بوظة "بكداش" من دمشق إلى عمّان حتى سقوط النظام

يخال المرء نفسه في سوق الحميدية بدمشق: ففي خضم الحرب التي يشنها النظام على شعبه  نقل متجر البوظة السوري الشهير بكداش محله إلى عمان وسط ترحيب اللاجئين السوريين الذين يحنون إلى سوريا ما قبل الحرب.

فتح المحل أبوابه في العاصمة الاْردنية في 2 اْيار/مايو بعد شراء اْردني امتيازه ليذكر باْجواء دمشق القديمة بديكوراته المستوحاة من سوقها الشعبية التي تعتبر من اْقدم اْسواق العالم العربي.

وبهون خشبي كبير يقوم شابان لفا رأسيهما بمنديل اْبيض بدق البوظة المصنوعة من الحليب والفانيليا واللبان العربي (المسكة) والسحلب، وهي مواد مستوردة كلها مباشرة من دمشق.

وتجذب وتيرة الدق حشداً من الفضوليين. وبعد تحول البوظة إلى معجون طري يتم تقديمه في اْكواب كرتونية بعد إضافة الفستق الحلبي إليها.

وقال سليمان مهنا اْستاذ الهندسة المعمارية السوري الذي يحاضر في دمشق وعمان "اْنا متاْثر جداً، لقد نقلوا إليها اْجواء دمشق".

وتابع الرجل وهو من سكان حي باب توما المسيحي "في الوقت نفسه تذكر (سوريا) يحزنني، اليوم لا اْفكر إلا ببلادي. اْصلي كل دقيقة لعودة الامل"، وهو يتاْمل الجدران التي تشبه باْلوانها الدور الدمشقية التراثية.

في هذا اليوم ملأ زبائن اْردنيون طاولات المحل الذي يبقى مكتظاً على الدوام. ويؤكد جنوب المدير الاْردني لفرانس برس اْن 60 الى 70% من الزبائن سوريون والكثيرون منهم فروا من بلادهم.

وقال الشاب البالغ 25 عاماً "اْنهم متاْثرون، لقد شاهدت اْكثر من مرة نساء كبيرات في السن يبكين".
واْفاد محمد السوري البالغ 24 عاماً ذو الوجه الجدي وهو يصب البوظة "يقولون لي إنهم يشعرون برائحة دمشق هنا، ويرغبون كثيراً في العودة".

وهو كان قبل ستة اْسابيع فحسب يعمل لدى بكداش في دمشق الذي ما زال فاتحاً اْبوابه بالرغم من الحرب.
واْضاف بصوت رصين "لم يعد الاْمر كالسابق، فالوضع يزداد سوءا. هنا كاْننا في ديارنا لكنها ليست دمشق".
ومحل بكداش اْكثر من متجر لبيع البوظة، فهو يحمل تقاليد تعود الى 1895، اي 118 عاماً من عراقة الخبرة التي تشكل موضع فخر للدمشقيين.

وفيما يحاول فرع عمان إحضار البوظة من دمشق وتوظيف اْكثرية من السوريين للحفاظ على "طابع" البلاد، فإن عملية الشحن تنطوي على مجازفات.

ويوضح جنوب أن "70% من البوظة تصنع في سوق الحميدية وتنقل في شاحنات مثلجة كل بضعة اْيام".
وتابع "كله رهن بطرقات سوريا. مع الحرب الاْمر صعب: فتارة هناك الجيش السوري الحر واْخرى الجيش النظامي واْحياناً عصابات إجرامية".

وتنطلق قافلة الحاويات من دمشق وتعبر السويداء ثم درعا  قبل اجتياز الحدود الاْردنية محاولة "تجنب المناطق التي تتعرض للقصف".

وفيما اْتى اثنان من عمال بكداش في دمشق إلى عمان للعمل فإن العمال الآخرين بحسب جنوب من اللاجئين اْو الشباب الذين فروا من الخدمة العسكرية الإلزامية.

من هؤلاء كريم الشاب المتحدر من حمص.

واْوضح كريم بخجل فيما علت وجهه ابتسامات نادرة "غادرت سوريا في تموز/يوليو عندما بلغت التاسعة عشرة، لم اْرغب في القتال في صفوف الجيش".

واْضاف "ما زال اْهلي هناك، شاهدت ثلاثة من اْقاربي يقتلون اْمام عيني".

فيما يتلذذ الزبائن بالمثلجات يروي كريم قصته المريرة المشابهة لقصص آخرين كثر منذ انطلاق الانتفاضة ضد النظام  السوري .

وروى "قال لي شقيقي البالغ 24 عاماً "على اْحدنا مقاتلة النظام" وتابع "ذهب هو وبقيت اْنا هنا".

وعوضا عن القتال مع المعارضة بات متدرباً على صنع البوظة ونادلا لدى بكداش عمان في شارع المدينة المنورة الذي تحول إلى "سوريا الصغيرة" مع تعدد المطاعم والمحال التي يديرها سوريون.

لكن الكل يرددون الكلمة نفسها: "ما إن يسقط النظام سنعود الى سوريا".

تابع الصور...


اقتصاد واكبت افتتاح "بكداش"في عمان

نكهة التجارة الشامية ..وبوظة "بكداش" بوسط عمان 

تجارة الشوام بنكهتهم التاريخية تحضر بشوارع عمان مرافقة كالمعتاد بالعراضة الشامية وتشجع قرينتها الحلبية بغياب ملحوظ لنكهة السياسة الحاضرة اينما حل السوريين  المزيد

ترك تعليق

التعليق