بسبب مياه الشرب الملوثة ..الموت البطيء يلاحق اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري!


تحولت مياه الشرب في مخيم الزعتري مع دخول فصل الصيف إلى وسيلة للموت البطيء تهدد آلاف اللاجئين السوريين لعدم توفر أبسط معايير الصحة والسلامة في هذه المياه التي يتم تزويد المخيم بها من خلال صهاريج مكشوفة وغير نظيفة من الداخل مما سبب العديد من حالات التسمم لبعض اللاجئين الذين أُصيبوا بأعراض معوية بشكل مفاجىء منذ أيام، ولم يتم بيان أسباب التسمم جرّاء الفحوصات المخبرية التي أُجريت، إلا أن هناك اشتباهاً أولياً بأن يكون ناجماً عن المياه الملوثة التي يتم نقلها من آبار قريبة من المخيم.

وكان عدد من الخبراء البيئيين قد حذر من تلوث آبار المياه الجوفية التي تغذي محطة الزعتري والتي تعتبر من أهم مصادر المياه لمحافظات شمال المملكة، بسبب عدم وجود شبكة صرف صحي داخل مخيم الزعتري، وقال هؤلاء إن الحكومة لم تقم بأية إجراءات لمنع تلوث المياه الجوفية عبر وضع أساسات للحفر الامتصاصية وتنظيم شبكة الصرف الصحي داخل المخيم الذي يقطنه عشرات الالاف من اللاجئين، واصفين التقصير الحكومي بـ'استهتار' بمصادر المياه وصحة أبناء الشعب الأردني واللاجئين السوريين على حد سواء. و" تلوث المياه ليست مشكلة اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري وحدهم" - بحسب المستشار الدولي في شؤون البيئة الدكتور"سفيان التل" –الذي أكد أيضاً أن "معظم آبار المياه في الأردن ملوثة نتيجة لعدم وضع خطط سليمة من قبل الدولة، مما أدى الى تفاقم مشكلة المياه وتلوثها، وعدم توفر بنية تحتية لشبكات الصرف الصحي أدى إلى تلوث كثير من آبار المياه في مختلف القرى ومناطق المملكة".

طعم مرّ ورائحة كريهة
تختلف أنواع المياه التي يُزوّد بها المخيم بحسب اللاجىء أحمد الهليل "فهناك مياه صفراء داكنة اللون ذات طعم مرّ، وهناك مياه كالحة ذات لون أبيض وبعد أن "تركد" تظهر في أسفلها قطع سوداء تشبه الفحم تصبح بعد غليها ذات طعم مر ورائحة كريهة، لا يجرؤ أحد من سكان المخيم على تقديمها لأطفاله نهائياً، لأنها تسبب لهم إسهالاً شديداً وجفافاً وارتفاع حرارة في الجسم كله، وقد أُصيب الكثير من أطفال المخيم الذين تناولوا هذه المياه بهذه الحالات فعلاً، ويؤكد أحمد الهليل أن المياه في الزعتري غير صالحة حتى لغسيل الجسم فهي تحرق الجلد بعد تكرار الغسيل بها، ويقول اللاجىء "محمود الشيخ: "أنا شخصياً أصبت بإمساك شديد والتهاب أمعاء بسبب المياه التي كنت أتناولها مضطراً لعدم وجود بديل لها" ويضيف: "إن أغلب حالات التهاب الأمعاء التي يكون سببها المياه الملوثة لا يتم علاجها في المشافي الموجودة في المخيم كالمشفى المغربي وغيره، وعندما يراجع المصاب ويصفون له دواء معيناً يُفاجَأ بأن الدواء غير موجود في الصيدلية وكأن الأمر مقصود، وإلا كيف يمكن أن نفهم عدم وجود أدوية من هذا النوع في مخيم يتعرض سكانه لكل أنواع التلوث والإصابات.
 
مياه الحمامات للشرب...!
يأبى معظم اللاجئين شرب مياه الخزانات، ويقتصرون في استخدامها على الاستحمام والغسيل فقط منتظرين الهيئات الخيرية والمتبرعين الذين يقومون بتزويد المخيم بزجاجات مياه معدنية "نظيفة" بين الفينة والأخرى ويعبئون زجاجات منها ويضعوها في الخيمة للحالات الاضطرارية، في حال انقطع إمداد المتبرعين بالمياه المعدنية، لأن "مياه الحمامات هي نفسها المياه المخصصة للشرب لذلك لا نشرب منها حتى ولو كنا عطشى ونضطر لانتظار متبرعي المياه الذين يأتون كل 5 أيام أو أسبوع كما يقول أحدهم.

مدير الاتصال والإعلام في منظمة اليونيسيف "سمير بدران" نفى نفياً قاطعاً أن تكون مياه الزعتري غير صالحة للشرب. مؤكداً أنها صالحة 100 %، وأن لا صهريج يفرّغ حمولته من المياه في خزانات المخيم بدون فحص مياهه. وتابع المسؤول في المنظمة الأممية "منذ افتتاح المخيم، يتم فحص المياه دورياً، ويتولى أشخاص تحديد كمية المياه التي دخلت ونسبة الملوحة فيها، وذلك بعد أن تفرغ الصهاريج حمولتها في نقاط معينة، ومن ثم تنقل إلى خزانات أصغر بجانب الخيام". وأضاف بدران قائلاً: "لو أن المياه فعلاً غير صالحة للشرب، لشهدنا إصابات أو أمراضاً مثل الكوليرا والأمراض المرتبطة عادة بالمياه الملوثة". 

فيما أكد عدد من سكان المخيم الذين التقتهم "اقتصاد" أن هذا الكلام عار عن الصحة إذ إن الصهاريج التي تملأ حمولتها من أربعة آبار قريبة من المخيم ويتم تفريغها في خزانات بلاستيكية ضخمة تفتقر إلى الرقابة، وأنهم لم يروا أحداً من القيّمين على المخيم أو المراقبين الصحيين يقومون بفحص مياه هذه الخزانات أوتعقيمها.

ترك تعليق

التعليق