الأمني والسياسي. وبالتالي فإن حظوظ إصلاح المؤسسات السورية في مرحلة الإعمار ستكون عالية لأنها هي الهدف من الثورة.

وما هي المؤسسات الرئيسية التي تحتاج إلى جهد مركز؟

هناك ثلاث مؤسسات رئيسية تحتاج إلى إعادة هيكلية رئيسية وإصلاح جذري لتناسب دولة الحرية والديمقراطية هي: مؤسسة الجيش، ومؤسسة الأمن، ومؤسسة الأحزاب والتمثيل السياسي. أما الإصلاح الاقتصادي والعمراني لما دمرته قوات النظام المستبد فهو ضرورة حياة للسورين، وهي عملية مستمرة، قد بدأت منذ اليوم الأول من خلال جهود قوى الثورة في المناطق المحررة حتى قبل انتصار الثورة.

هل لك أن تحدثنا عن الآلية؟

تقوم آلية الإصلاح على شرعية الدولة ذاتها: فالآلية هي وجود مؤسسات الدولة الجديدة القائمة على منهجية تحقيق هدف سياسي واجتماعي واقتصادي. وترتكز على الإصلاح التشريعي لمؤسسات دولة الاستبداد على المستوى العام والخاص، من خلال الممثلين المنتخبين لمؤسسات دولة الحرية والديمقراطية، وعلى الإصلاح الاقتصادي والمالي المنبثق عن الشرعية الجديدة لتطبيق اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية، المتوازنة مع شروط العدالة الاجتماعية. فالآلية ستتكون من التشريع والتمثيل والمصلحة العامة وقوى السوق وتفاعل الأفراد في مناخ شفاف وديمقراطي.

ما هي أبرز التحديات للمرحلة المقبلة على المستوى الإداري والاقتصادي.؟

إذا توفرت قيادة سياسية واعية ومؤهلة لتثبيت الاستقرار والأمن في دولة مدنية وديمقراطية موحدة ومستقرة. فإننا قادرون على تجاوز كل التحديات، ويفترض في الثورة ألا تعتقد بأن الإصلاح هو الإقصاء لكل مؤيدي النظام السابق، لأن سوريا تحتاج إلى إصلاح يضمّد جراحها، ودمج كل فئات الشعب في بوتقة وطنية جديدة. فعلمية الإصلاح الإداري تتضمن إعادة هيكلة المؤسسات العامة، والحفاظ على الوظيفة العمومية، وتحسين الخدمة، وربط الأجر بالانتاجية وتكلفة المعيشة.
أما التحديات الاقتصادية فتتمثل من وجهة نظر غير المختصين في تعمق الفساد، وتآكل هيبة الدولة، وشح الأموال التي ستوجه للإعمار والاستثمار في بناء سوريا الجديدة. ولكن هذه نظرة جامدة غير حركية نتيجة مناخ نظام الاستبداد.

ما هي رؤيتك للمرحلة المقبلة؟

أرى بضرورة التحرير الاقتصادي لكل مجالات النشاط القانوني ضمن مصلحة المجتمع ومصادره البيئية والإنسانية. وإنشاء مؤسسات الإعمار والتعمير والاستثمار العامة والخاصة في بيئة شفافة وتنافسية. وكذلك تفعيل تعاطف أصدقاء سوريا في تعبئة الموارد المالية من كافة المصادر ومن كافة أنحاء العالم، شريطة أن تكون موجهة لإعمار سوريا ومساعدة أبنائها على قواعد الفرص المتكافئة.

هل هناك إمكانية لمكافحة فساد الماضي العميق.؟

لن تكتمل مهمة مكافحة الفساد إلا بإجرائين هما:
إنشاء هيئة مكافحة الفساد الداخلية لملاحقة رموز النظام والفاسدين ممن انتفعوا بغير وجه حق في القطاع العام والخاص.
هيئة استرداد أموال النظام المهربة إلى خارج سوريا من كافة أشكاله ورموزه.

هل من أرقام عن الخسائر الاقتصادية الحالية؟

تعرضت سوريا لدمار رهيب على يد نظام الأسد بسبب ردة فعله العنيفة، على مطالب الثورة السلمية بالحرية والكرامة والإصلاح، وفي الأساس، كان الاقتصاد السوري ضعيفا ويمر بمرحلة تعثر.فمنذ مطلع الثورة في شهر آذار/مارس 2011 خسر الاقتصاد السوري كل المكاسب البسيطة التي كان قد حققها، ودخل في مرحلة ركود مؤقت في البداية، ثم تحول إلى كساد عميق وصل إلى مرحلة الانهيار الحقيقي بنهاية عام 2012، وفقدانه اكثر من 60% من دخله، مصحوباً بمستوى غير معهود من الدمار في كل القطاعات الاقتصادية وفي البنى الأساسية، خاصة بعد تزايد العقوبات الدولية على قطاع النفط، والنقل، والمصارف، والتجارة الخارجية. ومن المعروف أن درجة الانكشاف الخارجي للاقتصاد السوري كبيرة، حيث نسبتها تصل الي 120% من حجم الناتج المحلي، مما يجعل التأثير السلبي لهذه العقوبات مضاعفاً.
ومن مؤشرات انهيار الاقتصاد السوري التي بدأت بالظهور مبكراً، خاصة وأن حجم الخسارة بالمفهوم المالي قد أصبحت كبيرة جدا. وقد قمت بإعداد دراسة مبكرة تبين فيها أن حجم الخسارة قد وصل إلى نحو /44/ مليار دولار بشهر آب/أغسطس2011. وقد حذرنا النظام بحوار مباشر بأن سوريا مقبلة على انهيار عميق، فاستخف النظام برأينا وبكل السوريين. ثم ارتفعت تقديرات الخسائر إلى نحو /100/ مليار دولار بنهاية عام 2012. وبمقارنة أرقامنا هذه مع مانشره أصدقاء النظام نجد أننا متحفظون جدا. وهذا الرقم غير نهائي لأنه ناجم عن عدة بنود داخلية وخارجية سببها الصراع الداخلي المستمر والضغط الخارجي.

هل من تواصل مع نظم ودول لإعادة إعمار سوريا إدارياً واقتصادياً؟

جهدنا في الثورة كأفراد وتيارات ومؤسسات هو في التواصل مع دول أصدقاء سوريا ومؤسسات متفهمة لإعادة إعمار سوريا، الذي يقوم على مسارين:
المسار الأول: هو تعبئة موارد مالية آنية وفورية كبيرة قدر المستطاع لإغاثة السوريين في الداخل والخارج، ولدعم قوى الثورة المقاتلة ضد نظام الاستبداد، ودعم مؤسسات المجتمع لتعزيز صمود حاضنة الثورة.
المسار الثاني: هو في الاستعداد للإعمار مابعد الأسد، وهو جهد ضخم يتطلب وجود مظلة سياسية تتبناه أثناء الثورة، وسلطة للثورة بعد الانتصار.
وفي هذين المسارين نقوم حالياً، بجهد مهني بالتعاون مع بعض الدول الصديقة والمؤسسات المهتمة بموضوع إعمار سوريا، من خلال وضع الأسس القانونية والإدارية والمالية لآليات مؤسسية كبيرة تتكفّل بتعبئة موارد مالية ضخمة للمساهمة في المسارين الأول والثاني، وخاصة الثاني المتعلق بالمرحلة القادمة. ولأن الموضوع سيتم بإشراف ورعاية قيادة الائتلاف الوطني، فإننا لانستطيع الإفصاح عنه حالياً حتى يتبلور سياسياً وقانونياً. وسوف يتم الإعلان عنه قريباً جداً. وفيما إذا نفذ كما نخطط له، فإنه سيكون بمثابة نقلة مالية نوعية ستسهم بقوة في توفير أسباب انتصار الثورة.

ترك تعليق

التعليق