نسبة الإلتزام "مخزية" ولم تتجاوز 25%.."اقتصاد" تنشر كشف حساب بما نفذته الدول المانحة من تعهدات "مؤتمر الكويت"


غوتيريس: مستوى المعاناة والدمار لا يمكن تمويله بميزانيات المعونة الإنسانية المعتادة.

صندوق مواجهة الطوارئ في سوريا (ERF) استلم 36 مليون دولار

336 مليون دولار تم الالتزام بتقديمها كمساعدات إنسانية، ضخّت خارج قنوات المنظمات الأممية.

قطر الوحيدة التي تعهدت بتقديم 100 مليون دولار إلى الائتلاف الوطني مباشرة.

من غير المرجّح أن توجه الحكومة الإماراتية كثيراً من التمويل الذي تعهدت به، من خلال الأمم المتحدة.

منظمات خليجية غير حكومية، تعهدت بتقديم 183 مليون دولار لم تنجح حتى الآن بجمعه.

15 دولة أتمت دفع تعهداتها بالكامل نتيجة تخطيط مسبق.



قالت شبكة "إيرين" التابعة لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن مئات الملايين من الدولارات التي تعهدت بها دول خلال مؤتمر المانحين في الكويت، لم تصل بعد، في الوقت الذي تتحدث فيه وكالات المعونة العاملة في سوريا عن نيتها خفض برامجها بسبب نقص التمويل.
ولفتت "إيرين" إلى إعلان الكويت أنها خصصت رسمياً مبلغ 300 مليون دولار الذي وعدت بتقديمه إلى الشعب السوري، مشيرة إلى أنه لم يسبق أن ساهمت دولة خليجية من قبل بهذا القدر الكبير من المال من خلال القنوات المتعددة الأطراف سوى مرة واحدة فقط، عندما تبرعت السعودية بمبلغ 500 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي في عام 2008، وهو أكبر تبرّع نقدي على الإطلاق تم تقديمه إلى إحدى وكالات الأمم المتحدة.
وجاء إعلان الكويت بمثابة تنفيذ للتعهد الذي قطعته خلال مؤتمر دولي كبير عقد في 30 يناير الماضي في مدينة الكويت، وهو المؤتمر الذي شهد التعهد بمعونات إنسانية تفوق قيمتها 1.5 مليار دولار لمساعدة الشعب السوري

قنوات أخرى

وبوصول المخصصات الكويتية الأكبر من نوعها، يكون قد تم الالتزام بما يقرب من نصف الـ1.5 مليار دولار، فحتى 18 إبريل/ نيسان الجاري، تلقت المنظمات الإنسانية ما يقرب من 810 ملايين دولار، أو حوالي 52 بالمئة من التمويل المطلوب.
ولكن وعلى عكس حكومة الكويت يبدو أن حكومات أخرى تفضل تمويل مشروعاتها من خلال قنوات أخرى، وقد جرى تتبع 336 مليون دولار تم الالتزام بتقديمها كمساعدات إنسانية لمواجهة الأزمة السورية في عام 2013، وضخت خارج قنوات المنظمات الأممية المعنية بإغاثة الشعب السوري.
وتؤكد عدة مصادر أنه من غير المرجح أن توجه الحكومة الإماراتية كثيراً من التمويل الذي تعهدت به، أو أياً منه، من خلال الأمم المتحدة، وإنما ستقوم بدلاً من ذلك بإنفاق المال من خلال القنوات الإماراتية، بما في ذلك هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان وصندوق أبو ظبي للتنمية.
وتدير هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مخيماً جديداً للاجئين السوريين تم افتتاحه في الأردن الأسبوع الماضي، ووصفته مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بأنه مخيم "خمس نجوم". وصرح أحمد المزروعي، رئيس مجلس إدارة الهيئة، لصحيفة محلية بأن المخيم يعد بمثابة "دليل قوي" على الالتزام الذي تم قطعه خلال مؤتمر يناير، بعد أن أنفقت الهيئة أكثر من 50 مليون درهم إماراتي (13.6 مليون دولار) حتى الآن.
بينما قال سليمان التركي، من إدارة الشؤون المالية الدولية بوزارة المالية السعودية، أن مساهمة السعودية تم تخصيصها بالفعل لوكالات الأمم المتحدة واللجان والحملات الإغاثية السعودية، وهي منظمة غير حكومية محلية تنشط في البلدان التي تستضيف اللاجئين السوريين. وقد تسلمت الحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سوريا بالفعل بعض التمويل، كما أشار التركي، وتم صرف التمويل "على أساس الحاجة، وفقاً لتقييم الحملة الوطنية".

سر الإتمام السريع

أما ما يخص تعهدات مجموعة من المنظمات الخليجية غير الحكومية، والتي تعهدت بتقديم مبلغ إضافي قدره 183 مليون دولار أثناء مؤتمر الكويت، فهي لم تنجح حتى الآن بجمع كامل المبلغ، وفقاً لسليمان شمس الدين المدير العام للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وهي إحدى منظمات الائتلاف.
لكن عثمان الحجي، رئيس قسم الإغاثة في جمعية الإغاثة الكويتية، التي تتولى تنسيق الجهود، أوضح أن المنظمات غير الحكومية الخليجية قد بدأت بالفعل في تنفيذ المشاريع، موضحا أنه سيتم نشر خطة عمل كاملة قبل نهاية الشهرالجاري، تهدف جزئياً إلى دعم جهود جمع الأموال، وستركز على شهر رمضان الفضيل.
وبمعزل عن مؤتمر الكويت، أعلنت قطر أنها ستقدم 100 مليون دولار إلى وحدة تنسيق الدعم الإنساني، وهي ذراع المساعدات الإنسانية للائتلاف الوطني السوري.
وجاءت أكبر التعهدات المقدمة خلال مؤتمر الكويت، بعد الدول المانحة الخليجية، من الولايات المتحدة، والمكتب الإنساني للمجموعة الأوروبية (إيكو)، الذراع الإنسانية التابعة للمفوضية الأوروبية، والمملكة المتحدة، وقد أتمت كل منها تخصيص الأموال المتعهد بها بالكامل.
وأتمت 15 دولة أخرى دفع تعهداتها بالكامل، وهي: أستراليا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، الصين، فنلندا، ألمانيا، المجر، أيرلندا، اليابان، مالطا، منغوليا، هولندا، بولندا، وسلوفاكيا، وتعزى سرعة إتمام هذه الدول لتعهداتها إلى أن جزءاً منها خطط تمويله في وقت سابق، من أجل الإعلان عنه خلال المؤتمر.

الصندوق المجهول

وهناك أيضاً مصادر أخرى لتمويل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الساعية للاستجابة للأزمة السورية، بما في ذلك الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ الذي تديره الأمم المتحدة، والذي وافق لتوه على توفير20مليون و500 ألف دولار لاستخدامها من قبل وكالات الأمم المتحدة.
وقد تلقى صندوق مواجهة الطوارئ في سوريا (ERF) وهو صندوق آخر أنشئ في يونيو /حزيران الماضي، مبلغ 36 مليون دولار، من بينها 10 ملايين دولار لا تزال متاحة للاستخدام، في انتظار مقترحات المشاريع المقدمة من المنظمات غير الحكومية.
ويقوم صندوق مواجهة الطوارئ فقط بتمويل المشروعات الصغيرة قصيرة الأجل بحد أقصى 500 ألف دولار، بعد أن تستوفي معايير معينة، لكن العديد من المنظمات غير الحكومية المحلية لا تعرف عن هذا الصندوق أو لا تملك المهارات اللازمة لتقديم مقترحات مناسبة.

أما فيما يخص طرق تمويل المساعدات المخصصة فهي تخضع لإجراءات بيروقراطية كثيرة، إذ يجب أن يتم التفاوض على العقود، وتوقيعها والمصادقة عليها، وبناءً على كمية المال المتاح ودورات التمويل وبيروقراطية الجهة المانحة، يمكن أن تمر عدة أيام أو شهور من لحظة التصديق على التمويل إلى تحويل الأموال إلى حساب مصرفي.
ونادراً ما تحصل وكالات المعونة على ضمانات بتحقيق وعود التمويل في تاريخ محدد، وتمتلك العديد من الجهات المانحة، مثل المكتب الإنساني للجماعة الأوروبية، آليات منفصلة لتمويل الاستجابة لحالات الطوارئ تهدف إلى تسريع هذه العملية.
لكن نادراً ما يتم الوفاء بكامل التعهدات التي يتم قطعها في مؤتمرات المانحين، ومؤتمر الكويت لإغاثة السوريين ليس استثناء ضمن هذه المؤتمرات، فعلى سبيل المثال، من أصل 9 مليارات دولار تم التعهد بها لـ"هايتي" في مؤتمر عقد في مارس 2010، تم توفير 3.9 مليار دولار فقط بنهاية 2010، وفقاً لتحليل قام به مكتب المبعوث الخاص لـ"هايتي"، وبحلول عام 2012، وصلت المبالغ المتلقاة إلى 6.4 مليار دولار.
وفي المتوسط، تم تمويل النداءات الإنسانية السنوية التي تطلقها الأمم المتحدة بنسبة 66 بالمئة، خلال الفترة الواقعة بين عامي 2000 و2012.

صرفنا من الاحتياطات

أثناء انتظار الأموال في المراحل الأولى من حالة الطوارئ السورية، لجأت العديد من وكالات الأمم المتحدة التشغيلية الكبرى إلى الاحتياطات المالية الموجودة في مقارها، "وبذلك تكون قد جازفت في بعض الأحيان،" كما أشار منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي لسوريا رضوان نويصر في حيثه إلى شبكة "إيرين"، مضيفا: حتى بعد تلقي هذه الأموال، تعمل وكالات الأمم المتحدة الآن فوق طاقتها، ومحذرا من أن "لهذه الممارسة حدود ولا يمكنها استيعاب جميع الاحتياجات العاجلة".
وتابع: إذا لم يصل تمويل جديد على وجه السرعة، ستتعرض الاستجابة الإنسانية لتعطيل خطير.
ويوجد 4 ملايين نازح على الأقل داخل سوريا؛ وقد فقد ملايين الناس الآخرين وظائفهم ويعانون من زيادة أسعار المواد الغذائية، وعدم توافر الرعاية الصحية.

وقد قامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل أكثر من 1.4 مليون لاجئ سوري في الدول المجاورة، ويعتقد أن عدد اللاجئين غير الرسمي أعلى من ذلك بكثير. وبالإضافة إلى احتياجاتهم المتنامية، يشكل اللاجئون عبئاً هائلاً على المجتمعات المضيفة لهم في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، مع إمكانية زعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها.

وقد طالب رئيس مفوضية اللاجئين أنطونيو غوتيريس بإنشاء صندوق خاص يمكن للحكومات من خلاله أن تقدم دعماً أكثر استدامة للاجئين السوريين، والبلدان المضيفة لهم.
وبعبارات واضحة، قال غوتيريس: هذه ليست أزمة مثل أي أزمة أخرى، فقد وصل مداها وشدتها، ومستوى المعاناة والدمار إلى الحد الذي لا يمكن تمويله بميزانيات المعونة الإنسانية المعتادة.
لكن التمويل ليس هو العائق الوحيد أمام عملية الإغاثة في سوريا، فانعدام الأمن، ونقص المعلومات، والتصاريح العديدة المطلوبة من قبل كل من حكومة النظام والأمم المتحدة تفرض قيوداً أيضاً على توصيل المساعدات، إلا إن عدم كفاية التمويل يلعب دوراً هاماً.

نواقيس خطر

وقال رؤساء خمس وكالات تابعة للأمم المتحدة تتعاطى مع الأزمة في سوريا في مقال افتتاحي في صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي: لقد اقتربنا بشكل خطير، ربما في غضون أسابيع، من تعليق جزء من الدعم الإنساني.
وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بالفعل أنها سوف تضطر إلى تخفيض برامج مساعدات معينة داخل سوريا، بما في ذلك جهود التلقيح، والفرق الصحية المتنقلة، وتوفير المياه والأنشطة الترفيهية للأطفال، إذا لم تحصل على تمويل إضافي "في الأيام والأسابيع المقبلة".
وفي البلدان المجاورة، لن تكون يونيسف قادرة على توفير مياه الشرب والاستحمام أو المراحيض لعشرات الآلاف من اللاجئين، وسوف تضطر إلى وقف أنشطة التعليم لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين الذين يدرسون في المدارس الأردنية واللبنانية.
بينما تكافح مفوضية اللاجئين لدفع نفقات أشياء بسيطة مثل الإضاءة والبطانيات في بعض مخيمات اللاجئين، وترى المفوضية أنه دون الحصول على تمويل جديد، سيكون عليها الحد من التغطية الصحية التي تقدمها للاجئين في الوقت الحالي.
وأضافت: سيصبح من المستحيل على وكالات الأمم المتحدة توفير الغذاء والمياه النظيفة والتعليم والمأوى والرعاية الصحية للاجئين الجدد الذين يواصلون التدفق.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد اضطر في الماضي إلى خفض الحصص الغذائية للأشخاص داخل سوريا بسبب نقص التمويل، كما حذّر مؤخراً من أنه سيضطر إلى التوقف عن تقديم قسائم الغذاء إلى 400 ألف لاجئ في لبنان خلال شهر واحد، فضلاً عن خفض قيمة قسائم الطعام التي يقدمها إلى 175 ألف لاجئ في الأردن.
وعلق بانوس مومسيس، المنسق الإقليمي لشؤون اللاجئين السوريين في المفوضية: لقد سمعنا عن السخاء الهائل الذي تم الإعلان عنه في الكويت، ونود أن نرى ذلك يتحقق الآن. إن الاحتياجات تفوق ما نستطيع تلبيته، ولا نعرف إلى متى سنكون قادرين على الاستمرار، ما لم تحدث معجزة وتصل تبرعات كبيرة.

ترك تعليق

التعليق