مشاهدات لاجئ سوريّ بمصرزار العاصمة :دمشق مقفرة بعد التاسعة مساء ..وضواحيهامدن أشباح


 لا بضائع ولا أشغال والكثيرون يرغبون بالمغادرة لكنهم عاجزون عن تصفية أملاكهم

الأسعار خيالية.. جرزة البقدونس بـ 25 ليرة والبندورة بـ 150 ليرة واللحمة بـ 1800 ليرة

 تسع ساعات على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان
 
"دمشق في ضواحيها القريبة...مدينة أشباح منذ الخامسة عصراً"...هكذا وصف (ل، ح) مشاهداته الأخيرة في دمشق، في رحلة إليها بعد غياب دام بضعة أسابيع فقط.
 
ما الذي تغيّر في دمشق بعد غيابك القصير هذا؟
 
"لم يتغير الكثير، بل ازدادت الأمور سوءاً، في مشروع دمر، الضاحية القريبة من دمشق، والمحسوبة إدارياً عليها، يجب أن تُغادر باكراً...خرجت من زيارة لأحد أقاربي في التاسعة مساء، ففوجئت بانعدام تام في الحركة.....لا سيارات تكسي، ولا بشر في الطريق...كان قريبي قد أخبرني أن حركة السير تضعف للغاية منذ الخامسة عصراً، وأن علي أن أحذر في حال نزلت الشارع بعد هذا التوقيت....قضيت قرابة ثلث ساعة حتى مرت سيارة تكسي في الشارع الرئيسي في مشروع دمر، وابتزني السائق بـ 700 ليرة إلى قلب دمشق"
 
"في قلب دمشق، لا يختلف المشهد كثيراً،...في مكان قريب من فندق الشام، محلات الحلويات الشهيرة التي كانت تضيء شوارع دمشق، ويزينها روادها حتى أوقات متأخرة بعد منتصف الليل، مغلقة في معظمها منذ التاسعة، وكأقصى حد، العاشرة مساء".
 
هل تغيرت الأسعار؟
 
"كثيراً....إلى ارتفاع، ترتفع مع الدولار، ولا تنزل بنزوله....علماً أنني اشتريت دولار منذ ثلاثة أيام بـ 120ليرة، وعلمت اليوم أنه أصبح بـ 123....الأسعار خيالية....في أسواق دمشق الرئيسية، جرزة البقدونس بـ 25 ليرة، البندورة، رغم أنه موسمها، بـ 150 ليرة في بعض المحلات، واللحمة وصلت إلى 1800 ليرة للكيلو"
 
تتحدث عن قلب دمشق؟
 
"نعم،....الأسعار أصبحت غير طبيعية، وليست في متناول إلا قلّة قليلة للغاية من الناس....أخبرتني قريبتي في منطقة راقية نسبياً في دمشق أن تحضير طبخة (مجدرة) مع صحن سلطة كلفها قرابة الـ 500 ليرة،...دون شك الأسعار في الأسواق الشعبية أرخص...لكن ذلك لا ينفي أن بورصة الأسعار (مولعة)".
 
هل تلمست رغبة الكثيرين بالمغادرة؟
 
"نعم،...لكن معظم من بقي في العاصمة وضواحيها القريبة – الآمنة نسبياً- إما من الطبقة العاجزة عن المغادرة خارج البلاد لفقرها ومحدودية إمكانياتها المادية، أو من الطبقة الوسطى العليا التي حينما تسألها...لماذا لا تغادرون....يسألونك...من أين سنموّل إقامتنا في بلد آخر...نحتاج إلى دخل.....والدخل يحتاج إلى سيولة للعمل....والسيولة تحتاج إلى بيع للعقارات والأملاك العينية، وبيع هكذا أشياء أمر في غاية الصعوبة اليوم، فيندُر أن تجد من يشتري بيتاً أو أرضاً أو سيارة في دمشق اليوم، وإذا بعت فإنك ستخسر دون شك، وبفارق كبير،...لذلك من كان قد اختزن ثروته المحدودة في العقارات، يجد اليوم صعوبة كبيرة في المغادرة،...أما طبقة الأثرياء وتجار الأزمات ,فموضوع آخر , هؤلاء قادرون على المغادرة حالما يرغبون....إلى جانب أنهم يغتنون بفضل الأزمات الراهنة".
 
كيف رأيت الأسواق في العاصمة؟
 
"زرت سوق البزورية للتبضع، وكان في بالي مشروع لشراء بعض البضائع السورية المشهورة للإتجار بها في مصر، ففوجئت بنُدرة البضائع...سوق البزورية الذي كنت تجد صعوبة في التجول فيه بسبب امتداد البضائع خارج المحلات لأكثر من مترين أحياناً،...تجده اليوم مُقفراً، ويكتفي كل تاجر فيه ببضائع محدودة للبيع بالمفرق....وبعض صفقات (الجملة) النادرة...حاولت شراء بعض التحف والأنتيكات...لكن لا يوجد شيء مميز...بضائع قديمة يحاول التجار التخلص منها...لا شيء جديد يُماشي التطورات في الأسواق المجاورة..".
 
هل لاحظت أمراً مميزاً في رحلة عودتك؟
 
"أول شيء، انتشرت إشاعة بأن اشتباكات تحدث على الطريق الرئيسي المؤدي إلى الحدود السورية اللبنانية، وأن هناك احتمال لإغلاق بعض المعابر الحدودية مع لبنان...بسبب هذه الشائعة غادرت مبكراً، وبت ليلتين في لبنان، خشية أن أًحتجز في دمشق وأعجز عن المغادرة وقد تركت أسرتي في مصر....فُوجئت بأن أفواجاً من السوريين يفعلون مثلي....غادرت دمشق في السابعة صباحاً، ...لم أصل إلى بيروت إلا في الرابعة عصراً، أي تسع ساعات استغرقتني الرحلة من دمشق إلى بيروت قضيت معظمها على الحدود....
 
المعاملة من الجانب اللبناني سيئة للغاية....ساءت أكثر مما سبق، يتعامل الكثير من اللبنانيين معنا بحالة من الازدراء، خاصة الموظفين الحكوميين في المعبر الحدودي، وفي مطار بيروت...في العاصمة اللبنانية، رأيت السوريين يملؤون شارع الحمرا، أما الفقراء منهم فيملؤون المساجد، وينام بعضهم في الطرقات....مشهد السوريين في بيروت مؤلم، والفروق الطبقية بينهم أيضاً مؤلمة".
 
....المصرية للطيران سعيدة للغاية بنا، أكثر خطوطها ربحاً خط بيروت – القاهرة، حتى أنهم منحوني تخفيضات كبيرة لأنني أخذت تذكرة ذهاب – عودة، أخبرني موظف المصرية للطيران أن الرحلات من القاهرة إلى بيروت لا تمتلئ بالصورة المطلوبة، في حين هناك زحمة غير مسبوقة على الرحلات من بيروت إلى القاهرة....حصلت على تذكرة ذهاب وعودة فقط بـ 3100 جنيه، وهو رقم مخفض جداً...
 
في رحلة العودة من بيروت إلى القاهرة، اكتشفت أن الغالبية العظمى من ركوب الطائرة من السوريين، وأن غالبيتهم العظمى تتوجه إلى 6 أكتوبر قرب القاهرة....".
 
هل أخبرك سوريون عن أوضاعهم المعيشية في 6 أكتوبر قرب القاهرة؟
 
"نعم،...جزء كبير منهم لا يعمل، ويعتمد على مدخراته التي ينفقها، الإيجارات ارتفعت كثيراً، وفرص العمل ذات الدخل المرتفع محدودة للغاية، أما فرص العمل متدنية الأجر فهي متوافرة، لكن الراتب الشهري فيها يترواح بين 800 إلى 1000 جنيه، وهو رقم بخس للغاية، لا يمكن أن يعيل عائلة في مصر".
 
...يعتمد معظم السوريين هناك على السيولة التي خرجوا بها من سوريا، خاصة أن معظمهم من الطبقة الوسطى العليا تقريباً، أما الطبقات الفقيرة أو الوسطى الدنيا، فيعتمدون إما على العمل بدخل محدود أو على إعانات الجمعيات الخيرية ومنظمات الإغاثة المحلية والإسلامية والدولية".
 
هل تفكر بالعودة إلى دمشق؟
 
"لا،...لقد صفّيت كل أعمالي وأملاكي هناك...في دمشق لا يوجد عمل، وايضاً لا يوجد أمان..وإن كنت في مصر قد لا أجد عملاً، لكنني على الأقل سأجد حالة أمان مقبولة نسبياً، أحفظ فيها حياة عائلتي....لا يمكن أن أرجع إلى دمشق قبل أن تتغير الأوضاع جذرياً...ولا أتوقع أن ذلك قد يكون قريباً".
 

ترك تعليق

التعليق

  • اول شي بالنسبة للحكي يللي تفضل في الاخ، في كتير مبالغة انو قعد 9 صاعات عالطريق انا كل يومين بشتغل ع خط بيروت الشام بطلع كل يومين تقريبا ولا مرة اخد معي الطريق من دمشق ل مطار بيروت اكتر من 4 ساعات ك حد اعلى و ساعتين و نص كحد ادنى، شي تاني بخصوص الطريق طريق كتير امن، انا حبيت احكي هالشي لأنو اغلب الزباين يللي بيطلعو معي بقولو انو قالولنا كتير في عجأة عالحدود الا انو هي مجرد اشاعة فارغة و، و بخصوص المعاملة السيئة من الموظفين، انت شوف مستوى الناس لي عم تهاجر ل لبنان الله يعنيها الجماعة مهجرين بس الفكرة انو في جهل و قلة ثقافة و قلة حضارة للأسف ف بعتقد ما فيك تتعامل معن بحضارة لأنو مش ممكن انو يفهموها للأسف ، الله يفرج عن الشعب السوري امين ليرجع ع بلدو احسن شي